أسبوع الجزائر.. حملات انتخابية تواجه بالعزوف والتصعيد والتحذير
انطلاق الحملة الانتخابية بوعود المرشحين بالتغيير والمظاهرات الليلية وانقسام الشارع بين التصعيد والتحذير منه.. أبرز أحداث أسبوع الجزائر
شكّل الأسبوع المنتهي منعرجاً حاسماً في عمر الأزمة السياسية بالجزائر التي دخلت شهرها التاسع، مع انتقال المحتجين على إجراء الانتخابات الرئاسية من موقع الصمت للاحتجاج.
وتتأهب الجزائر لإجراء انتخابات في 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل، يتنافس فيها 5 مرشحين، وسط رفض واسع في الشارع بسبب ما يقولون إنه "إعادة إنتاج للنظام القديم".
- أسبوع الجزائر.. مكائد إخوانية وموازنة تقشفية وتحضيرات انتخابية
- الجزائر في أسبوع.. انفراج أزمة القضاة وجدل حول مرشحي الرئاسة
وانطلقت الحملات الانتخابية بميثاق أخلاقيات، لينتشر المرشحون الخمسة بين مختلف المحافظات، وتبدأ معها أجواء مشحونة غير مسبوقة محيطة بأهم استحقاق انتخابي في البلاد، ووجد الطامحون في كرسي "المرادية" (قصر الرئاسة) أنفسهم أمام مهمة صعبة ومعقدة.
وعلى مدار أسبوع كامل، اختلط على المرشحين الخمسة الهدف من تلك الحملة الانتخابية، بين شرح البرامج الانتخابية أو جذب الأصوات أو إقناع الجزائريين بـ"عدم المقاطعة"، وسط تصعيد من بعض أطراف المعارضة بمظاهرات ليلية واعتراض التجمعات الانتخابية، مع تحذير رسمي وشعبي من تكرر السيناريو ذاته الذي حيك في التسعينيات: "تحول العرس الديمقراطي إلى مأتم جماعي".
وتشير التحذيرات إلى ما عرف بالعشرية السوداء حينما ألغيت نتائج الانتخابات البرلمانية عام 1992 ودخلت البلاد في صراع دموي بين السلطات والتنظيمات المسلحة خلّفت عشرات آلاف القتلى.
وعود وعزوف
ودشن المرشحون الخمسة لانتخابات الرئاسة الجزائرية حملاتهم الانتخابية، يوم الأحد الماضي، حيث حظيت فيها محافظات الجنوب بالاهتمام، لحسابات انتخابية مختلفة، بين الاستثمار في التهميش الذي تعانيه تلك المناطق، وتجنب حرج "المطاردة الشعبية" للمرشحين في المدن الرئيسية كما حدث مع عدد منهم.
وطوال الأيام السبعة للأسبوع المنصرم، تسابق المرشحون بالكشف عن برامجهم الانتخابية، بوعود مختلفة عن الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكن خطابهم لم يخرج عن "قاعدة الخطابات الشعبوية" المعروفة في الانتخابات الجزائرية، أو تقديم أنفسهم "ضحايا لنظام بوتفليقة" وفق قراءة المتابعين للأسبوع الأول من الحملة الانتخابية.
ويبدو أن الـ21 يوماً المخصصة للحملة الانتخابية "ستكون الأطول والأكثر مشقة" للمرشحين الخمسة المجبرين على القيام بجولات مكوكية إلى "المحافظات الـ48" بحسب المراقبين، بعد أن انقضى أسبوعها الأول على وقع عزوف شعبي في القاعات "المغلقة"، وحضور شعبي خارجها لكن من نوع آخر.
وانتقل الرافضون لإجراء الانتخابات الرئاسية من ساحات المظاهرات إلى التجمعات الانتخابية لإسماع أصواتهم الرافضة للمسار الانتخابي في عدد من المحافظات، وسط تعزيزات أمنية مشددة، ولجوء بعض المرشحين إلى الاستعانة بحرس خاص.
كما أعلن بعض رؤساء البلديات في محافظات منطقة القبائل رفضهم الإشراف على تنظيم الانتخابات، وهو ما يعني قانونياً عدم إجرائها في تلك المناطق.
تصعيد وتحذير
ولم يسبق وأن شهدت الحملة الانتخابية في الجزائر تلك الأجواء المشحونة، فلم يعد العزوف الشعبي عن سماع وعود المرشحين أو مقاطعة الانتخابات سمتها الأبرز أو كما أسماه خبراء بـ"الموقف الصامت".
وسجل الأسبوع الماضي حالة استثنائية في تجارب الحملات الانتخابية، بعد أن "نطق الناخب الصامت"، واختار البعض المظاهرات ليكون "قوة رفض للانتخابات"، والبعض الآخر رفض الانتخابات باعتراض المرشحين وداعميهم ليكون "قوة تعطيل" كما ذكر خبراء لـ"العين الإخبارية"، في حين حذر آخرون من أساليب تعبير يقولون إنها "تخدم مصالح العصابة".
ومع انطلاق الحملة الانتخابية، وجدت دعوات التصعيد لمعارضين جزائريين مقيمين في أوروبا بعض الصدى في الشارع الجزائري، والتي تهدف بحسبهم إلى "الضغط على السلطات الجزائرية لإلغاء الانتخابات والذهاب في مرحلة انتقالية لا يكون فيها مكان لرموز نظام بوتفليقة".
حيث اعترض عدد من الرافضين للانتخابات المرشحين في عدد من المحافظات، بهتافات "تخوين للمرشحين"، ورافضة للانتخابات، قبل أن يعتقل الأمن عدداً منهم، وتصدر أحكام ضدهم بين 6 أشهر إلى عامين حبساً بتهمة "عرقلة العملية الانتخابية".
وفي الوقت الذي شرع فيه المعارضون في حشد الجزائريين لما أسموه "جمعة الزحف على العاصمة يوم 6 ديسمبر/كانون الأول المقبل"، شهدت العاصمة الجزائرية في اليومين الأخيرين من الأسبوع المنتهي، خروج مظاهرات ليلية بشعارات محدودة: "لا انتخابات مع العصابات" و"دولة مدنية وليست عسكرية".
معطيات زادت وفق المتابعين من انقسام الشارع الجزائري وضبابية المشهد ومستقبل الأزمة، لكنها في الوقت نفسه أثارت مخاوف جزء كبير من المؤيدين والرافضين للانتخابات، الذين أجمعوا على التحذير من خطورة المظاهرات الليلية، في ظل احتمالات خروجها عن السلمية وتحولها إلى أعمال عنف.
واتهم مثقفون ومواطنون "شبكة الدولة العميقة" وأطرافاً أجنبية بـ"تسريع الأحداث بشكل غير بريء، بعد أن فشلت جميع المخططات في العودة إلى دواليب الحكم أو التأثير فيه" على حد قولهم.
كما أنتجت الأزمة السياسية الجزائرية، وفق الخبراء، "ظاهرة خطرة" تمثلت في "فرض الجهات التي تقف وراء رفض الانتخابات موقفها على الناخبين، رغم انتقادها لما تراه فرضاً للانتخابات من قبل السلطات".
ولم يجد المرشحون أمام ذلك التصعيد إلا دعوات الرافضين لتقديم حلول أخرى تجنب الجزائر الأسوأ.
وكانت مواقع التواصل الاجتماعي "سلاح كل طرف" في "توجيه" الجزائريين، بين دعوتهم إلى التصعيد والعصيان المدني والإضراب العام ومقاطعة الانتخابات، وبين محذر من "مزيد من اختراق الحراك من مندسين قد تقلب الأوضاع كما حدث في دول عربية"، أو "رفع شعارات قد تكون فخاً محكماً للحراك".
ووسط كل ذلك، أجمع المتابعون على أن أسبوع الجزائر المنتهي أبان عن وضع مريب ومعقد، لم يعد يعرف معه إن كانت الانتخابات الرئاسية حلاً أو بداية حل للأزمة السياسية أو تعقيداً لها.، ولم يجد المتخوفون على مستقبل بلادهم إلا التساؤل: "ما الحل؟".
ويبدو أن تلك الخطورة وذلك التعقيد هما اللذان دفع قائد أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح ليطمئن الجزائريين بإعلانه عن اتخاذ السلطات والأجهزة الأمنية "كافة الإجراءات التي تحفظ للشعب أمنه واستقراره"، ما "يؤكد" بحسب الخبراء الأمنيين والمراقبين "خطورة الوضع مقابل إمكانية تحكم الدولة في أي انزلاقات مخطط لها قد تحدث".
aXA6IDMuMTQ3LjI3LjEyOSA=
جزيرة ام اند امز