أسبوع الجزائر.. أزمة دبلوماسية مع أوروبا وترقب لمحاكمة رموز بوتفليقة
الرد "الشديد" على لائحة إدانة أوروبية وتواصل الحملة الانتخابية وترقب أول محاكمة علنية لرموز بوتفليقة كانت أبرز أحداث أسبوع الجزائر.
انقضت 7 أيام من أسبوع الجزائر مليئة بالأحداث المتعاقبة، أبرزها أزمة دبلوماسية مع الاتحاد الأوروبي، وحملات انتخابية عدها مراقبون "باهتة في الحضور والاهتمام الشعبي" وسط تراقب لأول محاكمة علنية لرموز الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
- أسبوع الجزائر.. حملات انتخابية تواجه بالعزوف والتصعيد والتحذير
- أسبوع الجزائر.. مكائد إخوانية وموازنة تقشفية وتحضيرات انتخابية
وتصدرت إدانة البرلمان الأوروبي لما وصفه بـ"الاعتقالات التعسفية وغير القانونية" أكثر الأحداث البارزة حيث قوبلت بردود فعل رسمية مستهجنة و"بلهجة شديدة غير مسبوقة" في خطاب الدبلوماسية الجزائرية مع "الشريك الأوروبي".
وفي الشأن الداخلي، تواصلت الحملة الانتخابية للمرشحين الخمسة ومعها "إعطاء المرشحين مزيدا من الوعود أينما حلوا" مع استمرار العزوف الشعبي لتجمعاتهم، في مقابل إصرار متظاهرين على إلغائها، وتوقعات بـ"انقلاب الموازين الانتخابية" بعد "أول محاكمة علنية لرموز نظام بوتفليقة" الإثنين المقبل.
أوروبا للجزائر: نريد حرية معتقد وتعبير "فوراً"
دخلت العلاقات مع الاتحاد الأوروبي في أزمة دبلوماسية "حادة" عقب اللائحة التي أصدرها البرلمان الأوروبي وأدانت الجزائر للمرة الأولى منذ بدء الأزمة السياسية قبل 9 أشهر.
وأعرب النواب الأوروبيون عن "قلقهم" لوضعية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في الجزائر، ونددوا بما سموه "الاعتقالات التعسفية وغير القانونية التي طالت نشطاء سياسيين وحقوقيين وصحفيين ومتظاهرين وحاملي الراية الأمازيغية" من المظاهرات الرافضة للانتخابات الرئاسية أو من الاحتجاجات "المعرقلة للعملية الانتخابية".
ووجه البرلمان الأوروبي جملة من المطالب رأت فيها الجزائر "استفزازاً وتدخلاً سافراً في شؤونها الداخلية"، بينها "تغيير القوانين التي تحد من حرية المعتقد والصحافة، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المتهمين بممارستهم لحقهم في حرية التعبير".
الجزائر لأوروبا: تحريض لأجندة الفوضى
لهجة البرلمان الأوروبي "المفاجئة وغير المسبوقة" تجاه الجزائر، قابلتها السلطات بردود فعل بدأت "مستنكرة ومقتنعة من فشلها" كما قالت، قبل أن تخرج الخارجية ببيان أجمع مراقبون على أن "لهجته الشديدة غير مسبوقة في قاموس الدبلوماسية"، وحمل رسائل "قوية"، أبرزها "إعادة النظر في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي".
وهددت الجزائر عبر بيان صادر عن وزارة خارجيتها حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، بـ"إعادة النظر الشامل والدقيق في علاقاتها مع كل مؤسسات الاتحاد الأوروبي".
وذكر البيان أن "الجزائر تحتفظ لنفسها بالحق في مباشرة تقييم شامل ودقيق لعلاقاتها مع كل المؤسسات الأوروبية قياساً بما توليه هذه المؤسسات فعلياً لقيم حسن الجوار والحوار الصريح والتعاون القائمين على الاحترام المتبادل".
البيان وصف لائحة البرلمان الأوروبي بـ"التدخل الوقح ودون حياء من قبل نواب متعددي المشارب وفاقدي الانسجام"، ولمح إلى أنها "غير بريئة في توقيتها كونها جاءت في وقت يستعد فيه الجزائريون لانتخاب رئيس جديد للبلاد بكل ديمقراطية وشفافية".
وفي موقف لافت وغير مسبوق، اتهمت وزارة الخارجية الجزائرية البرلمان الأوروبي بـ"التحريض والترويج المفضوح لأجندة الفوضى المقصودة التي سبق تنفيذها للأسف في كثير من الدول الشقيقة".
كما انتقدت طلب النواب الأوروبيين من نظرائهم في الجزائر تغيير قوانين حرية المعتقد والصحافة، وشددت على أن "هؤلاء النواب ذهبوا إلى منح أنفسهم دون عفة ولا حياء الحق في مطالبة البرلمان بتغيير القوانين التي اعتمدها نوابه بكل سيادة".
واتهمت الخارجية البرلمان الأوروبي بـ"ازدراء المؤسسات الجزائرية وآليات التشاور الثنائي التي نص عليها اتفاق الشراكة بما فيها تلك المتعلقة بالمجال البرلماني".
وأصدر البرلمان العربي، الجمعة، بياناً أعرب فيه عن رفضه القاطع قرار البرلمان الأوروبي المدين للجزائر في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة، مؤكداً تضامنه معها "في المرحلة الدقيقة التي تمر بها".
وأعرب البرلمان العربي عن رفضه التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للجزائر العضوة في البرلمان، مشدداً على أن لائحة الاتحاد الأوروبي "تتناقض مع مبادئ الأمم المتحدة بشأن عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وإعلان مبادئ القانون الدولي بشأن العلاقات الودية والتعاون بين الدول"، ويتعارض مع مبدأ حسن الجوار بين الدول العربية والأوروبية.
وأكد رئيس البرلمان العربي الدكتور مشعل بن فهم السلمي أن الجزائر "دولة موقعة على المواثيق الدولية والعربية لحقوق الإنسان، وملتزمة برفع تقارير دورية عن حالة حقوق الإنسان والحريات الأساسية وإلى مجلس حقوق الانسان التابع لمنظمة الامم المتحدة، وإلى لجنة حقوق الإنسان العربية ممثلة في لجنة الميثاق بجامعة الدول العربية".
شراكة مهددة
وارتبطت الجزائر والاتحاد الأوروبي منذ 2005 باتفاق "شراكة اقتصادية استراتيجية" الذي اندرج حينها في إطار ما كان يعرف بـ"مشوار برشلونة 1995" بهدف تطوير علاقات التعاون بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط.
ويحتل الاتحاد الأوروبي "مجتمعاً" صدارة شركاء الجزائر التجاريين، حيث تستورد الجزائر 44% من حاجاتها منه، في حين تحتل الصين المرتبة الأولى من بين الدول المصدرة للجزائر بنحو 20 %، ثم فرنسا وإيطاليا.
وسعت الجزائر إلى تغيير بنود اتفاق الشراكة مع الأوروبيين منذ 2017، بسبب ما تعدّه "إجحافاً في حقها" خصوصا أن توقيعه تم في ظروف اقتصادية وسياسية وأمنية صعبة مرت بها الجزائر، بينما رفض الاتحاد الأوروبي ذلك مراراً، مرجعاً ذلك إلى وجود بنود أخرى "تمنع على الشريك تغيير بنود الاتفاق".
ويقول خبراء اقتصاديون في الجزائر إن اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي نموذج "لشراكة رابح من الاتجاه الواحد"، لما تخسره الجزائر سنوياً من مبالغ ضخمة قدرت بنحو 8 مليارات دولار سنوياً بسبب اتفاق التجارة الحرة.
ويعود ذلك، وفق خبراء اقتصاديين، إلى "تفكيك الحواجز الجمركية الذي أدى إلى تقديم تنازلات أحادية الطرف من الجزائر"، كان الاتحاد الأوروبي الجهة المستفيدة الوحيدة دون مقابل ملموس للجزائر، بشكل جعل السوق مفتوحاً بشكل كلي للمنتجات والسلع الأوروبية.
انتخابات مهددة وانقسام متواصل
لم يتبق من عمر الحملة الانتخابية إلا نحو أسبوع منها، بعد أن انقضى منها 13 يوماً، واصل خلالها المرشحون الخمسة لانتخابات الرئاسة التي ستجرى في 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل شرح برامجهم الانتخابية "في قاعات مغلقة" بعضها "شبه فارغ" وبعض مناطقها عرف مزيداً من الرفض الشعبي واستمرار المظاهرات الشعبية المطالبة بإلغائها.
وتحدث الإعلام المحلي عن حدوث مناوشات بين محتجين وقوات الشرطة أدت إلى وقوع إصابات من الطرفين على هامش تجمع انتخابي لرئيس "حزب طلائع الحريات" علي بن فليس بمحافظة البويرة، الثلاثاء الماضي، بعد رشق المحتجين الشرطة بأحجار رد عليها الأمن بالقنابل المسيلة للدموع.
وبالتوازي مع ذلك، كشف وزير العدل الجزائري بلقاسم زغماتي عن "محاكمة علنية" لرموز نظام عبد العزيز بوتفليقة الإثنين المقبل في قضايا فساد هي الأولى من نوعها في تاريخ الجزائر، أبرزهم رئيسا الوزراء السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال.
وتوقع المتابعون للشأن السياسي في الجزائر أن "تقلب" المحاكمة العلنية "المعادلة السياسية رأساً على عقب"، كونها تُظهر للمرة الأولى شخصيات نافذة وبارزة طوال أكثر من عشريتين "وراء القضبان".
بالإضافة إلى ما سيكشف عنه المتهمون من حقائق "يسمعها الجزائريون على لسانهم وليس عبر الإعلام" كما كان يحدث دائماً، وهي الحقائق التي يقول مراقبون إنها "ستعيد جزءا من ثقة الشارع المشكك والمنقسم حول كيفية حل الأزمة السياسية"، و"تعيد الاعتبار لحراك شعبي زلزل المشهد السياسي بعد أن أدخل أسوأ ما فيه إلى السجون، وعرى زيف شعارات من بقي منهم وأسقط أقنعتهم المتلونة على رأسهم التيارات الإخوانية المتشرذمة بين الحراك والانتخابات"، وفق خبراء لـ"العين الإخبارية".