خبراء: أجندة شيطانية مشبوهة لإخوان الجزائر حول الانتخابات
مواقف تيار الإخوان من الانتخابات وصفها متابعون بـ"انتهازية الإخوان المعهودة" في المواعيد الانتخابية.
صنعت المواقف "المتنافرة" للتيارات الإخوانية من انتخابات الرئاسة الجزائرية "الاستثناء" بين جميع مواقف الطبقة السياسية التي صدر عنها مواقف صريحة وواضحة بين المشاركة والمقاطعة ودعم واحد من المرشحين الخمسة.
- خبيران: لجنة الانتخابات بالجزائر ستكشف "حجم الإخوان"
- جزائريون يطردون مرشحا إخوانيا من محافظتهم جنوبي البلاد
واختارت تيار الإخوان الـ"التشرذم" بمواقف وصفها متابعون بـ"الغريبة والخاصة فقط بالإخوان" والمنسجمة وفق تصريحات خبراء لـ"العين الإخبارية" مع "انتهازية الإخوان المعهودة" في المواعيد الانتخابية.
ويوجد في الجزائر 5 حركات تنتمي بشكل أو بآخر لتيار الإخوان، بعضها منشق عن أخرى، وهي: "حركة البناء" المنشقة عن "حركة مجتمع السلم"، و"جبهة العدالة والتنمية" المنشقة عن تياري "النهضة" بالإضافة إلى "الإصلاح".
وبعد أن أسهم الحراك الشعبي المتواصل في عزل تيار الإخوان كما أكدته الأحداث بعدما عجزت عن مجاراة التحولات السياسية التي تعيشها الجزائر بفعل خطاباتها "البعيدة عن واقع الجزائريين وتركيزها على المصالح الضيقة بأي شكل من الأشكال" كما يرى كثيرون.
فقد "انتشر" إخوان الجزائر في المشهد السياسي الحالي بـ"غالبية المواقف السياسية في وقت واحد" حول انتخابات 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل، بـ"رِجل في الانتخابات، وأخرى في رفض المشاركة فيها، ومسك العصا من منتصفها: مغازلة الحراك والانتخابات".
وأثارت تلك المواقف الغامضة ضبابية عند الجزائريين، وتساءل كثيرون إن كانت تلك المواقف "المنسجمة مع انتهازيتهم وغير المنسجمة مع واقع الأزمة السياسية" تترجم ارتباكا في البيت الإخواني؟ أم هي نتيجة حتمية للصراعات القديمة بين القيادات الإخوانية حول "الزعامة"؟ بينما عدها آخرون "خطة شيطانية وأجندة مشبوهة للتموقع في جميع زوايا المشهد القادم باختراق النظام السياسي والحراك الشعبي".
ومن أصل 5 حركات تنتمي لتيار الإخوان، اختارت 3 منها "عدم مقاطعة الانتخابات"، حيث رشحت ما يعرف بـ"حركة البناء" رئيسها عبدالقادر بن قرينة لانتخابات الرئاسة، وقررت ما يعرف بـ"حركة الإصلاح" دعم المرشح المستقل عبدالمجيد تبون، بينما قررت ما يعرف بـ"حركة النهضة" تأجيل الإفصاح عن المرشح الذي ستدعمه إلى وقت لاحق.
أما ما يعرف بـ"حركة مجتمع السلم" و"جبهة العدالة والتنمية" فقد قررتا "عدم المشاركة وعدم المقاطعة" في "يوم واحد".
وبعد أن ترشح لانتخابات 18 أبريل/نيسان الملغاة التي شارك فيها الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة، ثم إعلانه "جاهزيته" لانتخابات 12 ديسمبر/كانون المقبل، قرر الإخواني عبدالرزاق مقري رئيس ما يعرف بـ"حركة مجتمع السلم" الإخوانية عدم المشاركة في الانتخابات مع عدم دعم أي مرشح.
وزعم الإخواني في تبرير موقفه "المثير للجدل" "وجود ثغرات في قانون اللجنة المستقلة للانتخابات وغياب فرصة للمنافسة الحقيقة وتوفر شروط النزاهة"، رغم أن انتخابات 18 أبريل/نيسان كانت "محسومة لصالح بوتفليقة وبالقواعد ذاتها التي منحت للإخوان مقاعد نيابية وفق نظام المحاصصة السري" كما ذكر محللون لـ"العين الإخبارية".
وصدم الإخواني عبدالله جاب الله رئيس ما يعرف بـ"جبهة العدالة والتنمية" المتابعين بموقف متناقض من انتخابات الرئاسة، إذ قرر رفض المشاركة فيها، وزعم أن "القرار مرتبط باستمرار الانسداد السياسي، وافتقاد مسار حلحلة الأزمة لروح توافقية، وقفز السلطة على مطالب الحراك الشعبي المستمر منذ 22 شباط/فبراير الماضي" على حد زعمه.
وفي الوقت نفسه، فتح الإخواني جاب الله الباب أمام ما سماه "التحالفات"، ما يعني وفق المراقبين أن الإخواني عبدالله جاب الله أمسك العصا السياسية من منتصفها مثل غريمه الإخواني عبدالرزاق مقري.
ورجحت وسائل إعلام جزائرية إمكانية دعم الإخواني جاب الله واحداً من المرشحين الاثنين: علي بن فليس رئيس الوزراء الأسبق ورئيس حزب "طلائع الحريات"، أو "حليف الانتخابات التشريعية لسنة 2017 السابق" الإخواني عبدالقادر بن قرينة رئيس ما يعرف بـ"حركة البناء".
الانتهازية السياسية
الكاتب والمحلل السياسي البارز حميدة العياشي قدم قراءة تفصيلية عن "التشرذم الإخواني" في الجزائر حول الانتخابات القادمة، وقال في تصريح لـ"العين الإخبارية" إنه "لا يمكن الحديث عن كتلة تشريعية واحدة أو تيار إخوان ذي مشروع واحد، وإنما نتكلم عن مجموعات سياسية مختلفة في التوجهات على الصعيد السياسي انطلاقاً من المصالح التي تريد تحقيقها".
أما النقطة الثانية فقد أوضح العياشي أن "هذه المجموعات أصبحت جزءا لا يتجزأ من المنظومة الموجودة سواء التي قبلت الانتخابات أو عارضتها، وبالتالي أصبحت بمثابة هيئة أركان لكن دون تجذر داخل حياة الناس الاجتماعية وداخل الواقع".
وأضاف أن "هذه التيارات لا تحمل الصدقية ولا تحمل الطابع الأخلاقي الذي يسمح لها بالتعبئة والتجنيد، ومعظمها قبلت بلعبة النظام والانتخابات، ودخلت البرلمان الذي لم يكن لديه يوم مصداقية، وفضلت التموقع داخل لعبة النظام التي جرتها لأن تكون مثلها مثل بقية الأحزاب المرفوضة شعبياً والتي لا أثر لها على توجهات الناس وعلى مجريات الواقع".
على هامش الحراك والواقع
النقطة الثالثة التي استند إليها المختص في الجماعات المسلحة هي "نقطة الحراك"، حيث أكد أن "الحراك أو ما يمكنه أن نسميه الثورة البيضاء، خرجت خارج حسابات مختلف الأحزاب ومن بينها التيارات الإخوانية، فقد عرّاها وأظهرها على أنها فاقدة على التأثير، وهي كانت تراهن في البداية بالدرجة الأولى مع سيناريوهات النظام أو محاصصة النظام أكثر من مراهنتها على القوى المشكلة للحراك".
كما أكد المحلل السياسي أن كل ذلك جعل التيارات الإخوانية في الجزائر "تجد نفسها على جانب الحراك الشعبي، ولم تستطع حتى عندما انطلقت الحركة الشعبية إعادة النظر في خطابها، وعجزت عن إعادة النظر في آليات عملها السياسي، وظهرت عاجزة كذلك على استثمار نسقها من خلال استقطاب جزء من المجتمع، وبالتالي كانت على هامش الحراك طوال 9 أشهر".
وختم الكاتب والمحلل السياسي حميدة العياشي تصريحه بالإشارة إلى أن مواقف التيارات الإخوانية من الانتخابات الرئاسية المتناقضة تعود بالدرجة الأولى إلى "التملق للمؤسسة العسكرية" خاصة في ظل الحديث عن مخاوف كثير منها مما يسمى في الجزائر بـ"منجل محاربة الفساد والخيانة".
وقال العياشي إن التيارات الإخوانية "لم ترد من خلالها التموقع فقط، بل تبدي ولاءها للسلطة الفعلية الممثلة في الجيش، بالإضافة إلى أن هذا التذبذب يعبر بالدرجة الأولى عن غياب خارطة طريق تمتلكها هذه التيارات".
نفاق سياسي
المحلل السياسي محمود حامد العربي حصر مواقف التيارات الإخوانية من انتخابات الرئاسة في الصراعات القديمة حول الزعامة منذ نشأتها إلى يومنا، والتي انتهت بـ"الفرقة والشتات".
وقال في تصريح لـ"العين الإخبارية" إن "المشهد اليوم يشرح نفسه بسقوط صقور الاستخبارات ذهبت ريحهم وتشتت شملهم وذهب عنهم الوحي، فهم بين مشارك في الانتخابات وبين مساند لأحد أطراف سلطة الواقع وبين من ينتظر الأمر وهو ديدنهم، فلا رأي لهم إلا ما أمروا به، لقد انفض الناس عنهم لنفاقهم السياسي وتفرقوا عنهم لغيرهم من الأحزاب والشخصيات".
وأضاف أن "عوار الإخوان في الجزائر ظهر، وبانت سوأتهم ولفظهم الشعب في حين كان الناس في أمس الحاجة لمن يؤازرهم في رفض العهدة الرابعة، كان الإخوان سباقين لقبولها والدعوة لتحسين شروطها وانساقوا لشرعنة كل مؤسسات الدولة بالمشاركة فيها.. واليوم هم بين متريث وبين رافض وبين متقاعس فلا هم مع الحراك الشعبي العام ولا هم مع سلطة الواقع وهم في ذلك ينتظرون كيف تنقلب موازين القوى ومع من ليجدفوا سفنهم صوب الفائز لا الأصلح والأنفع وبذلك هم يعرفون مما تؤكل كتف السياسة وكيف يخونوا الأمانات".
وأكد المحلل السياسي أن التيارات الإخوانية هي "عنوان النفاق السياسي في الجزائر"، ويعتقد أنهم "لا يفرقون بيضهم في كم حركة وكم رأي بين مترقب ومعارض ومساند للعملية السياسية التي يرافقها ويرعاها الجيش وإنما هم شتى تختلف قلوبهم باختلاف المصلحة لا غير، ولا يعزوهم في ذلك حاجة الناس وهوى الجماهير، ولذلك هم عنوان النفاق السياسي في الجزائر بلا منازع".
aXA6IDE4LjE4OS4xODYuMjQ3IA== جزيرة ام اند امز