كوارث متزامنة بالجزائر.. "السبع العجاف" تبسط أقدامها في الشهر السابع
"اللهم الطف بالبلاد والعباد".. هو دعاء استغاثة موحد بين الجزائريين هذه الأيام على ما حل عليهم من كوارث وأمراض.
أخبار الموت والأمراض وأنواع أخرى من الكوارث البشرية والطبيعية هبطت على الجزائر خلال الشهر السابع من هذا العام، اصطلح على تسميتها بـ"السبع العجاف".
ولا يتردد على ألسنة الجزائريين هذه الأيام إلا أسئلة استغراب وتعجب: "ماذا يحدث في بلادنا؟".. "ما الذي أصابنا؟"، وكثيرون من شدة هول ما يحدث تمنوا أن "يكون مجرد كابوس مرّت مشاهده في نوم ثقيل" ينتظرون من يوقظهم منه.
إنها "السبع العجاف" التي حلت على الجزائر في توقيت متزامن منذ دخول شهر يوليو/تموز الحالي: "حوادث سير وغرق مميتة بالجملة، حرائق غابات، جفاف متبوع بأزمة عطش، تسمم جماعي، درجات حرارة قياسية فاقت 75 جنوب البلاد، فيروس الالتهاب الكبدي، وكورونا الذي كشّر عن أنيابه مؤخرا".
كلها مصائب أحدثت الهلع والفزع حلّت على الجزائريين في شهر لطالما اعتبروه "شهر الخير" لتزامنه مع ذكرى عيد الاستقلال في 5 يوليو/تموز.
شهر ارتبط في مخيلة الجزائريين على مدار 6 عقود بـ"النصر والبركة"، ولم يسبق وأن تزامن هذا الشهر تحديدا في تاريخ الجزائر منذ استقلالها مع "كوارث متعددة في وقت واحد" حتى في عز السنوات العجاف، أربكت الجزائريين وإعلامهم المحلي الذي بات يتعامل مع "أحداث بارزة في يوم واحد".
ورغم ما حل عليهم من مصائب، فإن هناك من الجزائريين من ظهر "متفائلا" بأن يكون هذا الشهر "موعدا جديدا للنصر" على الأمراض والكوارث.
وفي هذا التقرير، تستعرض "العين الإخبارية"، "السبع العجاف" التي أصابت الجزائر منذ دخول الشهر الحالي.
الجفاف والعطش
دون سابق إنذار، جفّت سدود البلاد منذ دخول شهر يوليو/تموز الحالي، وفي عز فصل الحر ضربت الجزائر أزمة عطش غير مسبوقة، وأصبح ماء الشرب "يباع بأثمان باهظة" من قبل سماسرة الأزمات، كما علق كثير من الجزائريين عبر مواقع التواصل.
ولم تعد تنفع معها حتى "حالة الاستنفار" باعتراف رسمي أعلن "حالة عجز مائي" بعد أن فقدت السدود الـ80 في البلاد "75 %" من منسوبها والمنتشرة في 22 محافظة.
ولتدارك خطر العطش والغضب الشعبي، وضعت وزارة الموارد المائية "مخططاً استعجالياً"، وضعت خلاله برنامجاً جديدا لتزويد المدن والسكنات بالماء، بينما ظلت معظم المدن تعاني من غياب المياه في الحنفيات لأيام طويلة.
كما تقرر تعزيز قدرات المياه الجوفية والاستعانة بتأهيل وتوسيع محطات تحلية مياه البحر وإنجاز 8 جديدة منها، بالإضافة إلى اللجوء لحفر الآبار في عدة مناطق ضربها الجفاف.
ضحايا سير وغرق
وفي ظرف اليومين الأخيرين من هذا الأسبوع، ودّعت عائلات ومدن جزائرية نحو "74 شخصاً"، رقمٌ لم يكن سببه "كورونا الفتاك"، بل حوادث سير وغرق خطفت أرواح العشرات بالجملة.
واهتزت الجزائر يومي الجمعة والسبت الماضيين، على "أخبار عاجلة متتالية ومتواترة" بشكل غير مسبوق عبر الإعلام المحلي ومواقع التواصل، عن حوادث مرور فظيعة بشرق وغرب وجنوب البلاد بـ"يومين"، راح ضحيتها 50 شخصاً.
أما شواطئ البلاد "الساحرة" فلم تعد للفسحة والترفيه عن النفس فقط لآلاف المصطافين الباحثين عن "فسحة حياة"، بل تحولت مياهها إلى ما يشبه "المقابر الجماعية" على حد وصف جزائريين، بعد أن اختطفت أرواح 24 شخصاً معظمهم شباب في مقتبل العمر بـ"يوم واحد".
حرائق الغابات
وبالتزامن مع موجة الحر غير المسبوقة، ضربت غابات وجبال الجزائر موجة حرائق جديدة، تبين بأنها "مفتعلة" من قبل "تجار الفحم والثورة المضادة" بحسب تصريحات رسمية عقب اعتقال عدد كبير من مدبريها.
ولم تكن حرائق هذه المرة كالمعتاد، إذ تركزت في محافظة خنشلة، الولاية المعروفة بوفرة إنتاجها الفلاحي من الفواكه خصوصاً من التفاح الذي جعلها تتصدر إنتاجه سنوياً بالجزائر.
لم يعد هناك "تفاح" أو حتى شجر في هذه المدينة التاريخية والفلاحية التي تعد الزراعة المورد الأساسي لمعظم قُراها وأهاليها، بعد أن تفحّمت 3 آلاف هكتار كاملة من ثورة غابية وفلاحية نادرة بالجزائر وأفريقيا.
تفاعل الجزائريين كان كبيرا بحملات افتراضية وواقعية، الأولى بعناوين مختلفة بينها "أنقذوا رئة الشرق"، و"خنشلة تستغيث"، و"خنشلة تحترق".
ورغم هول الحرائق، فإن ما عاشته المدينة من تضامن شعبي واسع خفف عن أهالي خنشلة حجم الخسائر، وتداول الجزائريون عبر منصات التواصل صورا وفيديوهات لتدخل مواطنين من المدينة ومن ولايات مجاورة لإطفاء النيران بوسائل بدائية، وعرضوا أنفسهم للخطر.
كما كان لتدخل الجيش وفرق الدفاع المدني دور كبير في إخماد الحرائق، بينما قررت السلطات الجزائرية اقتناء طائرات إطفاء بعد موجة الغضب الشعبي.
الحرارة "السبعينية"
و"اكتمل نقل العطش والحرائق بزعرور درجات الحرارة المرتفعة" بشكل قياسي لم تشهدها الجزائر من قبل، وصلت إلى نحو 76 درجة مئوية في الظل" بعدة محافظات جنوب البلاد.
بينما "مكثت" درجات الحرارة بين 59 و65 درجة مئوية في محافظات جنوبية أخرى نهارا، ووصلت إلى 45 درجة بالليل.
مدن الشمال الجزائري لم تكن أحسن حالا هي الأخرى، إذ تراوحت درجات الحرارة بها منذ بداية الشهر الحالي بين 44 و50 درجة مئوية.
التسمم الجماعي
هلع أيضا أصاب الجزائريين، الأسبوع الماضي، عقب الحادثة الغريبة التي شهدها شاطئ منطقة "تنس" بمحافظة الشلف (غرب) تمثلت في تسمم جماعي في توقيت واحد وبأعراض غريبة تمثلت في الغثيان وارتفاع درجة حرارة الجسم وفقدان الوعي أصابت 149 شخصاً.
وبيّن التحقيق البيولوجي الذي أجرته السلطات الجزائرية بأن الأمر متعلق بـ"مادة كلور مطهرة استعملت بكثافة في معالجة المياه" بعد أيام من بروز شائعات عن "هجوم كيمياوي".
كارثة صحية أخرى ألمت بـ200 شخص معظمهم أطفال بمنطقة "أولا يعيش" في محافظة البليدة (وسط)، الأسبوع الماضي، حيث تعرض 200 شخصاً لتسمم جماعي بعد تناولهم "الحليب الرائب" المعروف في الجزائر بـ"اللبن"، تبين بأنه منتهي الصلاحية، واضطر السلطات المحلية لغلق وتشميع محلين تجارييْن اثنين.
الالتهاب الكبدي
حالة استنفار عاشتها العائلات الجزائرية أيضا، منذ الأسبوع الماضي، والسبب ظهور بؤر لفيروس "الالتهاب الكبدي".
وأعلنت وسائل الإعلام المحلية إصابة نحو 20 طفلا بفيروس "الالتهاب الكبدي" في قرية "سيوان" التابعة لمحافظة سكيكدة الساحلية والتي تشهد إقبالاً كبيرا على شواطئها من قبل الجزائريين ومن معظم مناطق البلاد.
كورونا "يتوحش"
أما "المصيبة" الصحية القديمة المتجددة فهي فيروس كورونا، الذي كشّر عن أنيابه في الأسابيع الأخيرة، وعادت معها الجزائر إلى "نقطة الصفر" سواء من حيث تزايد حالات الإصابة اليومية بشكل رهيب فاق الـ800 حالة يومياً، أو من خلال عودة الاستهتار المجتمعي بخطورة الوباء.
وأعلنت السلطات الصحية في البلاد حالة استنفار بعد دخول الجزائر الموجة الثالثة من جائحة كورونا، لكن بـ"سلالات جديدة"، نصفها من البريطانية "ألفا" و2.76 % من "دلتا" الهندية، وسط تحذيرات ومخاوف من تكرر "السيناريو الهندي" بالجزائر.
كما قررت السلطات الجزائرية إعادة تفعيل جميع الإجراءات الاحترازية الصارمة بهدف التصدي للانتشار الرهيب لسلالات كورونا الفتاكة في البلاد.