الجزائر ترفض التدخل الأجنبي في ليبيا وتقرر التحرك بـ"مبادرات"
وزير الخارجية الجزائري يكشف عن تحرك بلاده في الأيام المقبلة بمبادرات لحل الأزمة الليبية ويؤكد على رفض بلاده وجود قوة أجنبية في ليبيا.
أكد وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، الخميس، بأن بلاده ترفض التواجد الأجنبي في ليبيا.
- أسبوع الجزائر.. رحيل قائد الجيش واستنفار بشأن الأزمة الليبية
- الجزائر تقرر تفعيل دورها في ملفي مالي وليبيا
وأكد بوقادوم، على رفض الجزائر "التام" لوجود "قوة أجنبية مهما كانت في هذا البلد الجار"، ما يعني وفق خبراء أمنيين أن الجزائر رفضت رسمياً الطلب التركي بالانضمام إلى ما أسمته "الحلف مع تركيا في ليبيا".
وفي تصريح صحفي على هامش إرسال الجزائر مساعدات إنسانية نحو ليبيا، قال وزير الخارجية الجزائري إن بلاده "ستقوم في الأيام القليلة القادمة بالعديد من المبادرات في اتجاه الحل السلمي للأزمة الليبية ما بين الليبيين فقط.
وقدم تصور الجزائر لحل الأزمة الليبية، وأوضح بأن "الجزائر لها موقف ثابت بخصوص عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول"، مشيراً في السياق إلى أن "لغة المدفعية ليست هي الحل، وإنما في التشاور بين كافة الليبيين وبمساعدة جميع الجيران وبالأخص الجزائر".
وفسر متابعون تصريح وزير الخارجية الجزائري على أنه "إعلان رفض للقرار التركي التدخل عسكرياً في ليبيا، وبأن أي حل في هذا البلد العربي لا يتم إلا بدول الجوار في إشارة إلى مصر وتونس والجزائر" التي تعتبر الأكثر تضرراً من استمرار الأزمة الليبية وانتشار الجماعات الإرهابية بها.
وذكرت مصادر سياسية وإعلامية جزائرية في الأيام الأخيرة، بأن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون "رفض طلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لزيارة الجزائر قبيل زياته إلى تونس لبحث الأزمة الليبية وطلب الانضمام إلى التحالف العسكري معها".
وكشفت عن أن "تبون تلقى في يوم واحد اتصالين من أمير قطر وأردوغان في محاولة لاستقطاب الرئيس الجزائري الجديد لحلفهما المشبوه في ليبيا"، مشيرة إلى أن "تبون اعتذر بدبلوماسية لأردوغان عن طلب زيارته للجزائر، وبرر ذلك بأن الظروف الداخلية لا تسمح باستقبال قادة الدول".
وتوقع عدد من الخبراء الأمنيين في تصريحات لـ"العين الإخبارية" عدم "انسياق الجزائر وراء الدعوات التركية للتدخل العسكري في ليبيا"، وأرجعوا ذلك إلى جملة من الأسباب التي تؤكد بحسبهم "جهل أردوغان لطبيعة المنطقة وخصوصيات كل دولة بها".
ومن بين تلك الأسباب "وجود عقيدة لدى الجيش الجزائري بعدم خروجه خارج الحدود الوطنية، كما يمنع الدستور الجزائري الجيش من المشاركة في أية عمليات عسكرية خارج البلاد".
أما السبب الثاني "فهو الرفض الجزائري للدورين التركي والفرنسي في الأزمة الليبية والذي ترى فيه الجزائر تهديداً مباشراً لأمنها القومي، ومحاولة منهما للتوقع العسكري على حدودها الشاسعة مع ليبيا وحتى مالي".
كما أوضح خبراء أمنيون بأن الجزائر واجه منذ تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا ومالي "حرب استنزاف"، حيث فرضت الجزائر منذ 2011 حالة استنفار قصوى على حدودها مع البلدين الجارين، ودفعت بآلاف الجنود والعتاد العسكري، ووضعت إجراءات أمنية استثنائية على الحقول النفطية المتواجدة بالصحراء الجزائرية.
وتوقع الخبراء فشل المحاولات التركية في العبث بأمن المنطقة بالنظر إلى "وجود أطراف إقليمية قوية وهي مصر والجزائر التي تملك أقوى الجيوش العربية والأفريقية على التوالي، بالإضافة إلى ثقلهما في الساحة الدولية والإقليمية"، وهو "الجدار الذي سيصطدم به المشروع التركي المشبوه في المنطقة" وفق توقعات خبراء أمنيين جزائريين.
كما واجه الجيش الجزائري محاولات اختراق عدة للجماعات الإرهابية على طول "المثلث الحدودي" مع دول النيجر ومالي وليبيا، وتمكن من ضبط كميات هائلة من الأسلحة الحربية.
وعفد المجلس الأعلى للأمن القومي بالجزائر نهاية الأسبوع الماضي اجتماعاً طارئاً هو الأول من نوعه منذ الاعتداء الإرهابي على المنشأة الغازية "تيقنتورين" الواقعة في قلب الصحراء الجزائرية سنة 2013.
وقرر المجلس اتخاذ إجراءت عاجلة لتأمين الحدود مع دولتي ليبيا ومالي، بالإضافة إلى إعادة تفعيل الدور الجزائري في أزمتي البلدين الجارين والذين تربطهما حدود شاسعة مع الجزائر.
وفي أول خطاب له بعد تنصيبه رئيساً للبلاد، أعرب عبد المجيد تبون عن رفضه "إبعاد الجزائر عن أية حلول لتسوية الأزمة في ليبيا".
وا اعتبر مراقبون أن غياب الدور الجزائري في السنوات الأخيرة عن إيجاد حل للازمة الليبية فسح المجال أمام أطراف إقليمية للتدخل في الشأن الليبي خاصة التركي الذي ينظر إليه في الجزائر "شعبيا ورسمياً" على أنه "محاولة لإعادة إحياء الوهم العثماني عبر البوابة الليبية وبقية دول شمال أفريقيا".