3 أعوام على حراك الجزائر.. 4 مؤشرات لتغيير "تدريجي"
يمر اليوم الثلاثاء 3 أعوام على الحراك الشعبي في الجزائر الذي أسقط نظام الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة في سابقة بهذا البلد العربي.
وفي 22 فبراير/شباط 2019، توحدت جميع مدن ومحافظات وشوارع الجزائر على "توقيت التغيير"، بعد خروج الملايين الغاضبين على ترشح بوتفليقة، الذي كان يعاني من متاعب صحية، لولاية خامسة.
- الجزائر.. تبون يعيد حرس المالية القديم ويحتفظ بمنصب رئيس الوزراء
- الجزائر تعدل شروط الاستثمار الأجنبي بقطاع الطاقة المتجددة
قبل أن تتطور الأحداث وتتصاعد المطالب من رفض "العهدة الخامسة" لـ"إسقاط النظام"، حيث أجبرت المظاهرات غير المسبوقة الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة على الاستقالة في أبريل/نيسان 2019، وتم انتخاب عبدالمجيد تبون رئيساً جديدا للبلاد.
ولأن "التغيير" كان المطلب الرئيسي في حراك الجزائريين، وجدت السلطة الجديدة نفسها أمام "التحدي الأكبر" وهو تساؤلات الجزائريين عما تغير خلال هذه الفترة.
جاء ذلك في الوقت الذي كشف فيه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون "عدم وجود سجناء للرأي في بلاده"، في إشارة إلى نفيه "اللجوء للقبضة الأمنية" ضد المعارضين لحكمه - وفق مراقبين-، وأكد في المقابل على أن "الإصلاح الاقتصادي هو أكبر رهان للتغيير".
خبيران جزائريان عدّدا في أحاديث متفرقة لـ"العين الإخبارية" مجالات التغيير التي حصلت في الجزائر على مدار الأعوام الـ3 الأخيرة، وكذا مكامن النقائص التي تعترض عجلة التغيير.
واتفق الخبيران على أن الجزائر شهدت "تغييرا تدريجيا وبطيئاً، وبأنه "يحتاج إلى مساحة من الوقت لتجسيده وظهوره"، وأكدا على أن أهم مكسب حققته البلاد"هو عدم سقوط الدولة بقرارات التغيير الراديكالية".
يذكر أن العاصمة الجزائرية شهدت في الأيام الأخيرة تعزيزات أمنية مشددة خصوصاً في "ساحة البريد المركزي" وشوارع "موريس أودان" و"ديدوش مراد" ومنطقة "باب الواد"، وهي المناطق التي سُجل بها أكبر تعداد للمتظاهرين في حراك 2019.
4 مؤشرات للتغيير
الدكتور حسين قادري أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية قدّم نظرة موسعة في عدة مجالات، أكد على أنها "المعيار" في الحكم على 3 أعوام من الحراك الشعبي، حصرها في الحرب على الفساد، والإجراءات الاقتصادية وتجديد مؤسسات الدولة وعودة الدبلوماسية الجزائرية.
وأوضح في حديث مع "العين الإخبارية" أن "أكبر تغيير كان في تلك المنظومة التي كانت تستند إلى الريع واستغلال خزينة الدولة في غير محلها، فقد كانت تقريباً لفئة مستفيدة بينما الشعب والدولة كلهم خارج الحسابات".
أما ما سماه بـ"التصحيح الثاني" فهو "أن الجزائر أسست لمنظومة تحاول أن تقوم على المؤسسات وليس الأفراد، حيث في السابق كان المحور هو رئيس الجمهورية السابق ومعه مجموعة استغلت مرضه، وكانت فئة لنهب البلد، وأعطوا الانطباع بأن مؤسسات الدولة لا قيمة لها ولا حاجة لها، بل وكان هناك نهج معين أعتقد أنه كان بتوصيات من الخارج لإسقاط الدولة والوصول بالشعب الجزائري إلى مرحلة اليأس".
وأكد على أن "أهم ما تم استرجاعه في ظل كل تلك المعطيات بناء مؤسسات الدولة وصحيح أنها لم تسترجع ثقة الشعب، لكن بعض من شباب الحراك تمكنوا من الولوج إلى هذه المؤسسات المنتخبة".
وتابع قائلا: "داخل الأحزاب العتيدة حصل حراك وظهرت بها وجوه جديدة، ومع ذلك لم يحدث ذلك الاهتمام الشعبي".
التحول الكبير
كما حدد الأكاديمي الدكتور قادري مستوى آخر للتغيير، وهو على المستوى الاقتصادي، والذي وصفه بـ"التحول الكبير".
وأرجع ذلك إلى "رفع الإجراءات البيروقراطية عن الاستثمارات فضلا عن تدخلات من القيادة السياسية سهلت عمل هذه الشركات".
واستطرد موضحا: "للمرة الأولى يتم الحديث عن صادرات خارج قطاع المحروقات وتوقعات لأن تصل إلى نحو 8 مليارات دولار، وهذا أمر جديد، وهذا ما يعني أن هناك عملية بحث عن بديل للنفط".
وعرج المحلل السياسي على عودة السياسية الخارجية للجزائر، وقال إنه "بعد سنوات من الركود، وتحركات الرئيس الخارجية التي لها أهداف محددة من خلال التعاون الإيجابي، بدأنا الحديث في الشراكة مع بعض الدول الصادقة في نية الاستثمار في الجزائر".
واعتبر أن "هناك نوعا من الصدق في النوايا السياسية والاقتصادية للسلطة الجديدة من خلال قراراتها، والسلبيات التي تجعل الجزائريين لا يؤمنون بأي تغيير هو استمرار البيروقراطية، ولا تتوفر تلك الانطلاقة التي تدفع للثقة في النظام السياسي، خصوصا مع بقاء أشخاص من العهد السابق في الإدارات من صالحهم وقف عجلة أي تغيير".
مستويات التغيير
أما الدكتور لزهر ماروك أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، فقد أعطى قراءة أخرى لـ"حال الجزائر" بعد 3 أعوام من الحراك الشعبي، والمتعلقة بـ"مستويات التغيير".
وأشار في حديث مع "العين الإخبارية" إلى أن "التغيير يكون على مستويات، والذي يبدأ على مستوى الفرد، ولا يمكن أن يحدث تغيير شامل في حال عدم تغير الفرد وهذا هو التغيير المهم، وإذا لم يغير المواطن ذهنياته وسلوكاته ولم يتبن قيم ومبادئ التغيير فكيف يمكن الحديث عن التغيير".
وشدد في المقابل على أنه "لا يمكن إحداث تغيير شامل في ظرف قياسي، لأن ذلك يعني الدخول في تناقضات ومغامرة، لأن التغيير السريع تكون نهايته تهديدات كبيرة، والتغيير المتسرع بدون توفير شروط النجاح سيكون فاشلا، ويأتي بنتائج سلبية أكثر مما كان عليه الوضع".
وأوضح المحلل السياسي أن التغيير المطلوب "يحتاج أولا إلى وعي المواطن، ثم التغيير على المستويات السياسية والاقتصادية وهو ما يحتاج إلى وقت وإمكانيات ولخطة، وأهم شيء فيه أن يكون تغييرا تدريجياً وعلى مراحل".
واعتبر أن تقييم التغيير الحاصل في الجزائر منذ حراك فبراير/شباط 2019 "يختلف حسب طريقة تفكير كل واحد، وحسب أيديولوجيا الأشخاص، وهناك من السياسيين الذين يفضلون التغيير التدريجي، وهناك تيار آخر أن يكون التغيير جذريا وشاملا وذلك يحتاج إلى عوامل نجاح وإلا نصطدم بواقع لا يتمناه أحد".
وأكد الدكتور لزهر ماروك على أن "مكسب حققه الحراك الشعبي هو الحفاظ على الدولة الوطنية، والجزائر لم تمس بوحدتها، ولا تدخل دولي في شؤونها الداخلية، كما ذهبت الجزائر إلى استحقاقات انتخابية ولازلنا ننتظر المزيد من خطوات التغيير".
إلا أن مراقبين ربطوا "تقييم التغيير" منذ الحراك الشعبي بنسب الإقبال الشعبي الضعيف في المواعيد الانتخابية التي جرت خلال الفترة الماضية، وهنا اعتبر الأكاديمي بأن ذلك "نتائج تراكمات سلبية قديمة من الممارسات السابقة، والتي أدت إلى إرساء ثقافة سلبية عند المواطن بعدم المشاركة في الانتخابات وبأنه لا يؤمن بأنها من وسائل التغيير".
aXA6IDE4LjIyMi45Mi41NiA= جزيرة ام اند امز