رواية "سيران" الجزائرية ترصد بصيص تفاؤل داخل بئر ذكريات سوداء
رواية "سيران" تسرد قصة حياة شاب مليئة بالأحزان والتجارب القاسية لكن جرعات الأمل تساعده في كل مرة على استكمال حياته
توجت رواية "سيران" للكاتبة الجزائرية ناهد بوخالفة، الأحد، بالجائزة الكبرى لأفضل رواية باللغة العربية في مسابقة آسيا جبار 2018، وهي الرواية التي صدرت هذا العام عن "منشورات بغدادي للطباعة والنشر والتوزيع"، وشاركت بها الروائية في المعرض الدولي الأخير للكتاب بالجزائر العاصمة.
- الكاتب الجزائري واسيني الأعرج يهدي فلسطين طبعة من "ليالي إيزيس كوبيا"
- رواية "257".. رفيق طيبي يوثق مأساة الطائرة العسكرية في الجزائر
وتعد "سيران" الرواية الثالثة في مشوار الكاتبة الجزائرية ناهد بوخالفة، ابنة مدينة تبسة الواقعة شرق الجزائر، بعد "تراثيات" عام 2015 و"رسائل أنثى" عام 2016.
ملخص الرواية
في 132 صفحة، "تجرأت" امرأة على الكتابة عن "رجل متفائل"، على الأقل هذا ما استخلصه بعض ممن قرأ رواية ناهد بوخالفة بعنوان "سيران"، وهي تروي قصة شاب يتيم تعلق بـ"تمثال" النجمة الساطعة "لاسيران".
ناهد بوخالفة حاولت من خلال روايتها استخراج "بصيص تفاؤل" من "كومة أحزان وذكريات سوداء"، لقصة اجتماعية بطلها شاب من منطقتها "تبسة"، مستخرجة من تلك القصة التي بدأت من سبعينيات القرن الماضي، أسوأ ما يمكن أن يتحول إليه مجتمع خاصة عند مرورها على سنوات التسعينيات التي عانى خلالها الجزائريون مع الإرهاب.
"بشير" هو اسم بطل رواية "سيران"، قد تكون شخصية حقيقية أو خيالية، لكن الأكيد أن تلك القصة "المحزنة والمخجلة" استفزت ناهد بوخالفة وجعلتها "تفضح قصة بشير".
الرواية سردت قصة "بشير" الذي تعرض للاغتصاب في صغره، ثم عمل بأحد الملاهي الليلية، وهو المكان الذي جعله يكتشف معاناة فتيات بائعات الهوى.
عمل بشير في ذلك المكان لم يكن إلا قدرا محتوماً ساقه إلى ذكريات "لم يفهمها أو لم يتقبلها" في صغره، جعلته يتذكر أو يتفهم معاناة والدته التي ضحت بلحمها وشرفها حتى يعيش هو.
الملهى الليلي جعل بشير يدخل في اكتئاب حاد وندم شديد عقب وفاة والدته بعد سنوات من "العقدالنفسية" التي خلفها عمل والدته في هذه المهنة "غير الشريفة"، وركزت الرواية على "الكراهية الشديدة" التي كان يحملها بشير في قلبه على أمه، وهي الكراهية الممزوجة بذكريات ذلك الطفل المُغتَصب.
غياب والدة بشير عنه جعله يعيش في فراغ رهيب، ويدرك حجم الوجع الذي خلفه غيابها، وما جعله يدخل في حالة الاكتئاب هو سماحه لها المتأخر، واكتشافه حبه الكبير لها الذي لم يستطع التعبير عنه في حياتها، بل الحب الذي كان يعتقده كرهاً.
عادت الرواية لتغوص من جديد في حياة الشاب "بشير" الذي بقي عاملاً في الملهى الليلي، لكن حظه سحبه نحو عشق إحدى فتيات ذلك الملهى، واختار أن يكون لقاؤهما الأول خارج "قضبان الملهى"، وتحديداً عند تمثال "سيران" الذي تعلق به، لكن "يا فرحة ما تمت".
لم تكتمل قصة حب بشير مع تلك الفتاة كما كان يأمل، فلقاؤهما الثاني أمام التمثال كان الأخير، وتركت له رسالة وداع.
تذكر الرواية أن تمثال "سيران" كان الوحيد الذي أدرك حجم الألم الذي كان يشعر به بشير، إلى درجة أن جاء فيها بأن "للحجر روح أيضا"، غير أن اختفاء التمثال في سنوات العشرية السوداء بالجزائر جعل بشير يشعر بوحشة كبيرة، ودفعه ذلك إلى البحث عن تلك الفتاة التي عشقها، لكن دون جدوى.
أكمل الشاب بشير حياته وهو يحمل في داخله ذكرى فتاة عشقها بالإضافة إلى تمثال "سيران" الذي تعلق به، ووالدته التي "ماتت طفولته بعدها"، وعاش وحيداً وفياً لحب لم يكتمل أو "حب أجهض قبل ولادته"، ورغم أنه بقي وحيداً دون فتاة أو والدة أو والد، فإن الكاتبة ناهد بوخالفة سلطت ضوءها على "ذلك التفاؤل الذي يخرج من بئر بشير" ليُكمل حياته، ويجد ما ينقصه أو ما يُنسيه أحزانه المتراكمة.