وسط اتهامات بـ"مؤامرة".. تبون يقيل قادة الشرطة بـ34 محافظة جزائرية
القرار يتزامن مع الأمر الذي وجهه تبون لرئيس وزرائه لمباشرة تحقيق فوري في أسباب الحوادث التي وقعت في الأيام الأخيرة بينها حرائق الغابات.
أنهى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بشكل مفاجئ مهام رؤساء الأمن (الشرطة) في 34 محافظة، بالتوازي مع اتهامات حكومية بوجود "مؤامرة لإحداث فتنة في البلاد".
جاء ذلك وفق ما ورد في الجريدة الرسمية الجزائرية الصادرة، الإثنين، واطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيلها، والتي أوضحت أن قرار "إنهاء المهام الجماعي" صدر الخميس الماضي.
وهذا القرار هو الأكبر من نوعه حيث يشمل رؤساء الشرطة الولائيين منذ تولي تبون مقاليد الحكم نهاية العام الماضي.
واكتفى المرسوم الرئاسي بالكشف عن أسماء رؤساء الأمن الولائيين الذين تمت إقالتهم دون الكشف عن أسباب القرار، فيما أشار المرسوم إلى أن 10 من المقالين "تم تكليفهم بمهام أخرى".
تحقيق عاجل
ويأتي الكشف عن إقالة رؤساء الأمن الولائيين، بعد يوم من الأمر الذي أصدره الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لحكومته لمباشرة بفتح "تحقيق عاجل وفوري" للكشف عن خلفيات حوادث ومشكلات تمت مؤخراً في البلاد "بشكل متزامن ومكثف وغير مسبوق".
وأصدرت الرئاسة الجزائرية، الأحد، بياناً تابعت "العين الإخبارية" تفاصيله، أشار إلى الأمر الذي وجهه الرئيس تبون لرئيس وزرائه عبد العزيز جراد لفتح تحقيق فوري في أسباب الحوادث التي وقعت في الأيام الأخيرة، "وكان لها الأثر السلبي على حياة الشعب والاقتصاد الجزائري".
وأوضح أن التحقيق يشمل "الكشف عن أسباب الحرائق التي التهمت مساحات شاسعة من الغابات، ونقص السيولة المالية في بعض البنوك والمراكز البريدية، وتوقف محطة فوكة (وسط) لتحلية مياه البحر، وانقطاع الماء والكهرباء عن أحياء العاصمة ومدن كبرى أخرى يومي عيد الأضحى دون إشعار مسبق".
كما عقد، الاثنين، المجلس الأعلى للأمن اجتماعاً برئاسة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وبحضور قائد أركان الجيش وقادة جهازي الأمن الداخلي والخارجي، وفق ما ذكرته الرئاسة الجزائرية في بيان مقتضب.
ولم يكشف البيان عن جدول أعمال الاجتماع، إلا أن ملاحظين لم يستبعدوا أن تكون الأحداث الأخيرة على رأس أجندة الاجتماع السادس للمجلس، خصوصاً بعد تأكيد الحكومة الجزائرية عن وجود مؤشرات "مؤامرة" تحركها أطراف لم تكشف عنها.
"مؤامرة للفتنة"
وسارع رئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز جراد، الأحد، للكشف عن تفاصيل مثيرة عما يحصل في البلاد مؤخرا ووصفها بـ"الأمور الغريبة"، واتهم أطرافاً لم يسمها بـ"الوقوف وراء مؤامرة تستهدف إثارة الفتنة وعدم الاستقرار في البلاد".
وأكد "جراد" بأن الكثير من الحرائق "كانت مفتعلة"، وتحدث عن "وجود أدلة ملموسة" عقب إلقاء الأمن الجزائري القبض على بعض المتورطين في حوادث الحرائق، وتعهد بـ"بنشر اعترافاتهم".
كما كشف عن الأسباب الحقيقية وراء نقص المياه في عدد من محافظات البلاد، وذكر بأن محطة "فوكة" لتحلية مياه البحر التي تقع في محافظة تيبازة (وسط) "تعرضت للتخريب" من قبل مجهولين، والتي تزود عدة محافظات وسط الجزائر بالمياه الصالحة للشرب.
بالإضافة إلى تسجيل الأمن الجزائري عمليات تخريب أخرى لأعمدة الكهرباء، ومحطات الأوكسجين التابعة لبعض المستشفيات.
وكشفت المديرية العامة للغابات الجزائرية عن تسجيل 1216 بؤرة حريق بين شهري يونيو/حزيران والأول من أغسطس/آب، أتت على 8778 هكتاراً في 37 محافظة.
فيما سجلت 66 حريقاً "في وقت واحد" يوم 27 يوليو/تموز الماضي بـ20 محافظة شمالية، استدعت تدخلاً طارئاً لمروحيات الدفاع المدني ومديرية الغابات، فيما وصلت النيران إلى بيوت مواطني عدد من المناطق بينها محافظات سطيف وبجاية.
وفي الوقت الذي لم تكشف فيه السلطات الجزائرية عن الجهات التي من المحتمل أنها تقف وراء تلك الأحداث المتزامنة، فإن متابعين رجحوا أن "يكون فلول النظام السابق" وراءها، خصوصاً وأنه كثيراً من المسؤولين المحليين في الإدارات والمصالح الأمنية تم تعيينهم في عهد الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة من قبل شقيقه ومستشاره السعيد بوتفليقة ورئيس الوزراء الأسبق أحمد أويحيى.
كما اعتبر مراقبون أن تزامن الحرائق وندرة السيولة المالية وانقطاع المياه والكهرباء بشكل غير مسبوق وفي توقيت واحد "يهدف للضغط على إدارة الرئيس تبون من قبل الدولة العميقة بهدف إطلاق سراح بعض أركانها ووقف المتابعات القضائية لعدد منهم" على خلفية اتهامهم بقضايا فساد.
وشرعت السلطات الجزائرية منذ، يناير/كانون الثاني الماضي إلى اتخاذ إجراءات للتهدئة بإطلاق سراح عدد كبير من السجناء بينهم معتقلو الحراك الشعبي وعدد من القادة العسكريين الموالين لرئيس جهاز المخابرات الأسبق الفريق محمد مدين.
وأجبرت جائحة كورونا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على تغيير أولوياته السياسة والاقتصادية، نتيجة ما فرضته من تأجيل الاستفتاء على التعديل الدستوري، وإقرار موازنة تكميلية لتخفيف الأعباء الناجمة عن الجائحة وانخفاض أسعار النفط، وكذا إرث قضايا الفساد الذي تسلمه تبون من عهد سلفه بوتفليقة.