أسبوع الجزائر.. عودة لمسار الانتخابات وقلق من العنف و"الهجرة السرية"
تحديد موعد انتخابات الرئاسة وسجن المزيد من رموز نظام بوتفليقة وظهور شخصيات متمردة عليه وهلاك 7 مهاجرين سريين.. أبرز أحداث أسبوع الجزائر
عاد قطار الأزمة السياسية الجزائرية إلى سكة الانتخابات الرئاسية خلال الأسبوع المنصرم بعد تحديد الرئاسة تاريخ 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل موعداً لانتخاب خليفة الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة.
- أسبوع الجزائر.. استنفار تمهيدا للانتخابات وقبضة الحرس القديم تتزعزع
- أسبوع الجزائر.. بوادر انتخابات قبل نهاية العام والجيش يحذر "المتآمرين"
انتخابات أعادت إلى الواجهة "رموزاً متمردة" على نظام بوتفليقة، من أبرزهم وزير عدل نظام بوتفليقة الأسبق محمد شرفي، ورئيس وزرائه الأسبق علي بن فليس، وسط تباين في المواقف الشعبية من المشاركة فيها.
وسجل أسبوع الجزائر الماضي أيضاً ضربات موجعة للنظام السابق بعد سجن وزير أسبق وأمين عام الحزب الحاكم بتهم فساد، مع كشف الجيش إحباطه مؤامرة محكمة في مهدها دبرتها "الدولة العميقة" لـ"تدمير البلاد".
وشهد أيضاً أعمال عنف مفاجئة استمرت ليومين غرب البلاد، وفتحت الداخلية الجزائرية تحقيقاً في أسباب وفاة مواطنين اثنين خلالها، مع إصابة 7 مهاجرين قرب شواطئ العاصمة.
انتخاب الرئيس التاسع في 12 ديسمبر
استدعى الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح، الأحد الماضي، الهيئة الناخبة لإجراء انتخابات الرئاسة في 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل، بعد 7 أشهر من التخبط والبحث عن مخرج لثاني أخطر أزمة سياسية في تاريخ البلاد، بعد العشرية السوداء.
واتضح من الخطاب المتلفز للرئيس المؤقت الذي وصف الانتخابات المقبلة بـ"الخيار الاستراتيجي" إلى جانب تصريحات قائد أركان الجيش الذي "هدد المشوشين عليها"، أن مصير الرئاسيات المقبلة لن يكون كسابقتها الملغاة.
ويرى المراقبون أن الإجراءات السياسية والقانونية التي استبقت تحديد موعد الاستحقاق الرئاسي والإسراع في تنصيب السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات كرس "إرادة سياسية لتجاوز عقبات النظام السابق التي تركها قبل رحيله دون رجعة".
ورغم أهمية الحدث، فإن موقف الطبقة السياسية جاء باهتاً، واكتفى البعض بتأجيل الكشف عن موقفه منها، والتزمت أحزاب وشخصيات أخرى الصمت.
غير أن الموقف الشعبي كان بارزاً منذ خطاب بن صالح، إذ تباينت ردود فعل الجزائريين، وانقسمت بين الترحيب والرفض، فيما يشبه الاستفتاء الشعبي على فكرة تنظيم الانتخابات.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، اعتبر كثير من الجزائريين أن "ثمار التغيير التي خرجوا من أجلها في المظاهرات ستتكرس من خلال صناديق الاقتراع"، ودعوا إلى "حمايتها بتكثيف المشاركة فيها"، ونشروا صوراً تؤكد قبولهم الذهاب إلى مراكز الاقتراع يوم 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل لإنهاء عهد بوتفليقة، و"لإنقاذ البلاد" كما قالوا.
في المقابل، شكلت مظاهرات الجمعة والثلاثاء الماضيين، جانباً آخر من المواقف الشعبية "الرافضة" لإجراء الانتخابات الرئاسية، مبررين ذلك ببقاء رموز النظام السابق في الحكم، بينما شكك آخرون في "نية" السلطات الجزائرية في مقاربة حل الأزمة "برمتها"، معتبرين أنها "استفتاء على ولاية بوتفليقة الخامسة باسم آخر"، على حد تعبيرهم عبر منصات التواصل.
ووسط الجدل المتعاظم حول الاستحقاق الانتخابي وجدواه في الخروج بالبلاد من أزماتها، برزت كتلة ثالثة "صامتة"، فضلت التريث في الكشف عن موقفها من انتخابات الرئاسة.
وذكر عدد من الجزائريين لـ"العين الإخبارية" أن مواقفهم "تحددها طبيعة المرشحين لها"، ومنهم من تمنى رؤية وجوه غير التي سبق لها الترشح في الاستحقاقات الماضية.
فيما طالب البعض بأن تخلو الانتخابات من مختلف الأحزاب، وآخرون تعهدوا بأن يكونوا أول من يصوت فيها إذا تقدم للترشح كفاءات مستقلة تحمل مشروع بناء دولة.
وشهد أسبوع الجزائر الماضي حملة توقيفات ضد عشرات المتظاهرين والنشطاء السياسيين، كان من أبرزهم المعارضان كريم طابو وفوضيل بومالة والناشط الحقوقي سمير بن لعربي.
بينما أعلن قائد الجيش الجزائري أنه أعطى أوامر إلى جهاز الدرك "قوة أمنية تابعة للجيش" لتوقيف العربات والحافلات التي تقل متظاهرين إلى العاصمة، وبرر ذلك بكونهم "مدسوسين من العصابة بهدف تضخيم الأعداد البشرية التي ترفع شعارات مغرضة".
عودة المتمردين على بوتفليقة
ومنذ مباشرة السلطات الجزائرية بحثها عن مخرج للأزمة السياسية، عادت أسماء إلى الساحة السياسية بعد سنوات من "الغياب اللاإرادي"، كان أولهم كريم يونس رئيس لجنة الحوار والوساطة الذي كان رئيساً للبرلمان الجزائري في عهد بوتفليقة، وتسبب موقفه المساند للمرشح علي بن فليس في رئاسيات 2004 في إبعاده من الساحة.
ثم جاء محمد شرفي وزير عدل بوتفليقة الأسبق ليترأس اللجنة المستقلة للانتخابات التي ستشرف على أول انتخابات بعد استقالة الرئيس السابق، وتكون "شاهد العيان" على نهاية نظامه كما علق متابعون، خاصة أن سبب تنحيته من الوزارة ارتبط بفتحه تحقيقات في قضايا تخص مقربين من بوتفليقة وشقيقه.
وبعد يوم واحد من فتح باب الترشح، سجل علي بن فليس رئيس وزراء بوتفليقة الأسبق اسمه كأول مرشح لانتخابات 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل، بعدما خسر في موعدين انتخابيين أمام الرئيس الجزائري المستقيل في 2004 و2014.
وبالتوازي مع ذلك، لا يزال سجن الحراش بالعاصمة يستقبل المزيد من رموز نظام بوتفليقة، بعد أن أمر القضاء بسجن الوزير "رقم 10" ويتعلق الأمر بالوزير الأسبق لـ"البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال" موسى بن حمادي، ومحمد جميعي أمين الحزب الحاكم وزوجته، ليلتحق بسلفه جمال ولد عباس المحبوس منذ أغسطس/آب الماضي.
في سياق متصل، اتهم قائد الجيش الجزائري رموز نظام بوتفليقة بقيادة "مؤامرة خطيرة لتدمير البلاد"، وكشف تمكن الأجهزة الأمنية من إحباطها في مهدها.
أعمال عنف وعودة ظاهرة الهجرة السرية
فتحت الداخلية الجزائرية، الخميس الماضي، تحقيقاً في أحداث العنف التي أدت لمقتل شخصين برصاص الأمن بمنطقة "وادي أرهيو" التابعة لمحافظة غليزان غربي العاصمة مساء الأربعاء.
واندلعت، ليلة الأربعاء، أعمال عنف بشكل مفاجئ بين الشرطة الجزائرية وسكان المدينة الثانية في ولاية غليزان، وتواصلت لليوم الموالي، إذ تجددت المواجهات بين المحتجين وقوات الشرطة ليلة الخميس، وسط أنباء عن ارتفاع عدد القتلى إلى 4 أشخاص.
ودعا عدد من سكان المحافظة عبر مواقع التواصل إلى تدخل عاجل لأعيان المدينة وعقلائها لتفادي وقوع الأسوأ، كما طالبت الداخلية سكان منطقة "واي أرهيو" بـ"التحلي بالحكمة والتعقل في انتظار نتائج التحقيقات التي باشرتها مصالح الأمن والجهات القضائية على مستوى المنطقة".
في مقابل ذلك، عادت ظاهرة الهجرة السرية" الهجرة غير الشرعية" إلى واجهة الأحداث عقب وفاة 7 أشخاص، الخميس الماضي، نتيجة انقلاب قاربهم على بعد 13 كيلومتراً من شواطئ محافظة بومرداس الواقعة شرق العاصمة، بينما تمكنت قوات خفر السواحل من إنقاذ 5 آخرين، وبقي مصير 7 شباب آخرين غامضاً.
كما تمكنت القوات البحرية، الأربعاء الماضي، من إنقاذ 13 مهاجراً سرياً بينهم 3 نساء في سواحل محافظة وهران "غرب" بعد غرق القارب الذي كان يقلهم على بعد عشرة أميال بحرية شمال المدينة.