أسبوع الجزائر.. بوادر انتخابات قبل نهاية العام والجيش يحذر "المتآمرين"
تحديد الجيش سقفاً لتحديد موعد الانتخابات، وأزمة جديدة بالحزب الحاكم، وتحذير الجيش أحزابا "متآمرة".. كانت أبرز أحداث الأسبوع في الجزائر.
رسم الأسبوع المنتهي البوادر الأولى للعودة إلى المسار الانتخابي بالجزائر كحل متفق عليه لإنهاء الأزمة السياسية التي دخلت شهرها السابع، بعد أن وضع الجيش سقفاً زمنياً للطبقة السياسية ينقضي في 15 سبتمبر/أيلول الجاري لتحديد موعد انتخاب خليفة بوتفليقة.
- أسبوع كشف مؤامرات تنظيم "الحمدين" بالجزائر.. وحفل فني يطيح بـ3 مسؤولين
- الجزائر في أسبوع.. دعوات لحل الحزب الحاكم وحملة لفضح مؤامرات"الحمدين"
أسبوع كانت فيه كلمة "الانتخابات" الأكثر تداولاً في الساحتين السياسية والإعلامية بالجزائر، وسط تصاعد المخاوف والتحذيرات الرسمية من استمرار الأزمة على مستقبل البلاد، ما استدعى ظهور قائد الجيش الجزائري 4 مرات متتالية للمرة الأولى منذ فبراير/شباط الماضي، والذي حذر جهات داخلية وخارجية بـ"كشفها ومعاقبتها".
في مقابل ذلك، قررت الحكومة الجزائرية رفع التجميد عن الأرصدة المالية لشركات 3 رجال أعمال موجودين بسجن الحراش بتهم فساد، بعد أن تقرر تعيين مسير مالي لإدارة شؤونها حتى صدور الأحكام النهائية، بالتوازي مع مباشرة البرلمان الجزائري سحب الحصانة عن الأمين العام للحزب الحاكم ونائبين اثنين آخرين.
أي كفة تحدد موعد الانتخابات؟
اتضحت خلال الأسبوع المنصرم البوادر الأولى للخروج من عهد الرئيس الجزائري المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة، بعد أن شدد الجيش على وجوب اتفاق الطبقة السياسية على موعد لإجراء انتخابات الرئاسة، لا يتجاوز يوم 15 سبتمبر/أيلول الجاري لاستدعاء الهيئة الناخبة.
قايد صالح الذي جدد تمسك المؤسسة العسكرية الجزائرية بالخيار الدستوري للخروج من المأزق الذي تسبب فيه نظام بوتفليقة، بعث في كلماته الأربع خلال أسبوع واحد برسائل عدة حملت في طياتها بحسب المراقبين مؤشرات على سعي أطراف داخلية وخارجية لتأزيم الوضع السياسي.
كما اتهم أطرافاً خارجية لم يسمها مع "عملائهم في الداخل" ممَن سماهم "أذناب العصابة" في إشارة إلى رموز نظام بوتفليقة بالعمل على إطالة عمر الأزمة.
"توجس من خطر داهم على البلاد" كان "واضحاً ومكرراً" في تصريحات قيادة الجيش الجزائري بحسب المتابعين، ترجمه بضرورة التسريع في إجراء الانتخابات في آجالها الدستورية التي تعني بحسب الدستور أن اسم الرئيس الثامن للجزائر سيتحدد في 9 أو 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
غير أن محللين سياسيين أكدوا لـ"العين الإخبارية" أن ثمة معطيات أخرى قد تفصل في إجراء انتخابات الرئاسة المؤجلة منذ 18 أبريل/نيسان الماضي، وهي موقف الحراك الشعبي، والذي يرون أنه "لم يخرج فقط لإسقاط حكم بوتفليقة، بل لتغيير نظام برمته".
وبات مع ذلك اسم الرئيس الجديد للجزائر "مرهوناً بين إرادة الشارع وكلمة الصندوق" وبينهما "كلمة سر" يبحث عنها الجميع، وهي "الضمانات" الواجب توفرها قبل نهاية العام الحالي لتنظيم انتخابات تأتي برئيس تقبل به كل الأطراف، وسط تباينات جديدة في الأولويات: هل يأتي الرئيس القادم في أقرب الآجال أم في أحسن الظروف؟
غير أن الواضح من خرجات الجيش الجزائري خلال الأسبوع الماضي للتسريع في إجراء الانتخابات، ارتكزت بحسب محللين سياسيين تحدثوا لـ"العين الإخبارية" على الظروف "غير الحسنة" المحيطة بالأزمة لضبط عقارب الطبقة السياسية على أقرب موعد للخروج من تركة "ثقيلة وخطرة ومحكمة" تركها نظام بوتفليقة على طريق حل أي أزمة سياسية تظهر "إن أُسقط نظامه" كما لمح بذلك قايد صالح في أكثر من مناسبة.
ويرى المراقبون أن الأسابيع المقبلة وما تبقى من أشهر نهاية العام ستكون حبلى بالأحداث ويتحدد فيها مصير الأزمة السياسية ومعها مستقبل الجزائر المرهون بين مخاطر أمنية وسياسية واقتصادية وإرادة شعب في التغيير.
أحزاب مرفوضة شعبيا تتآمر
وللمرة الأولى منذ سقوط نظام بوتفليقة، اتهم قائد الجيش الجزائري أحزاباً سياسية "مرفوضة شعبياً" لم يسمها بـ"التآمر على البلد والجيش لا همَّ لها سوى الانتقاد والعويل" كما قال، وهدد بكشفها في أقرب وقت.
كما دعاها إلى أن "تتقي الله في شعبها ووطنها وتتحلى بالقليل من الكرامة والشرف، والتمسك بأخلاقيات العمل السياسي، وتكف عن وضع العقبات على طريق مبادرات المخلصين للخروج بالبلاد من الأزمة".
وكشفت مصادر جزائرية مطلعة لـ"العين الإخبارية" فضلت عدم الكشف عن أسمائها، عن أن التيارات الإخوانية وبعض الأحزاب المعارضة المقربة من الدولة العميقة كانت المقصودة بحديث قايد صالح.
وأكدت المصادر ذاتها ما انفردت به "العين الإخبارية" في وقت سابق عن فتح الجزائر ملف التمويل القطري الخفي لتيارات إخوانية، بالإضافة إلى علاقة قياديين معارضين بدوائر مشبوهة في فرنسا، وأن حديث قائد الجيش الجزائري استند إلى التحقيقات الجارية في الملفين الخطرين، وكانت رسالة شديدة اللهجة ضد التيارات الإخوانية في انتظار فضحها ومحاسبة قادتها حسب تعهد قائد الجيش.
كما أكدت المصادر أن المقصود بالأحزاب "المرفوضة شعبيا" في كلام قايد صالح، تلك التيارات التي قوبلت بالطرد في المظاهرات الشعبية والرفض القاطع لأي دور لها، والمطالبة برحيلها مع نظام بوتفليقة.
وكان من أبرزهم الإخواني عبدالله جاب الله رئيس "جبهة العدالة والتنمية" الإخوانية ولويزة حنون رئيسة حزب العمال ومحسن بلعباس رئيس حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" أو التي لم يكن لها الجرأة على "التظاهر مع الجماهير وتظاهرت بالتظاهر حيث لا يوجد تظاهر" خشية تعرضها للطرد أيضا، مثلما حدث مع الإخواني عبدالرزاق مقري وحاشيته في "حركة مجتمع السلم الإخوانية".
حصانة الحزب الحاكم تهتز مجددا
وتعرض حزب "جبهة التحرير الوطني" الحاكم في الجزائر خلال الأسبوع المنصرم إلى "صدمة جديدة"، بعدما طلبت وزارة العدل رسمياً من البرلمان مباشرة إجراءات رفع الحصانة عن نائبين اثنين منه، وهما أمينه العام محمد جميعي إسماعيل بن حمادي والنائب عن حزب "التجمع الوطني الديمقراطي" بري ساكر الذي كان يقوده رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى المحكوم عليه بالسجن المؤقت بتهم فساد.
ولم يوضح طلب وزارة العدل أو بيان البرلمان الجزائرييْن أسباب طلب رفع الحصانة عن النواب الثلاثة، إلا أن محمد جميعي أشار، الخميس الماضي، في ندوة صحفية إلى أن الأمر مرتبط بـ"قضية شخصية" دون أن يعطي تفاصيل أخرى عنها.
بينما رجحت وسائل إعلام جزائرية أن يكون قرار وزارة العدل الجزائرية مرتبطاً بشبهات فساد تلاحق الأمين العام للحزب الحاكم، خاصة أنه يعد من رجال الأعمال الذين ظهروا في عهد الرئيس الجزائري المستقيل ومن المقربين من شقيقه ومستشاره الخاص.
ويملك محمد جميعي شركة لإنتاج الأجهزة الكهرومنزلية بالشراكة مع الشركة الكورية الجنوبية "LG" التي تسوق منتجات باسم "ستار لايت".
في مقابل ذلك، أعلنت الحكومة الجزائرية عن قرب رفع التجميد عن الأرصدة المالية لثلاثة رجال أعمال موجودين في السجن بتهم فساد من أصل 10، ويتعلق الأمر بكل من: علي حداد ورضا كونيناف ومحي الدين طحكوت.
ويأتي ذلك بعد أن قرر القضاء الجزائري تعيين مسيرين مؤقتين على رأس الشركات المملوكة لرجال الأعمال المتهمين بالفساد حتى صدور الأحكام النهائية في حقهم.
وذكر بيان عن الرئاسة الجزائرية أن الهدف من رفع الحظر عن الأرصدة المالية لرجال الأعمال مرتبط بحماية مناصب العمل التي توفرها شركاتهم.
ورأى مراقبون أن قرار السلطات الجزائرية رغم أنه كان متوقعاً، إلا أنه يهدف أيضا إلى قطع الطريق أمام "الدولة العميقة" لاستثمار غضب آلاف العاملين في شركات رجال الأعمال القابعين في السجن من تجميد رواتبهم.
وأكدت مصار أمنية لـ"العين الإخبارية" أن "أطرافاً خفية عملت على تعبئة آلاف العمال في تلك الشركات للخروج في المظاهرات الشعبية وعملت على تحريضهم وتبني مطالب سياسية جديدة لا علاقة لها بمشاكلهم، لكنها تخدم أجندات تلك الأطراف".