الجزائر في أسبوع.. دعوات لحل الحزب الحاكم وحملة لفضح مؤامرات"الحمدين"
سجن وزير العدل الأسبق وتكالب إعلام الحمدين على الجيش ودعوات حل الحزب الحاكم وتسريع لجنة الوساطة من لقاءاتها.. أبرز أحداث أسبوع الجزائر
التطورات المتسارعة في مسلسل الأزمة السياسية بالجزائر كانت السمة الأبرز خلال الأسبوع الماضي، بدءا من الدعوة المثيرة للجدل التي أطلقها "قدماء المحاربين" لحل الحزب الحاكم، الذي كان غائباً مع بقية أحزاب الموالاة عن أجندة لجنة الحوار والوساطة التي كثفت من نشاطها الذي شمل أحزابا في المعارضة، وسط إجماع على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية في أقرب الآجال.
- أسبوع الجزائر.. تغييرات بالجيش وتعهدات باسترجاع الأموال المنهوبة
- أسبوع الجزائر.. الحوار يعصف بالإخوان ويفكك مراكز الدولة العميقة
وفي خضم تركيز السياسيين على إيجاد حل للأزمة، عادت أبواق قطر الإعلامية إلى ممارسة دورها القديم في الجزائر، من خلال استهداف الجيش عبر انتقاء الضيوف بشكل غير مهني، الأمر الذي قوبل بموجة رفض شعبي لحملة إعلام "الحمدين" الشرسة، واصفاً إياها بـ"الإرهابية".
ولم تنقضِ أيام الأسبوع الماضي دون أن تدخل الحرب على الفساد مرحلة جديدة باتجاه أسماء من الوزن الثقيل في نظام بوتفليقة، كان من أبرزهم وزير العدل الأسبق الطيب بلعيز الذي أمر القضاء بوضعه في السجن المؤقت، وإعطاء الأوامر بالقبض على وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل للمرة الأولى منذ 2015.
الحراك الشعبي يعري إعلام "الحمدين"
مر الأسبوع المنصرم بـ"محاكمة شعبية" لقناة الجزيرة القطرية على خلفية استضافتها معارضين متطرفين للتهجم على الجيش الجزائري، ما حدا بالجزائريين لتصنيف حملتها الشرسة على بلادهم بـ"الإرهابية".
والجمعة الماضي، حمل جزائريون لافتات ضد أبواق قطر الإعلامية، واتهموها بمحاولة اختراق الحراك الشعبي لتنفيذ أجندات خطرة، كان من أبرزها "ثورتنا سلمية.. الجزيرة إرهابية" و"الجزيرة قِدر الفتنة".
ولجأت قناة الجزيرة القطرية إلى "التعاقد" مع معارضين محسوبين على أحد أجنحة نظام بوتفليقة المعروفين بمواقفهم العدائية تجاه قيادة أركان الجيش الجزائري.
واعتبر محللون سياسيون، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن توقيع مؤسسة إعلامية عقوداً مع معارضين يعد انتهاكاً صارخاً لأخلاقيات المهنة و"إعلان حرب".
وحصلت "العين الإخبارية" على معلومات دقيقة من جهات أمنية، أكدت أن الأجهزة الأمنية الجزائرية وضعت يدها على ملف "التمويل القطري الخفي لبعض التيارات الإخوانية" في البلاد، وباشرت تحقيقات معمقة منذ نحو أسبوعين مع بعض القيادات الإخوانية.
وربطت المصادر الأمنية بين تلك المعلومات ودخول قناة الجزيرة القطرية على خط إثارة الفتنة في البلاد في محاولة يائسة للضغط على السلطات الجزائرية لـ"عدم كشف المستور وما خفي منه".
كما تقاطعت تحليلات مراقبين تحدثوا لـ"العين الإخبارية" عما سمّوه بداية "خروج التحالف القطري الإخواني الفرنسي في الجزائر" إلى العلن، خاصة أن "عقدة الجيش الجزائري" تجمع الطرفين وفق تصريحاتهم.
وكشف أيضا المحلل السياسي الدكتور حسين قادري عن أن "قطر كانت تراهن على بعض المجموعات الإخوانية لتصدر المشهد في الأزمة السياسية وفي تشكيلة لجنة الحوار والوساطة ومسارها، غير أنها خسرت كل أوراقها بعد أن اتضحت تركيبة ومهمة الهيئة، وهو ما يفسر إلى حد كبير الحملة الإعلامية القطرية على الجيش الجزائري المتحكم في الأزمة السياسية ومخرجاتها من الحلول المتوقعة".
العدالة تسجن وزيرها الأسبق
استقبل سجن الحراش في العاصمة الجزائرية، الخميس الماضي، وافداً جديداً وثقيلاً من كبار رموز نظام بوتفليقة وهو وزير العدل الأسبق الطيب لوح، بعد أن وجهت له المحكمة العليا "أعلى هيئة قضائية" تهماً تتعلق بالفساد والثراء غير المشروع وعرقلة سير العدالة والتزوير في محررات رسمية والتحريض على التزوير والتستر على ملفات فساد وإساءة استغلال الوظيفة.
وبات سجن الحراش يضم في ظرف 4 أشهر فقط 9 وزراء من نظام بوتفليقة بتهم فساد بعد كل من عبدالغني زعلان مدير حملة الرئيس السابق ومحمد الغازي وزير التشغيل والضمان الاجتماعي الأسبق.
بالإضافة لعمار غول وزير الأشغال العمومية الأسبق، والوزيرين السابقين للصناعة والمناجم بدة محجوب ويوسف يوسفي، والسعيد بركات وجمال ولد عباس الوزيرين الأسبقين لـ"التضامن الوطني والأسرة والجالية بالخارج"، وعمارة بن يونس وزير التجارة الأسبق.
كما أصدرت المحكمة العليا، الأربعاء الماضي، أمراً إلى جميع الجهات الأمنية بالقبض على وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل، بعد غيابه عن جلستي تحقيق قضائي في قضايا فساد مرتبطة بتوقيع اتفاقيات غير قانونية لصالح شركة "سوناطراك" النفطية، وتهريب الأموال إلى الخارج.
وكان وزير العدل الحالي بلقاسم زغماتي قد أصدر عام 2015 مذكرة توقيف دولية ضد شكيب خليل بصفته رئيساً لمجلس قضاء الجزائر العاصمة، وهو القرار الذي كلفه الإقالة من منصبه.
وأظهرت تصريحات المسؤولين الجزائريين، خاصة قائد أركان الجيش ووزير العدل، أن الحرب على الفساد "لن تترك أثراً لنظام بوتفليقة" في مستقبل البلاد، بحسب المراقبين.
وفي أسبوع واحد امتدت يد العقاب إلى اسمين ثقيلين في عهد بوتفليقة كانا يوصفان بـ"الوزيرين فوق العادة" بحكم قربهما من الرئيس الجزائري المستقيل ومن أكثر الشخصيات التي حظيت بثقة نادرة لرئيس عُرف عنه توجسه الدائم من المحيطين به.
وفي خضم ذلك، قررت الرئاسة الجزائرية رسمياً الإبقاء على شركات رجال الأعمال المسجونين، وأمر الرئيس الجزائري المؤقت عبدالقادر بن صالح باستمرار نشاطها والحفاظ على مناصب الشغل فيها.
وكما انفردت بذلك "العين الإخبارية" في تقرير لها بتاريخ 26 يونيو/ حزيران الماضي، فقد قررت الحكومة الجزائرية اتخاذ إجراءات تحفظية للشركات المملوكة لرجال الأعمال المسجونين بتهم فساد، تقضي بتعيين "متصرفين إداريين" على مستوى تلك الشركات أو كما يسمى "الحارس القضائي".
وتتحدد مهمة الحارس القضائي في إدارة شؤون المؤسسة بصفته مديرا لها، ودفع أجور العمال وضمان المادة الأولية، والوفاء بالتزامات المؤسسة حتى صدور الحكم النهائي للعدالة.
تسريع وتيرة الحوار
وعلى مدار الأسبوع المنقضي، قام أعضاء لجنة الحوار والوساطة بجولات مكوكية بين مختلف الفاعلين السياسيين بهدف إيجاد حل للأزمة التي تدخل شهرها السادس.
والتقت اللجنة مع ممثلين عن الطلبة والمحتجين، بالإضافة إلى رؤساء بعض أحزاب المعارضة للمرة الأولى، من أبرزهم علي بن فليس رئيس حزب "طلائع الحريات" وعبدالعزيز بلعيد رئيس "جبهة المستقبل".
وكان إجراء الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت النقطة التي جمعت هيئة الحوار مع من التقتهم من سياسيين وممثلين عن الحراك الشعبي والطلبة، بالإضافة إلى اشتراط المعارضة ضمانات لنزاهة الانتخابات القادمة.
وشدد كريم يونس، رئيس لجنة الحوار والوساطة، على أن الهدف من الحوار والانتخابات الرئاسية هو "تغيير النظام بالكامل".
ويتوقع المراقبون انتخاب رئيس جديد للبلاد قبل نهاية العام الحالي، خاصة مع توافق كثير من الأحزاب المعارضة وممثلي الحراك الشعبي على "عدم تضييع المزيد من الوقت وتمديد عمر الأزمة بإجراء الانتخابات الرئاسية".
كما دعا معارضون إلى أن تكون ولاية الرئيس القادم واحدة فقط ولخمس سنوات، تكون شبيهة بـ"مرحلة انتقالية" يعمل خلالها على تغيير تركة بوتفليقة من القوانين، خاصة الدستور وقانون الانتخابات ومكافحة الفساد والقضاء.
دعوات العزل تهدد الحزب الحاكم
وأدلى، الثلاثاء الماضي، محمد واعمر بن الحاج، الأمين العام للمنظمة الجزائرية للمجاهدين "قدماء المحاربين"، بتصريح مثير، دعا فيه وزارة الداخلية الجزائرية إلى حل حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، معتبراً أن وضعيته في الساحة السياسية "غير قانونية".
كما طالب "بن الحاج" الحزب الحاكم بتغيير تسميته، مبرراً ذلك بأن التسمية الحالية تحمل "رمزاً وطنياً من رموز الدولة ومقوماتها، والقانون يمنع استغلال ذلك في النشاط الحزبي والسياسي".
وتأسست "جبهة التحرير الوطني" في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 1954، وقادت الثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي، قبل أن تتحول إلى حزب سياسي بعد استقلال الجزائر عام 1962، ويصبح الحزب الواحد لمدة 30 سنة "حتى 1990"، ثم حزباً حاكماً في عهد بوتفليقة "1999 – 2019".
دعوة قدماء المحاربين استدعت اجتماعاً طارئاً لمكتب الحزب الحاكم المعروف اختصاراً بـ"الأفالان"، والذي أصدر بياناً أعرب فيه عن رفضه لتلك المطالب، ودعت المنظمة إلى انتخاب أمين عام جديد "شرعي".
ويقول العارفون بطبيعة النظام السياسي في الجزائر ، إن المواقف الأخيرة لمنظمة قدماء المحاربين التي لطالما كانت لاعباً فاعلاً في أجنحة السلطة الجزائرية تؤكد خروج الصراع داخل أحد أجنحته إلى العلن منذ إعلان المنظمة معارضتها لترشح بوتفليقة لولاية خامسة في موقف مفاجئ وغير معهود، ورفضها المشاركة في جلسات الحوار، معتبرة أن ذلك "ضد إرادة الشعب".
aXA6IDMuMTQ0LjI0OS42MyA=
جزيرة ام اند امز