أسبوع الجزائر.. تغييرات بالجيش وتعهدات باسترجاع الأموال المنهوبة
يتواصل مسلسل الإقالات والتغييرات الواسعة التي شملت عدة قطاعات، أبرزها تغييرات جرت في صفوف الجيش وأعلنت عنها الرئاسة الجزائرية
شهد أسبوع الجزائر الماضي بعض المفاجآت، من أبرزها التغييرات الجديدة في صفوف الجيش، وتكثيف لجنة الحوار والوساطة لقاءاتها مع مختلف الأطياف باستثناء أحزاب الموالاة، وتعهد وزير العدل الجديد بلقاسم زغماتي بـ"تكثيف التحقيقات" مع رموز الفساد لاسترجاع الأموال المنهوبة من القابعين في السجون.
- أسبوع الجزائر.. الحوار يعصف بالإخوان ويفكك مراكز الدولة العميقة
- أسبوع ساخن بالجزائر.. حوار متعثر وطوارئ بسبب الحرائق وحوادث المرور
وتواصل خلال الأسبوع الماضي مسلسل الإقالات والتغييرات الواسعة التي شملت عدة قطاعات، أبرزها التغييرات التي جرت في صفوف الجيش وأعلنت عنها الرئاسة الجزائرية الأربعاء الماضي، وتعتبر الثانية من نوعها منذ تولي عبدالقادر بن صالح رئاسة البلاد مؤقتاً.
وشملت الإقالات المراقب العام للجيش، والمدير العام للمنشآت العسكرية بوزارة الدفاع، ومسؤولين في القضاء العسكري بمحافظتي ورقلة ووهران.
وتزامنت القرارات الجديدة مع تسجيل مصور لوزير الدفاع الجزائري الأسبق خالد نزار دعا خلاله إلى "الانقلاب على قيادة الجيش"، والذي أصدرت الأسبوع الماضي مذكرة توقيف دولية ضده.
واستبعد خبراء ومحللون سياسيون تحدثوا لـ"العين الإخبارية" وجود أي علاقة بين الإقالات وحديث "الجنرال القوي الأسبق في الجزائر" خلال التسعينيات، معتبرين أنها "قرارات عادية وروتينية تحدث في الفترات نفسها كل عام، وفق قواعد تسيير ثابتة تحكم عمل المؤسسة العسكرية الجزائرية".
وأوضحت الجريدة الرسمية، التي نشرت قرارات الرئاسة الجديدة، أن التعيينات تمت في 3 يوليو/تموز الماضي، أي قبل إصدار مذكرة التوقيف الدولية وعشية احتفال الجزائر بالذكرى الـ57 لاستقلالها، وهي الفترة التي تشهد كل عام تغييرات كبيرة على مستوى الجيش الجزائري بإحالة ضباط وجنرالات إلى التقاعد وترقية آخرين.
وكشفت مصادر أمنية جزائرية مطلعة، لـ"العين الإخبارية"، أن بعض المقالين في المؤسسة العسكرية وبعض الأجهزة الأمنية في الفترة الأخيرة "وردت أسماؤهم في تحقيقات فساد مع رموز نظام بوتفليقة"، كان آخرهم الطيب لوح وزير العدل السابق، وأكثر المقربين من الرئيس الجزائري المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة وشقيقه.
وأشارت إلى أن الأيام القليلة المقبلة "ستشهد تقديم ملفات مسؤولين عسكريين وأمنيين تمت إقالتهم مؤخراً إلى القضاءين العسكري والمدني"، ووصفتها بـ"الألغام المزروعة من قبل الدولة العميقة"، مرجحة أن يكون الأمر مرتبطا بـ"التآمر على قيادة الجيش والعمل لصالح الدولة العميقة".
إعادة الأموال المنهوبة
وفي أول تصريحاته منذ تعيينه في 31 يوليو/تموز الماضي، تعهد وزير العدل الجزائري بلقاسم زغماتي بـ"تكثيف التحقيقات لحصر واسترجاع الأموال المنهوبة" من رموز نظام بوتفليقة القابعين في سجني الحراش المدني والبليدة العسكري.
ووصف زغماتي تلك الأموال بـ"العائدات الإجرامية المأخوذة دون وجه حق"، مؤكداً أن "مكافحة الفساد لن تكتمل إلا باسترجاع الأموال المنهوبة وملاحقة المذنبين، وكشف الجناة وحصر عائداتهم الإجرامية، ثم حجزها وتجميدها".
وكشف وزير العدل الجزائري أن بلاده تتوفر على الآليات القانونية اللازمة لاسترجاع الأموال المنهوبة من الخارج.
حديث الوزير الجزائري تزامن مع النقاش الدائر في البلاد مؤخراً حول مخرجات التحقيقات الجارية في قضايا الفساد مع رموز نظام بوتفليقة، والتي أجمعت على أن الهدف المفترض منها "استرجاع ما نهب في عهد بوتفليقة"، والتي قدرتها أوساط إعلامية جزائرية ودولية بأكثر من 500 مليار دولار.
وفسر خبراء قانونيون تصريحات وزير العدل الجزائري، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أنها كشفت عن طبيعة مهمته وأماطت اللثام عن أسباب تعيينه المفاجئ على رأس وزارة العدل.
ويرى الخبراء أن توقيت تكليف "زغماتي" بحقيبة العدل في هذا التوقيت، والذي اشتهر بكونه "سجان كبار رموز نظام بوتفليقة" دلالة واحدة، وهي اطلاعه الواسع على ملفات فساد ركائز نظام بوتفليقة حتى قبل سقوطه، إضافة إلى معرفته الجيدة بخبايا شبكة الفساد المتشعبة التي تشكلت في عهد الرئيس المستقيل.
ويقول مطلعون على خفايا الفساد في الجزائر إن مهمة وزير العدل الجديد لن تكون سهلة، بالنظر إلى الصراع الذي كان محتدماً بين نظام بوتفليقة الذي كان يمثله شقيقه وبين الدولة العميقة التي كان عرابها رئيس جهاز المخابرات الأسبق محمد مدين.
وأفرز الصراع على مدار أزيد من عقدين حسب المراقبين شبكة واسعة من الفساد لجناحين قويين وسابقين في النظام الجزائري، كانت لهما ارتباطات خارجية، مرتكزة على أجنحة مالية وسياسية وأمنية، ومتغلغلة في هرم الدولة وفي غالبية القطاعات.
وشرع وزير العدل الجزائري الجديد في "حملة تطهير" داخل القضاء، حيث أمر الخميس بتوقيف 3 قضاة من مجالس الحراش بالجزائر العاصمة وتيارات وتلمسان (غرب البلاد)، بتهم "سوء استغلال الوظيفة وخرق الإجراءات القانونية وانتحال صفة الغير ونهب العقار".
ومع تعيينه وزيراً للعدل، توقع نشطاء وخبراء قانونيون أن تكون أولوية بلقاسم زغماتي "تطهير جهاز العدالة من قضاة الدولة العميقة" الذين تم تعيينهم في عهد بوتفليقة أو بأوامر من رئيس جهاز المخابرات الأسبق، الذي حافظ على نفوذه حتى بعد إقالته في 2015.
الموالاة وعقوبة الرفض
واتسعت خلال الأسبوع الماضي رقعة الرافضين لأي دور لأحزاب السلطة في حل الأزمة السياسية، وأعلنت لجنة الحوار والوساطة استبعاد 4 أحزاب من الموالاة من جلسات الحوار، ورفضها المطلق التعامل مع أحزاب "يقبع قادتها في السجن بتهم فساد".
وبررت هيئة "كريم يونس" قرارها بأنه لا يمكن "البحث عن حل للأزمة مع من كان سبباً فيها"، إضافة إلى "تطبيق توجهات المجتمع والحراك وكثير من الشركاء السياسيين الذين يرفضون بقاء تلك الأحزاب في الساحة السياسية".
ولم يفلح تغيير واجهة الحزبين الحاكمين وخطابهما "جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي" في تقليل حدة الرفض الشعبي، ويعد رحيل ما كان يعرف بـ"أحزاب التحالف الرئاسي الداعم لبوتفليقة" من أبرز مطالب الحراك الشعبي منذ بدايته قبل 6 أشهر.
في مقابل ذلك، نفى الحزبان وجود اتصالات سرية بين أحزاب الموالاة لشل البرلمان الجزائري، على خلفية استبعادها من قبل لجنة الوساطة والحوار في أجندة عملها، ووصفتها بـ"المزيفة" وأعلنت دعمها للجنة الحوار.
وتعيش أحزاب السلطة في الجزائر حالة من العزلة السياسية غير المسبوقة، بين اتساع رقعة الرفض الشعبي لها، وبين ما كشف عنه محللون سياسيون لـ"العين الإخبارية" عن "تخلي السلطة عن تلك الأحزاب ورفضها الحديث باسمها في هذه الظروف"، متوقعين أن تشهد الخارطة السياسية في المرحلة المقبلة تغييرات كبيرة تعيد صياغة المعادلة السياسية الموروثة عن نظام بوتفليقة.
aXA6IDMuMTQ1LjE4LjEzNSA= جزيرة ام اند امز