إقالات جديدة بالجيش الجزائري.. ألغام منزوعة أم تغييرات عادية؟
مصادر أمنية جزائرية تكشف عن إحالة ملفات مسؤولين عسكريين مقالين إلى القضاء قريبا وخبراء يعتبرون التغييرات طبيعية مرتبطة بعمل الجيش.
أحدث الرئيس الجزائري المؤقت عبدالقادر بن صالح، الأربعاء، تغييرات جديدة داخل المؤسسة العسكرية للبلاد للمرة الثانية منذ توليه منصبه في أبريل/نيسان الماضي.
وتعد إقالة اللواء حاجي زرهوني، المراقب العام للجيش، الأكبر ضمن سلسلة التغييرات الجديدة والذي حافظ على منصبه منذ 2010، حيث خلفه اللواء مصطفى أوجاني.
كما شملت التغييرات الجديدة بحسب ما ورد في الجريدة الرسمية للدولة الجزائرية تعيين العقيد عبدالقدوس حلايمية نائباً عاماً لدى مجلس الاستئناف العسكري بمحافظة ورقلة (جنوب شرق الجزائر) خلفاً للعقيد فريد طويل الذي عين في المنصب ذاته بمحافظة وهران غربي البلاد.
وعين الرئيس الجزائري المؤقت العميد أحمد مسعودي مديراً عاماً للمنشآت العسكرية بوزارة الدفاع.
وأقال بن صالح في 22 يوليو/تموز الماضي 7 من كبار قادة الجيش الجزائري دون أن تقدم الرئاسة الجزائرية توضيحات عن هذه القرارات التي تعد الأكبر منذ صيف 2018.
وشملت التغييرات قادة النواحي العسكرية الثانية والرابعة والسادسة، ونواب قادتي الناحيتين العسكريتين الثالثة والرابعة، بالإضافة إلى قائد الأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة "بشرشال" في محافظة تيبازة شرقي العاصمة.
ويتزامن الإعلان عن التغييرات الجديدة مع التطورات الأخيرة المتعلقة بإصدار الجزائر الأسبوع الماضي مذكرة توقيف دولية ضد وزير الدفاع الأسبق خالد نزار على خلفية "دعوته الصريحة للانقلاب على قيادة الجيش الجزائري" عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
غير أن بيان الجريدة الرسمية أوضح أن التغييرات الأخيرة صدرت في 3 يوليو/تموز الماضي، أي قبل إصدار مذكرة التوقيف الدولية وعشية احتفال الجزائر بالذكرى الـ57 لاستقلالها، وهي الفترة التي تشهد كل عام تغييرات كبيرة على مستوى الجيش الجزائري بإحالة ضباط وجنرالات على التقاعد وترقية آخرين.
كما تتزامن الإقلات الجديدة في الجيش الجزائري مع التغييرات التي أحدثها الرئيس الجزائري المؤقت خلال الأشهر الأخيرة في قطاعات أخرى، أبرزها العدالة والولاة (المحافظين) والمجالس المحلية.
وطرح المراقبون تساؤلات عن دلالات تلك التغييرات في هذا الظرف بالذات، وإن كان للأمر علاقة بإحداث قطيعة مع نظام بوتفليقة، خاصة وأن كل المقالين مؤخراً تم تعيينهم في عهد الرئيس الجزائري المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة.
ألغام منزوعة
وكشفت مصادر أمنية جزائرية مطلعة لـ"العين الإخبارية" رفضت الكشف عن أسمائها، عن أن الأيام القليلة القادمة "ستشهد تقديم ملفات بعض المسؤولين العسكريين والأمنيين الذين تمت إقالتهم مؤخراً إلى القضاءين العسكري والمدني"، ووصفتها بـ"الألغام المزروعة من قبل الدولة العميقة".
ورجحت المصادر أن يكون الأمر مرتبطا بما كشفت عنه وزارة الدفاع الجزائرية منذ مارس/آذار الماضي عن "وجود مخطط للإطاحة بقيادة الجيش"، خاصة بعد سجن من يوصفون بـ"أعمدة الدولة العميقة" من مسؤولين عسكريين وأمنيين وسياسيين سابقين ورجال أعمال.
كما أوضحت المصادر ذاتها، أن بعض المسؤولين المقالين وردت أسماؤهم في قضايا التحقيق مع عدة مسؤولين بارزين في نظام بوتفليقة، آخرهم وزير العدل السابق الطيب لوح الذي لا يزال القضاء الجزائري يحقق معه حول تهم فساد وإخفاء والتستر على ملفات فساد.
تغييرات عادية
غير أن العقيد المتقاعد في الجيش الجزائري عبدالعزيز مجاهد استبعد ارتباط التغييرات الجديدة في الجيش الجزائري بالأزمة السياسية، أو وجود علاقة بين المقالين ونظام بوتفليقة.
وقال مجاهد في تصريح لـ"العين الإخبارية" إن "هناك قواعد عمل في المؤسسة العسكرية الجزائرية، وبشكل سنوي وتحديداً خلال الصيف، تحدث ترقيات وتعيينات وتنقلات وإحالات على التقاعد".
وأوضح أن "قواعد تسيير الجيش الجزائري تقتضي تولي العسكريين الذين تمت ترقيتهم إلى رتب أعلى في شهر يوليو/تموز من كل عام، مناصب جديدة مباشرة بعد ترقيتهم، والتغييرات الأخيرة طبيعية وتحدث كل عام منذ نشأة المؤسسة العسكرية".
واستبعد الخبير الأمني وجود علاقة بين التصريحات الأخيرة لوزير الدفاع الجزائري الأسبق خالد نزار مع الإقالات الأخيرة، وأكد أن "التغييرات تحدث سنوياً في الجيش الجزائري حتى في سنوات التسعينيات لما كان الإرهاب الأعمى يضرب الجزائر، كانت هناك قرارات مماثلة، والمؤسسة العسكرية دائمة وقوانينها ثابتة لا تتغير ولا تتأثر بالأحداث".
وختم عبدالعزيز مجاهد كلامه بالإشارة إلى أن هدف التغييرات الأخيرة غير مرتبط أيضا بإبعاد رموز نظام بوتفليقة، بل بـ"احترام نظام عمل المؤسسة العسكرية، والمرتكز على ترك المكان لكفاءات جديدة".
بدوره، علق المحلل السياسي الدكتور محمد سي بشير على التغييرات التي أحدثها الرئيس الجزائري المؤقت على بعض المناصب في الجيش، بالقول إنها "روتينية وغير مرتبطة بالأزمة السياسية التي تعيشها البلاد".
وأوضح في تصريح لـ"العين الإخبارية" أنه "من غير الممكن ربط تلك التغييرات بالحرب على الفساد وعلى نظام بوتفليقة أو الدولة العميقة"، مشيراً إلى أن "الجيش لا يخضع عادة للحسابات السياسية، كما أن خالد نزار (وزير الدفاع الأسبق) لا يملك أي سلطة أو نفوذ في الجيش أو في الساحة السياسية، وبالتالي لا يمكنه التأثير في مجرى الأحداث".
ووصف قرارات الرئاسة الجزائرية الأخيرة بأنها "مرتبطة بسياسة الاحترافية التي ينتهجها الجيش الجزائري خاصة فيما تعلق منها بالتداول على المناصب، وهي عادة سنوية غير مرتبطة ولا متأثرة بالأحداث السياسية التي تشهدها البلاد".
aXA6IDMuMTI4LjMxLjc2IA== جزيرة ام اند امز