أسبوع ساخن بالجزائر.. حوار متعثر وطوارئ بسبب الحرائق وحوادث المرور
موقف الجيش الصارم من شروط لجنة الحوار وحرائق هائلة في شمال البلاد ومقتل 39 شخصا في حوادث مرور متفرقة.. أبرز أحداث أسبوع الجزائر
زاحم حرف "الحاء" نظيره "الباء" الذي ظل يردده الجزائريون في مظاهراتهم منذ بدء الحراك خلال الأسبوع المنقضي، وكان الحرف الطاغي على مجمل أحداث أيامه السبعة، بدءا من تعثر "الحوار" في بداياته إلى إعلان الطوارئ في البلاد بسبب "حرائق" هائلة التهمت مساحات غابية شاسعة زادتها "حوادث" مرور مميتة في مختلف مناطق البلاد.
- الجزائر في أسبوع.. خطوات جديدة لحل الأزمة وتفكيك نظام بوتفليقة
- الجزائر بأسبوع.. تحالف بوتفليقة في السجن والرياضة تُحرج السياسيين
أسبوع كانت أحداثه ساخنة بالموازاة مع الارتفاع القياسي في درجات الحرارة بشكل غير مسبوق، صنع خلاله موقف الجيش الحدث بعد رفضه الشروط المسبقة للجنة الحوار والوساطة التي يقول المتابعون: "إنها باتت بحاجة إلى وسيط ينقذ وجودها".
وفي الوقت الذي يستمر فيه التحقيق مع كبار رموز نظام بوتفليقة بتهم فساد جديدة، تولى "سجان" الرموز حقيبة وزارة العدل بشكل مفاجئ مع توقعات بـ"تطهير" جهاز العدالة من "قضاة الدولة العميقة" التي وصفها مراقبون بـ"المعركة الثانية في حرب مكافحة الفساد" التي ستطبع أحداث المرحلة المقبلة.
الجيش يرفض "الأمر الواقع"
شن الجيش الجزائري هجوما لاذعا خلال الأسبوع المنصرم على لجنة الحوار والوساطة على خلفية الشروط التي تقدمت بها للرئيس كـ"إجراءات للتهدئة"، ووصفها بـ"الإملاءات والأفكار المسمومة التي تقف وراءها العصابة".
ودعا قائد الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، الثلاثاء الماضي، إلى أن يكون تنظيم الانتخابات الرئاسية النقطة الأساسية التي يجب أن يرتكز عليها الحوار، وأبدى "رفضا صارما" لمطالبي إطلاق سراح بعض السجناء وتخفيف الإجراءات الأمنية على المظاهرات.
موقف وإن أربك لجنة الحوار والوساطة ووصفه البعض بـ"الانسداد" الجديد في أزمة امتدت إلى نصف العام.
إلا أن متابعين للشأن السياسي الجزائري أكدوا في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن تركيز الجيش على رفض بعض الشروط يؤكد "مخاوفه من عودة العصابة من نافذة لجنة الحوار" عبر مطالب "تخدم أجندتهم" كما شدد على ذلك رئيس الأركان.
وأوضحوا في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن "رؤية الجيش مبنية على معطيات أمنية لا يمكن للساسة تجاهلها"، في وقت رأى مراقبون أن شروط اللجنة "جعلت منها طرفا في الأزمة أكثر منها وسيطا بين الأطراف".
وساطة داخل لجنة الحوار
وبعد أن ألزمت السلطات بضرورة تطبيق إجراءات التهدئة كشرط أساسي للبدء في عملها، جاء موقف المؤسسة العسكرية ليخلط أوراق أعضائها الستة الذين استقال 2 منهم بينما تراجع رئيسها كريم يونس عن قرار مماثل بعد تدخل من بقية الأعضاء.
وبعد اجتماع استغرق ساعات عدة، قررت اللجنة مباشرة عملها بشكل "فوري" مع توسيع عدد أعضائها بضم شخصيات أخرى، وأجلت كشف مخطط العمل وأسماء القادمين الجدد إلى الأسبوع المقبل.
وأجمع محللون سياسيون في تصريحات لـ"العين الإخبارية" على أنه "رغم أهمية دور اللجنة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها الجزائر"، فإنهم يرون أن "ظروف الإعلان عنها جعلت منها لجنة هشة"، معتبرين أن الوساطة التي يفترض بها إيجاد حل لأزمة سياسية وجدت نفسها أمام أزمة قبول من الرأي العام والجيش.
غير أن مراقبين يرون أن موقف الجيش الأخير أعاد لجنة الحوار والوساطة إلى سكة دورها الأساسي وأعاد تصحيح خلل هيكلي ووظيفي تأكد من خلال بيان اللجنة الخميس الماضي الذي قرر توسيع أعضائها ووضع أجندة للمرحلة المقبلة مبنية على "شروط تفاوضية وليست مسبقة".
شوط جديد لمحاربة الفساد
وشهد الأربعاء الماضي إقالة مفاجئة لوزير العدل سليمان براهمي من قبل الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح رغم أن الدستور يحد من صلاحياته في إقالة الحكومة أو إحداث أي تغيير جزئي عليها.
وعين بلقاسم زغماتي النائب العام لمجلس قضاء الجزائر العاصمة خلفا له الذي وصفه جزائريون عبر مواقع التواصل بـ"المنجل الجديد الذي يُنتظر منه قطع المزيد من جذور الفساد" في البلاد.
ويشتهر وزير العدل الجزائري الجديد بكونه القاضي الذي سرّع في التحقيقات الخاصة بكبار رموز نظام بوتفليقة التي كشفت تورطهم في قضايا فساد متشعبة.
وهي التحقيقات التي مكنته من نقل ملفات ثقيلة إلى المحكمة العليا التي أمرت استنادا إلى مضمونها بوضعهم في السجن المؤقت.
وكشف خبراء قانونيون لـ"العين الإخبارية" أن "سجان كبار رموز نظام بوتفليقة" المتحكم في ملفات الفساد الثقيلة ومعرفته الجيدة برموز "العصابة" سيكون أمام مأمورية جديدة وصعبة.
وتتعلق مهاهم القادم الجديد لوزارة العدل بـ"تطهير جهاز العدالة من قضاة ومسؤولين على صلة بالدولة العميقة"، تم تعيينهم بأوامر من رئيس جهاز المخابرات الأسبق محمد مدين والسعيد بوتفليقة شقيق ومستشار الرئيس الجزائري المستقيل.
طوارئ بسبب الحرائق
شهدت محافظات عدة في شمال الجزائر طوال الأسبوع المنتهي نشوب حرائق هائلة في الجبال والغابات؛ ما استدعى إعلان السلطات الجزائرية حالة الطوارئ.
ووجد الجيش والحماية المدنية "الدفاع المدني" صعوبة في إخماد النيران التي وصلت إلى منازل وأحرقت قرى بأكملها خاصة في محافظات تيزيوزو وميلة وقسنطينة وسكيكدة "شرق البلاد" والبليدة "وسط الجزائر".
وتسببت الحرائق في وفاة رضيعة بمنطقة "أولاد يعيش" في محافظة البليدة وجرح واختناق العشرات، إضافة إلى نفوق عشرات الحيوانات.
وكشفت المديرية العامة للدفاع المدني أن الحرائق أتت على نحو 18.5 ألف هكتار من غابات البلاد طوال أسبوع كامل من بينها أشجار مثمرة وأخرى نادرة.
واتهمت "الاتحادية الجزائرية لعمال الغابات" من أسمتهم بـ"مافيا الفحم والغابات" بالوقوف وراء الحرائق للتمكن من الاستفادة من مشاريع استثمارية فوق هذه المساحات الغابية"، واصفة ذلك بـ"العمل الإجرامي المتعمد الذي سيؤدي لكارثة إيكولوجية لها ارتدادات وخيمة على الثروة النباتية والحيوانية والإنسان".
حوادث المرور تقتل 39 شخصا
وسجلت الجزائر طوال أيام الأسبوع المنتهي أثقل حصيلة لضحايا حوادث المرور، بعد أن لقي 39 شخصا حتفهم وأصيب 1846 آخرين بجروح في 1465 حادث مرور عبر مختلف طرقات البلاد، بحسب حصيلة كشفتها مديرية الحماية المدنية الجزائرية "الدفاع المدني".
وسجلت محافظة سطيف الواقعة شرق البلاد أثقل حصيلة عقب وفاة 9 أشخاص في لحظة واحدة، إثر اصطدام شاحنة بحافلة لنقل المسافرين.
ويطلق الجزائريون على حوادث المرور تسمية "إرهاب الطرقات" خاصة أن البلاد تحتل الصدارة عربيا في عدد حوادث المرور والرابعة عالميا.
وتُلقي بيانات الدفاع المدني بالجزائر المسؤولية على العامل البشري في تزايد حوادث المرور بالبلاد، مرجعة ذلك إلى الإفراط في السرعة الذي تسبب العام الماضي في 22% من الحوادث، إضافة إلى قلة تركيز السائقين داخل التجمعات السكنية والتجاوزات الخطرة.
بينما ينتقد السائقون وضعية عدد من الطرقات السريعة خاصة في الجهتين الشرقية والجنوبية من البلاد التي يقول المختصون: "إن كثيرا منها شيد بطرق لم تحترم المقاييس والمعايير المعمول بها عالميا".