لجنة الحوار تقسّم الجزائريين والجيش يرفض "الشروط المسبقة"
المواقف بين القوى السياسة والأحزاب في الجزائر تباينت بين الأولوية السياسية أو الأمنية في إجراءات التهدئة للدخول في حوار وطني
أثار تشكيل الرئاسة الجزائرية لجنة تتكون من 6 شخصيات لقيادة مسار الحوار الوطني الشامل تمهيدا لإجراء الانتخابات الرئاسية، حالة من الجدل والانقسام بين الجزائريين.
- قايد صالح: يجب إجراء الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت
- حوار وطني وإجراءات تهدئة تمهيدا لانتخابات الرئاسة بالجزائر
فيما رفض جزائريون اللجنة "لعدم وجود شخصيات بارزة فيها" كما يقولون، دعا آخرون إلى "الحكم على أدائها ومقترحاتها لحل الأزمة وليس على شخصياتها"، أما الجيش فرفض ما وصفه بـ"الشروط المسبقة" للجنة.
كما أجمع عدد من المراقبين على أن ولادة لجنة الحوار والوساطة منذ بداياتها كانت عسيرة، متوقعين بتأجيل الانتخابات الرئاسية حتى نهاية العام الجاري.
وبالتزامن مع هذا الجدل، أعرب الجيش الجزائري عن "رفضه للشروط المسبقة وإجراءات التهدئة التي اتفقت عليها لجنة الحوار والوساطة مع الرئيس الجزائري المؤقت عبدالقادر بن صالح خاصة فيما يتعلق بإطلاق سراح جميع معتقلي المظاهرات وتخفيف الإجراءات الأمنية على الاحتجاجات.
ووصف قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح بعض شروط اللجنة والتي وافق عليها الرئيس المؤقت بـ"الإملاءات والأفكار المسمومة التي تقف وراءها العصابة"، وانتقد دعوة العدالة الجزائرية للإفراج عن المعتقلين، معتبرا ذلك "تدخلا في عمل القضاء".
وانضمت شخصيات رافضة لمهام تلك اللجنة من بينهم رئيس الوزراء الأسبق مولود حمروش ووزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي والناشطان الحقوقيان مصطفى بوشاشي ومقران آيت العربي.
واعتبر حمروش، في بيان أصدره الإثنين، أن حراك 22 فبراير/شباط الماضي "أبطل بصفة مؤقتة مجموعة من عوامل زعزعة الاستقرار كما أوقفت تهديدات وشيكة".
غير أنه وجه رسالة مشفرة إلى أن من أسماهم "الحاكمين الفعليين"، ذكر فيها أن تلك التهديدات "لم تزُل بعد وهي في طور التكوين ولذلك استوجب على من يمسكون بمقاليد الحكم التحرك من أجل الاستجابة للحراك وتعبئة البلاد تفاديا لوقوعها في فخاخ الفوضى".
بينما اختارت شخصيات أخرى التريث قبل إعلان مواقفها من الانضمام إلى لجنة الحوار والوساطة من بينها المناضلة جميلة بوحيرد ورئيس الوزراء الأسبق مقداد سيفي ووزير الإعلام الأسبق عبدالعزيز رحابي.
مأزق سياسي
واعتبر المحلل السياسي العربي زواق أن التطورات الأخيرة "وضعت الجميع في حرج شديد".
وقال في تصريح لـ"العين الإخبارية": "إن حظ لجنة الحوار التعيس انتقل من الرفض الشعبي إلى رفض الجيش لاتفاقها مع الرئاسة، وبالتالي فإن هذه اللجنة ومعها الأزمة دخلت في مأزق حقيقي والرئيس المؤقت حاليا في حرج كبير جدا أمام اللجنة والرأي العام".
ويرى المحلل السياسي أن "ولادة اللجنة كانت عرجاء خاصة أن الإعلان عنها كان بمقر الرئاسة، إضافة إلى أن ما ينقصها عدم وجود شخصيات مقبولة شعبيا".
كما توقع زواق "أن تعلن بقية الأسماء المترددة رفضها الانضمام إلى اللجنة ولا أستبعد انسحاب بعض أعضائها"، كما توقع "استحالة إجراء الانتخابات الرئاسية مع نهاية العام الحالي".
بدوره، كشف جيلالي سفيان رئيس حزب "جيل جديد" لـ"العين الإخبارية" أن كثيرا من الأحزاب المعارضة كانت تعتزم التعامل مع اللجنة والدخول في مرحلة الحوار الوطني استنادا إلى ما تم الاتفاق بينها (لجنة الحوار) والرئاسة الجزائرية.
وأعرب السياسي الجزائري عن "مخاوفه من تعمق الأزمة السياسية" في بلاده، واصفا التطورات الأخيرة بـ"غلق أبواب الحوار" على حد تعبيره.
وأرجع ذلك إلى "عدم وجود تنازلات واضحة من السلطة وعدم اتضاح موقفها من الذهاب إلى نظام جديد رغم التنازلات المقدمة من قبل بعض المعارضة والقبول بإجراء الانتخابات في أقرب وقت".
وتابع قائلا "كحزب لا يمكننا الذهاب إلى الحوار دون أن تقدم السلطة عربون تهدئة من قبل السلطة، والأمور تتجه للمزيد من التعقيد، ونحن اليوم أمام حالة من الانسداد السياسي".
أولوية أمنية
أما أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور لزهر ماروك فقدم قراءة تحليلية لموقف الجيش الجزائري الأخير، وأوضح أنه "مرتكز على معطيات أمنية لا يمكن تجاهلها".
وقال في تصريح لـ"العين الإخبارية": "إن خطاب قائد الجيش غلبت عليه الرؤية الأمنية للوضع في البلاد، وحدد سقفا للمطالب لا يمكن أن تتجاوز حدا معينا، لأن ذلك قد يؤدي إلى زعزعة استقرار البلاد".
وأضاف: "الخطاب لم يكن سياسيا أو من أجل مغازلة أطراف سياسية خاصة مع ما يحيط من مخاطر على الجزائر من الداخل والخارج".
ويرى الأكاديمي الجزائري أن "الموقف الأخير استشعر وجود تهديدات داخلية جدية وخطرة تحركها بعض الأطراف، ومع ذلك تمسك قائد الجيش بالحل الدستوري والانتخابات باعتبارهما المخرج الوحيد".
aXA6IDMuMTQ3LjYuMTc2IA==
جزيرة ام اند امز