مهلة تحديد موعد الانتخابات.. هل الجزائر جاهزة لتجاوز عهد بوتفليقة؟
محللون سياسيون لـ"العين الإخبارية": تحديد الجيش الجزائري مهلة لإعلان تاريخ الانتخابات ينطلق من مخاطر أمنية وسياسية واقتصادية.
مع دخول الأزمة السياسية بالجزائر شهرها السابع، تتسارع وتيرة التطورات السياسية باتجاه التعجيل بإجراء الانتخابات الرئاسية وانتخاب خليفة الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة الذي أحدث ترشحه لولاية خامسة شهر مارس/آذار الماضي زلزالاً سياسياً في البلاد، ليترك وراءه تركة ثقيلة قلصت من مخارج الأزمة الحالية كما يرى المراقبون.
- الجيش الجزائري يحدد مهلة 15 يوما لإعلان موعد انتخابات الرئاسة
- الجيش الجزائري: نتمسك بالدستور ونرفض تأجيل انتخابات الرئاسة
وطرح المتابعون للشأن السياسي تساؤلات عن مدى قدرة الجزائر على تنظيم الانتخابات الرئاسية المؤجلة منذ أبريل/نيسان الماضي، في ظل اتساع الهوة بين بعض أقطاب المعارضة والحراك مع لجنة الحوار والوساطة المكلفة أساساً بالبحث عن مخرج للمأزق السياسي.
وجاء موقف الجيش الجزائري الذي حدد مهلة 15 يوماً للطبقة السياسية لتحديد تاريخ جديد لإجراء الانتخابات الرئاسية وتمسكه بالخيار الدستوري لحل الأزمة ليخلط حسابات أطرافها، ويطرح تساؤلات أخرى عن مدى جاهزية البلاد لتجاوز عهد بوتفليقة بعد إلغاء موعدين انتخابيين خلال عام واحد في سابقة هي الأولى من نوعها.
وفي خضم التطورات المتلاحقة، سرعت لجنة الحوار والوساطة من مشاوراتها مع مختلف فواعل الطبقة السياسية، إذ كشف رئيسها كريم يونس عن حصيلة لقاءاته التي شملت 23 حزباً سياسياً من أصل 71، بالإضافة إلى 5084 شخصية تمثل نشطاء الحراك ومنظمات أهلية.
كما وضع البرلمان الجزائري تعديل قانون الانتخابات على رأس جدول أعمال دورته الخريفية المقبلة التي ستنطلق في الأيام القادمة، بالإضافة إلى بحث وإنشاء هيئة مستقلة جديدة مكلفة بتنظيم ومراقبة الانتخابات ستكون من مخرجات عمل لجنة الحوار والوساطة.
وتتضمن مسودة مشروع هيئة مراقبة وتنظيم الانتخابات الجديدة سحب مراقبة وتنظيم الانتخابات من وزارتي العدل والداخلية، بالإضافة إلى تسليم المرشحين ملفاتهم للهيئة عوضاً عن وزارة الداخلية كما هو معمول به في قانون الانتخابات الحالي، الذي يرتقب أيضا تعديل قوانينه المتعلقة بمراقبة الانتخابات الرئاسية.
أولوية أمنية أم سياسية واقتصادية؟
رغبة الجيش الجزائري التي عبر عنها قائد الأركان قايد صالح، الإثنين الماضي، في التعجيل بإجراء انتخابات الرئاسة قبل نهاية العام الماضي، وحديثه عن حساسية الوضع والمخاطر التي تواجه البلاد جراء مؤامرات داخلية وخارجية، دفعت الكثير من المراقبين إلى إعطاء قراءات عدة عن الأسباب الحقيقية التي تدفع السلطات الجزائرية إلى التوجس من استمرار الأزمة السياسية وامتدادها إلى شهور أخرى.
الأكاديمي والمحلل السياسي الجزائري الدكتور بوزيد بومدين تساءل في منشور له على "فيسبوك" إن كانت دعوة الجيش للتسريع في إجراء الانتخابات مرتبطة بضرورات أمنية أم سياسية أم كليهما، عاد من خلاله إلى مواقف قيادة الأركان منذ بدء الأزمة السياسية ورؤيتها لحلها.
وربط المحلل السياسي بين جملة من التحديات الأمنية والسياسية المستخلصة من المواقف المتتالية للجيش الجزائري، والتي تدفع –كما جاء في منشوره– إلى التسريع في انتخاب خليفة بوتفليقة.
وذكر من بينها "تغير مواقف أحزاب سياسية ووسائل إعلام كانت مؤيدة لبوتفليقة إلى دعم مواقف الجيش، والأخطار التي قد تلهب الشارع وتزيد في تفكيك النسيج الاجتماعي وتتغذى من ذلك فتنة الهوية والجهوية (العشائرية)".
إضافة –كما قال- إلى "بعض الدوائر الأجنبية المدركة لذلك فهي تقول سلاحنا الثنائية الإلغائية وشقاق الهوية وهما عاملان يفرخان العنف السياسي ويكون للتدخل الأجنبي معنى"، وحديث الجيش عن تآمر بعض الأحزاب السياسية على الدولة.
كما رأى المحلل السياسي الدكتور لزهر ماروك أن تأكيد المؤسسة العسكرية الجزائرية على إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري ينطلق من مخاطر أمنية وسياسية واقتصادية.
وقال في تصريح لـ"العين الإخبارية" "إنه كلما تأجلت الانتخابات كلما سعت بعض الأطراف الداخلية إلى الاستحواذ على السلطة بدون انتخابات مع دخول أطراف خارجية لاختطاف البلاد".
وأوضح بأن "المؤسسة العسكرية على دراية تامة بكل الأوضاع، وهي الجهة الوحيدة بحكم صلاحياتها الدستورية ودورها الأمني التي تعرف كل التفاصيل الأمنية المحيطة بالأزمة السياسية".
بدوره، ذكر الخبير في القانون الدستوري الدكتور عامر رخيلة جملة من الأسباب التي تدفع بالجزائر إلى تسريع إجراء انتخابات الرئاسة، خاصة في "ظل التوافق الحاصل بين الطبقة السياسية على أن الحل في الانتخابات".
ولخص رخيلة تلك الأسباب في تصريح لـ"العين الإخبارية" في؛ "خطر الدعوات المطالبة بفترة انتقالية، وتحول الساحة إلى حلبة صراع على السلطة بين عدة أطراف ترك الحراك الشعبي مخترقاً ومؤطراً من أطراف مشبوهة، بالإضافة إلى التحديات الخارجية، وتعدد خرائط الطريق التي ينتج عنها المزيد من التناقضات، وكلها دفعت الجيش إلى الرغبة في تسريع إجراء انتخابات الرئاسة".
وأشار إلى أن خيار التسريع في انتخاب خليفة بوتفليقة يخضع لأولويات أمنية وسياسية واقتصادية، وكشف "عن تراجع هيئات إقليمية عن الاستثمار في الجزائر بعد الاطلاع على الوضع في البلاد، كما أن الوضع الاقتصادي لا يحتمل استمرار الأزمة لأشهر أخرى".
اختبار الشارع
كما أوضح الخبير القانوني أن تحديد سقف زمني للانتخابات القادمة سيخضع لاختبار الشارع، وسيتضح موقف الحراك الشعبي من خلال مظاهرات الثلاثاء والجمعة، و"نتمنى أن لا تحدث انزلاقات، وإن كنت متأكداً بأن السلطات الجزائرية تملك تقاليدها ووسائلها للتحكم في الوضع، وأكاد أجزم بأن الانتخابات ستجرى قبل نهاية العام الحالي".
أزمة ضمانات
حبيب براهمية القيادي في حزب "جيل جديد" المعارض، يرى بأن إجراء الانتخابات الرئاسية في ظل الظروف الحالية وبنفس المنظومة السابقة "قد يخلق أزمة أخرى"، وبأن ما يعرقل إجراء أي انتخابات هي الضمانات المقدمة.
وأوضح في تصريح لـ"العين الإخبارية" بأن "إجراء الانتخابات الرئاسية بدون ضمانات كافية يعني الالتفاف على مطالب الشعب، والجزائريون خرجوا في 22 فبراير الماضي ليس من أجل رحيل بوتفليقة فقط، بل لتغيير هذا النظام".
وأضاف بأن "المطلوب لإجراء الانتخابات الرئاسية الضمانات وطريقة عمل واضحة، والمشكل الحقيقي ليس في ميكانيزمات الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات بل هي أزمة ثقة، والحل في رأينا هو الانتخابات الرئاسية في أحسن الظروف وليس في أقرب الآجال".
بدوره، علق الدكتور يحيى جعفري القيادي بـ"الشبكة الجزائرية لفعاليات الحراك" على دعوة الجيش للتسريع في إجراء الانتخابات.
وقال في حديث مع "العين الإخبارية" إن "الرئاسة الجزائرية وعدت بأن يكون تحديد موعد إجراء الانتخابات من مخرجات الندوة الوطنية التي تكون ملزمة لكافة الأطراف، والفترة المحددة لإجراء انتخابات رئاسية بعد ثورة شعبية في رأيي غير كافية سواء من ناحية تعديل قانون الانتخاب أو إقرار قانون للهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات والتي تتطلب المزيد من الوقت، لكن بهذا الشكل فإن الجزائر متجهة لانتخابات بمن حضر".