أسبوع الجزائر.. استنفار تمهيدا للانتخابات وقبضة الحرس القديم تتزعزع
مصادقة البرلمان على نظام انتخابي جديد ترعب الإخوان وتغييرات كبيرة في جهاز الشرطة والتخلص من تركة بوتفليقة.. أبرز أحداث أسبوع الجزائر
بعد 28 أسبوعاً من التخبط السياسي والبحث عن مخرج من المأزق الذي تركه نظام الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة، عثرت الطبقة السياسية بالجزائر في الأسبوع الـ29 على إحداثيات خارطة حل الأزمة السياسية.
- أسبوع الجزائر.. بوادر انتخابات قبل نهاية العام والجيش يحذر "المتآمرين"
- برلمان الجزائر يصادق على مشروع السلطة المستقلة للانتخابات
إحداثيات رصدتها لجنة الحوار والوساطة بعد مشاورات ماراثونية، توجت بخارطة طريق لحل الأزمة تمثلت في سلطة وطنية مستقلة للانتخابات وتعديل بعض مواد القانون الخاص بها، ما دفع الرئاسة والبرلمان للتسريع في اعتمادها، لتتبقى فقط خطوة أخيرة تتمثل في استقالة حكومة بدوي وتحديد تاريخ موعد جديد لانتخابات الرئاسة الأسبوع المقبل.
أسبوع الجزائر الماضي انتهى أيضا بأكبر تغييرات طالت جهاز الأمن، لتكتب -بحسب المراقبين- بداية النهاية لقبضة بوتفليقة الأمنية التي حكم بها لأزيد من 10 أعوام.
كذلك شهد الأسبوع الماضي حدثاً مفصلياً آخر في تفكيك قبضة نظام بوتفليقة بتحديد تاريخ محاكمة شقيقه "السعيد"، كما تقرر رفع الحصانة عن أول سياسي ينطق بـ"دعم ولايته الخامسة".
أول انتخابات رئاسية بقواعد جديدة
حالة الاستنفار السياسي والقانوني غير المسبوق كانت السمة الرئيسية لأحداث الأسبوع المنصرم في الجزائر، بحسب المراقبين، الذين عزوها للتعجيل في إجراء انتخابات الرئاسة وطي صفحة نظام بوتفليقة، عقب التسريع في وتيرة الإجراءات القانونية لخارطة الطريق المعتمدة من قبل لجنة الحوار والوساطة.
وعلى مدار أسبوع واحد، ناقش وصادق مجلس الوزراء ثم البرلمان على مشروعي قانوني "السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات" الدائمة وتعديلات محدودة ومؤقتة على قانون الانتخابات، وسط تأكيدات من القيادة العسكرية على أن انتخاب خليفة بوتفليقة سيكون في الآجال المحددة، أي قبل نهاية العام الحالي.
"السلطة الانتخابية" جاءت بما لم يكن متوقعاً حتى عند أقطاب المعارضة، بشكل وضع الرافضين للحوار في "حرج سياسي"، كما ذكر محللون سياسيون لـ"العين الإخبارية"، لِما أقرته من قطيعة تامة مع ميكانيزمات العملية الانتخابية التي كانت تمر عبر "مخابر السلطة" من الداخلية والعدل والمجالس المحلية.
واتفق المراقبون على وصف مخرجات عملية الاستنفار القصوى للتحضير للانتخابات بـ"الجرأة السياسية للسلطة الجزائرية"، مشيرين إلى "تنازلها" للمرة الأولى منذ 1989 "تاريخ إقرار التعددية السياسية" عن صناعة الرؤساء والبرلمانات والمجالس المحلية لصالح لجنة مستقلة مكونة من أعضاء مستقلين و"غير معينين أو متحزبين"، تعمل على ضمان نزاهة وشفافية الانتخابات، كما يقول المسؤولون الجزائريون.
الإخوان.. الخاسر الأكبر
وذكر عدد من المحللين السياسيين، لـ"العين الإخبارية"، أن استحداث سلطة جديدة للانتخابات بقواعد مغايرة تماما للتجارب السابقة يعني نهاية ما كان يعرف في الجزائر بـ"نظام الكوطة" الذي يقصد به "نظام الحصص الممنوحة تحت الطاولة للأحزاب السياسية من خلال انتخابات صورية".
وكانت التيارات الإخوانية من أكثر المستفيدين من نظام المحاصصة الانتخابية، ما يفسر سر تخوفها ورفضها المشاركة في الحوار، كونها "تعرف أكثر من غيرها"، وفق المراقبين، "أن المصادقة على مشروع السلطة سيكون آخر مسمار في نعشها".
إذ منح القانون الصلاحية الكاملة للهيئة الجديدة لإدارة جميع مراحل العملية الانتخابية بدءاً من استدعاء الهيئة الناخبة حتى مرحلة النتائج المؤقتة والنهائية للانتخابات.
ويرى المحللون السياسيون أن النظام الانتخابي الجديد بالجزائر سيفرز خارطة سياسية جديدة في المرحلة المقبلة لن يكون فيها مكان "للتيارات المنبوذة شعبياً" أو التي "تمسك العصا من المنتصف" كما وصفها قائد الجيش الجزائري، في إشارة واضحة -بحسب المراقبين- إلى التيارات الإخوانية "اللاهثة وراء مصالحها الضيقة على حساب الوطنية".
"باء رابعة" تستعد للرحيل
وكشف الأسبوع المنصرم عن بوادر رحيل حكومة نور الدين بدوي، التي طالب الحراك الشعبي منذ بدايته برحيلها، وقد يشهد الأسبوع المقبل سقوط "الباء الرابعة"، بعد "باءات" بوتفليقة والطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري السابق وبوشارب معاذ رئيس البرلمان السابق.
إذ كشفت مصادر سياسية جزائرية عن اعتزام رئيس الوزراء الجزائري نور الدين بدوي تقديم استقالته وحكومته للرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح.
وحصلت "العين الإخبارية" على معلومات جديدة تفيد باحتمال استقالة بدوي بعد استدعاء الرئيس الجزائري المؤقت الهيئة الناخبة لموعد جديد لانتخابات الرئاسة المقرر الأسبوع المقبل مباشرة بعد مصادقة مجلس الأمة على مشروعي القانونين الجديدين الخاصين بنظام الانتخابات.
وأكدت المصادر ذاتها أن هناك اسمين مقترحين لخلافة نور الدين بدوي؛ هما وزير العدل الحالي بلقاسم زغماتي أو رئيس الوزراء الأسبق عبدالمجيد تبون.
ويعد ممثلو الحراك والمعارضة أن الحكومة الحالية عقبة أمام نزاهة أي انتخابات مقبلة؛ كونها من "إرث نظام بوتفليقة، وسبق لرئيس الوزراء الحالي الإشراف على الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية في عهد بوتفليقة عندما كان وزيرا للداخلية".
وبالتوازي مع ذلك، يستعد البرلمان الجزائري لرفع الحصانة عن النائب بهاء الدين طليبة الذي كان أول سياسي يدعو إلى دعم ومساندة ترشح بوتفليقة لولاية خامسة مع محمد جميعي الأمين العام للحزب الحاكم الذي قرر التنازل عنها، في انتظار فتح تحقيق معه في قضايا فساد، وفق ما ذكره الإعلام الجزائري.
كما تحددت جلسة محاكمة السعيد بوتفليقة شقيق ومستشار الرئيس الجزائري المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة يوم 23 سبتمبر/أيلول المقبل، مع كل من الفريق المتقاعد محمد مدين رئيس جهاز المخابرات الأسبق، والجنرال بشير طرطاق منسق الأجهزة الأمنية السابق، ولويزة حنون رئيسة حزب العمال المعارض.
ويواجه شقيق بوتفليقة ومن معه أمام القضاء العسكري 4 تهم ثقيلة تعني في القانون الجزائري "الخيانة العظمى"، وتتعلق بتورطها في التآمر على الجيش والحراك الشعبي، والعمل على تأجيج الوضع من خلال التحريض على عرقلة مساعي الخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد، والاتصال بجهات مشبوهة (التخابر)".
نظام بوتفليقة يفقد قبضته الأمنية
وانتهى الأسبوع بـ"ضربة كبيرة لنظام بوتفليقة الأمني"، بحسب خبراء أمنيين تحدثت معهم "العين الإخبارية"، عقب أكبر تغييرات على جهاز الشرطة يجريها الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح منذ توليه منصبه في 9 أبريل/نيسان الماضي.
وأقال بن صالح، في ظرف أسبوع، 51 مسؤولاً أمنياً تم تعيينهم في عهد بوتفليقة؛ بينهم 11 مسؤولاً في المديرية العامة للأمن الوطني "جهاز الشرطة"، ورؤساء أمن 40 محافظة.
ويجمع المراقبون على أن الإقالات الأخيرة منذ سقوط نظام بوتفليقة في الأجهزة الأمنية لم تكن إلا "نزعاً لألغام مزروعة تركها النظام السابق" وهو ما أكده قائد الجيش الجزائري في تصريحات سابقة، عندما تحدث عن "تحييد العقبات والألغام المزروعة التي تركتها العصابة في مختلف المؤسسات".
كما أوضحت مصادر "العين الإخبارية" أن القرارات الأكبر من نوعها التي اتخذتها الرئاسة الجزائرية مرتبطة أيضا بـ"التحقيقات المتعلقة بقضايا فساد مع مسؤولين أمنيين سابقين ورجال أعمال وسياسيين"، مرجحة ورود بعض الأسماء المقالة في التحقيقات الجارية.
ويأتي ذلك عقب أوامر قضائية بسجن ثلاثة من أكبر المسؤولين الأمنيين في عهد بوتفليقة؛ هم اللواء عبدالغني هامل المدير العام الأسبق لجهاز الشرطة، ورئيسا جهاز المخابرات السابقان الجنرال المتقاعد محمد مدين والجنرال بشير طرطاق.