بعد الموز.. حملة مقاطعة للبطاطس بالجزائر: الأسعار نار
بعد فاكهة الموز، امتد لهيب الأسعار في الجزائر إلى البطاطس، وتصاعدت الدعوات لمقاطعتها.
ومنذ الأحد الماضي، سجلت أسعار البطاطس في الجزائر ارتفاعات جنونية، بعد أن وصلت في أسواق التجزئة إلى 160 دينارا جزائريا للكيلوجرام الواحد، وهو ما يعادل نحو 1.11 دولار أمريكي، فيما تعدى سعرها في بعض المناطق 180 دينارا.
- "خليه يكحال" تؤتي أكلها.. انهيار أسعار الموز إلى النصف بالجزائر
- "خليه يكحال".. حملة لمقاطعة الموز بالجزائر بعد ارتفاع جنوني في أسعاره
ولم ينتظر الجزائريون طويلا، حتى أطلقوا حملات عبر منصات التواصل، دعوا من خلالها إلى مقاطعة شراء البطاطس من الأسواق والمحلات لإجبار التجار على خفض أسعارها.
وأكد نشطاء أن نجاح مقاطعة الموز بعد أن انهارت أسعاره إلى النصف، مؤشر على قدرة الجزائريين على استعمال ورقة المقاطعة الواسعة، تعبيرا منهم على رفضهم لما سموه "تحكم التجار في رقاب الجزائريين"، ولإجبار محتكري البطاطس على خفض أسعارها.
وأعرب جزائريون عبر مواقع التواصل عن سخطهم وغضبهم من الارتفاع المفاجئ في أسعار البطاطس وفي عز شهر رمضان الكريم.
استهلاك كبير وإنتاج وفير
وتعد البطاطس من الخضر الأساسية في غذاء الجزائريين، وتعد من الضروريات في عدة أطباق تقليدية أيضا، سواء في رمضان أو في غيره من الأشهر.
ووفق إحصائية رسمية، فإن الفرد الجزائري الواحد يستهلك سنوياً نحو 100 كيلوجرام سنوياً من البطاطس.
وتصدرت الجزائر منذ 2018 دول العالم في استهلاك البطاطس، وقدر حينها معدل الاستهلاك السنوي الفردي بنحو 111 كيلوجراما.
وبلغ الإنتاج المحلي من البطاطس في الجزائر خلال العام الماضي 40 مليون قنطار، وهي الكمية الضخمة التي تقرر نهاية 2021 تخزين جزء كبير منها لشهر رمضان تجنباً لارتفاع أسعارها.
في السياق ذاته، أكدت وزارة التجارة الجزائرية أن الارتفاع القياسي في أسعار البطاطس "غير مبرر"، وتعهدت بتكثيف الرقابة على الأسواق المحلية.
ومن تناقضات سوق البطاطس وأسعارها بالجزائر، أن الجزائر احتلت المرتبة الأولى عربياً وأفريقياً عام 2020 في إنتاج البطاطس، وفق تقرير سابق لمكتب منظمة الأمن الغذائي في أفريقيا بالجزائر، بعد أن وصل الإنتاج المحلي إلى 50 مليون قنطار.
أسباب متعددة
وليست هذه المرة الأولى التي تتضاعف فيها أسعار البطاطس بالجزائر والتي يصفها البعض بـ"سيدة المائدة الجزائرية"، خصوصاً في الأعوام الـ4 الأخيرة، حتى إنها باتت من أكثر المشاكل التي تؤرق الحكومة الجزائرية، وتدخلت مرارا عبر عدة إجراءات بينها وقف استيراد بذور البطاطس والاعتماد على المحلية، وتسقيف أسعارها في أسواق الجملة.
غير أن تخطي أسعارها هذه المرة للمرة الأولى سقف 160 دينارا للكيلوجرام أثار ضجة واسعة في الجزائر، وسط تضارب الأسباب التي يقدمها الخبراء والمختصون.
ويجمع عدد من خبراء الاقتصاد على توجيه المسؤولية بدرجة كبيرة للحكومة، ويعزون ذلك إلى "معالجتها أسعار البطاطس بإجراءات ظرفية، وبدون رؤية استشرافية للمدى المتوسط والبعيد".
بالإضافة إلى وجود "قاعدة اقتصادية" يصفها البعض في الجزائر بـ"الغريبة والعكسية"، إذ ترتفع الأسعار في أغلب الأحيان كلما ارتفع الإنتاج والعرض، فيما يؤكد مختصون بأن سر ذلك يعود إلى تدخل المضاربين على الخط، إذ يتسببون في ندرة البطاطس عبر تخزينها في أماكن سرية.
كما يشكو بعض المزارعين من شح المياه، وكذا من تفاوت مراحل جنيها من منطقة لأخرى، وهو ما يؤدي إلى ندرة في المنتج بالأسواق.
في الأثناء، حدد "الاتحاد العام للفلاحين الجزائريين" جملة من الأسباب التي أدت إلى الارتفاع القياسي في أسعار البطاطس بالأسواق المحلية.
وكان من أبرزها الأمطار الأخيرة التي قال إنها "منعت الفلاحين من جني محاصيلهم لأكثر من أسبوع نتيجة تحول التربة إلى طين"، وتوقع أن يسهم تحسن الطقس في إسراع المزارعين في جني محصولهم، ما يؤدي إلى عرض وفير بالأسواق.
كما كشف الاتحاد الجزائري عن أن الأسابيع الأخيرة شهدت تموين السوق المحلية من البطاطس من 3 محافظات فقط شمالية وهي سكيكدة (شرق)، ومستغانم وتيارت (غرب).
حملة مقاطعة
في الأثناء، دخلت "المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك" على خط حملات المقاطعة، وأطلقت حملة مقاطعة موازية للبطاطس، وأكدت بأن أسباب ارتفاعها يعود بالدرجة الأولى إلى "صعوبة ضبط السوق وتنظيمه"، وانتقدت الحكومة الجزائرية على ذلك.
وفي بيان للمنظمة اطلعت "العين الإخبارية" على محتواه، أشارت فيه إلى أنه "في ظل الارتفاع غير المسبوق لأهم منتج فلاحي للمستهلك الجزائري، المتمثل في مادة البطاطا، وهو الأمر الذي حذرنا منه منذ أسابيع عدة وتنبأنا بوصول سعره إلى ما هو عليه الآن، وبعد مناشدة الكثير لنا بالتحرك وتحمل المسؤولية الأخلاقية رغم قلة حيلتنا في هذه الظروف العصيبة التي نعيشها في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية وارتفاع تكلفة المنتجات الفلاحية، إضافة إلى اختلال السوق وصعوبة ضبطه وتنظيمه".
وتابع البيان: "فإن المنظمة تدعو إلى مقاطعة ظرفية للمنتج كاملا أو جزئيا حسب حالة كل أسرة واستطاعتها، وبعدما تعدى سعر البطاطا في بعض المناطق 180 دج، رغم إدراكنا بصعوبة المهمة لا سيما أن الأمر يتعلق بمادة أساسية، معتمدين على وعي المواطنين وصبرهم وتآزرهم".
كما طالبت المنظمة غير الحكومية من الحكومة الجزائرية بتسقيف أسعار البطاطس "وفق آليات مضبوطة"، وأعلنت استعدادها للمساهمة في "وضع ورقة طريق لهذه العملية التي يمكن تطبيقها في أيام معدودات فقط".
aXA6IDMuMTQ0LjguNzkg جزيرة ام اند امز