الجزائر.. ارتفاع التضخم إلى 4.8% وخبراء يحذرون من التداعيات
خبراء يعتبرون نسبة التضخم بعيدة عن تحذيرات الهيئات المالية وآخرون يتوقعون أن تؤدي لمزيد من تدهور القدرة الشرائية للمواطن الجزائري.
شهدت نسبة التضخم السنوي في الجزائر ارتفاعاً طفيفاً في يوليو/تموز الماضي، إذ بلغت 4.8%، مقارنة بـ 4.6% خلال الشهر المقابل من العام 2017، وفق البيانات التي أظهرها الديوان الجزائري للإحصائيات.
أما عن التطور الشهري لمؤشر أسعار المستهلكين فقد تراجع بنسبة (-1.9%)، وأرجع الديوان الجزائري ذلك إلى انخفاض أسعار السلع الغذائية بنسبة 4.5% خلال شهر يوليو/تموز الماضي مقارنة بشهر يونيو/حزيران السابق له.
من بين الأرقام التي قدمها الديوان الجزائري للإحصائيات عن السلع التي عرفت انخفاضاً في الشهر الماضي، ذكر المواد الفلاحية الطازجة التي انخفضت بنسبة (-8.7%)، والفواكه (-38.8%) والخضر (-12.5%).
في المقابل، شهدت أسعار بعض المنتجات ارتفاعاً متبايناً، إذ ارتفعت أسعار الدواجن بنسبة (+3.9%)، والمنتجات الغذائية الصناعية بنسبة (+0.1%)، والمواد المصنعة بـ (+0.5%) وأسعار الألبسة والأحذية بـ(+0.2%).
والملاحظ في نسبة التضخم السنوي إلى غاية نهاية يوليو/تموز الماضي أنها تقترب من نسبة التضخم التي توقعتها موازنة الجزائر لسنة 2018، والتي قدرها بنحو 5.5 %، غير أنها تبقى منخفضة مقارنة بالأشهر الأولى لهذا العام.
وسجل شهر يناير/كانون الثاني الماضي أعلى نسبة للتضخم في 2018، حيث بلغ 5.2 % ثم انخفض إلى 4.9% في فبراير/شباط الماضي و4.6 في مارس/أذار و4.3 في أبريل/نيسان، و4.4% في مايو/أيار، ليبدأ في الصعود مرة أخرى شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز الماضي.
- نسبة معقولة
ويرى بعض الخبراء الاقتصاديين، أن نسبة التضخم السنوي في الجزائر تبقى منخفضة بالمقارنة مع التحذيرات التي أطلقها خبراء وهيئات مالية دولية من ارتفاع قياسي للتضخم بعد لجوء الجزائر إلى نمط التمويل غير التقليدي من خلال إعادة طبع النقود شهر أكتوبر/تشرين الأول 2017.
- الجزائر.. 47.75% تراجعا بالعجز التجاري في النصف الأول من 2018
- "المركزي الجزائري" يعلن تفاصيل ضخ 30 مليار دولار في البنوك المحلية
وأشار الخبراء إلى نسب التضخم التي سجلتها الجزائر قبل بدء الأزمة الاقتصادية في 2014، حين بلغت 8.9% مع نهاية 2012، ما يعني بحسبهم قدرة الحكومة الجزائرية "إلى حد كبير" في التحكم في نسب التضخم.
كما سبق للوزير الأول الجزائري، أحمد أويحيى، أن عدَّ أن نسب التضخم المسجلة في الجزائر في 2018 تؤكد "نجاح الحكومة في تطبيق نمط التمويل غير التقليدي"، واعتبر أن "الدين الداخلي ليس بالمغامرة التي حذر منها الخبراء".
وكشف أيضا عن خطة حكومته الاستباقية لمواجهة أي ارتفاع قياسي في نسب التضخم، وقال "إن الحكومة الجزائرية اختارت مرافقة الدين الداخلي ببرنامج إصلاح يهدف إلى إعادة التوازن لحسابات الدولة الداخلية والخارجية، مع إعادة بعث حركية في الاقتصاد الجزائري عموماً".
- نسبة مهددة للقدرة الشرائية
غير أن خبراء آخرين يرون في نسب التضخم السنوي في الجزائر منذ بداية 2018 مؤشراً على بداية انهيار القدرة الشرائية للمواطن، مستدلين على ذلك بالارتفاع الكبير المسجل في مختلف الأسعار، إضافة إلى استمرار تراجع قيمة الدينار الجزائري أمام الدولار واليورو.
- صندوق النقد يرفع "مستوى التشاؤم" بشأن الاقتصاد الجزائري
- الجزائر تخسر 150 مليار دولار بسبب أزمتها الاقتصادية
وبحسب الخبير المالي والاقتصادي الدكتور جمال بلخباط، فإن "المؤشرات السلبية الحالية لنسب التضخم في الجزائر تتوافق أيضا مع اقتصاد غير المتماسك وغير المنتج للثروة وغير المتعدد لمصادر الدخل والمعتمد على الاقتصاد الريعي، إضافة إلى تآكل احتياطات الصرف إلى النصف والتذبذب المسجل في أسعار النفط".
وأضاف الخبير المالي في حديث مع "العين الإخبارية" أن "للتمويل غير التقليدي علاقة مباشرة بارتفاع نسبة التضخم السنوي في الجزائر، وعلينا أن نوضح أمرا مهماً، وهو أن الاقتصاد الجزائري لا يخضع لقوانين العرض والطلب، بل إلى منطق الاحتكار والمضاربة، والأسعار المسجلة في مختلف الأسواق لا تعبر عن حقيقة الأسعار التي يجب أن تكون، وهذا يرجع إلى أن الأسواق غير مراقبة وغير منظمة، وهي تسير بشكل عشوائي، ولا سيطرة للحكومة عليه، وبالتالي فإن ربط نسب التضخم بالأسعار المسجلة يبقى بعيداً عن الواقع".
وعن استقرار نسبة التضخم السنوي في حدود 4.8% بشكل رآه خبراء آخرون منخفضاً مع توقعات سابقة بأن تكون أكبر بفعل تطبيق نمط التمويل غير التقليدي، يرى الدكتور جمال بلخباط أن "نسب التضخم منذ بداية 2018 في الجزائر تبقى فعلا بعيدة جدا عن توقعات باقي الخبراء بأن تفوق 20 %، لكن يجب الإشارة إلى أنه إذا ما قورنت نسبة 4.8% مع القدرة الشرائية للمواطن فهذا يعني أن ذلك الرقم ضخم وغير مناسب للقدرات الشرائية للمواطن الجزائري التي تعتبر أصلا قدرة محدودة، وإضافة إلى أنه غير مناسب أيضا مع إمكانيات الاقتصاد الجزائري".
وكان صندوق النقد الدولي قد أعرب في آخر تقرير له عن "عدم ثقته" في الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الجزائرية لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد للعام الرابع، ورأى التقرير أن بعضها يهدد اقتصاد الجزائر.
ورغم نسب التضخم السنوي في الجزائر لعام 2018 التي تبقى منخفضة "نوعاً ما" مع توقعات الخبراء، إلا أن صندوق النقد الدولي واصل توجيه تحذيراته للحكومة الجزائرية من جملة الإجراءات المالية التي اتخذتها والتي قال إنها "ستعمل على تغذية التضخم"، خاصة في حال زيادة السيولة النقدية وارتفاع الأسعار وفرض قيود على الاستيراد، بحسب التقرير.