كورونا يقود الجزائر لـ"سنوات التقشف".. موازنة "صارمة"
بسعر مرجعي لبرميل النفط 40 دولارا الحكومة الجزائرية ترصد موازنة 2021 وتقر بالعواقب المالية الناجمة عن جائحة كورونا وتراجع أسعار النفط.
وشرع الثلاثاء، نواب البرلمان الجزائري في مناقشة مشروع قانون المالية لعام 2021 (الموازنة العامة) بعد طرحه من قبل حكومة عبد العزيز جراد.
ووفق المؤشرات الواردة في موازنة 2021، فقد كانت "الأكثر تقشفاً" خلال الأعوام الـ4 الأخيرة بنحو 62 مليار دولار، فرضتها توترات كورونا المالية التي أثرت على خزينة الدولة، وتفاقمت أكثر مع تراجع أسعار النفط، باعتباره المورد الذي يحتكر صادرات الجزائر بنحو 97 %.
- الجزائر ترفع توقعات عجز الميزانية بعد هبوط عائدات النفط
- الجزائر تفقد نصف مخزونها من النفط.. ووزير الطاقة "متفائل"
وتستمر مناقشة نواب البرلمان لموازنة 2021 الأولى في عهد الرئيس الحالي عبد المجيد تبون على مدار 10 أيام، فيما يتوقع أن يصادق عليها في 17 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وتستعرض "العين الإخبارية" في هذا التقرير، أبرز المؤشرات الواردة في موازنة الجزائر 2021، استناداً إلى نص مشروعها المعروض على البرلمان الذي اطلعت على تفاصيله.
تقشف "نصفي"
وحددت الحكومة الجزائرية إجمالي النفقات في موازنة 2021 بـ8113.04 مليار دينار، أي ما يعادل 62.75 مليار دولار، مسجلة تراجعاً بنحو 2 مليار دولار عن موازنة 2021.
وراهنت حكومة عبد العزيز جراد في إعداد موازنة 2021 على سعر مرجعي للنفط قدره 40 دولاراً للبرميل خلال الفترة من 2021 إلى 2023، مقابل 50 دولارا للبرميل في موازنة 2020، و30 دولارا للبرميل في الموازنة التكميلية لمايو/أيار 2020.
وبمقارنة موازنة 2021 مع موازنات السنوات الـ4 الأخيرة يتضح بأنها الأكثر تقشفاً، حيث وصلت في موازنة 2020 إلى 65 مليار دولار، وفي 2019 نحو 72 مليار دولار، و2018 بـ75 مليار دولار، و63 مليار دولار في موازنة 2017.
وسجلت موازنة التسيير 2021 ارتفاعاً بنسبة بنحو 1 مليار دولار مقارنة بموازنة 2020 بعد تخفيضها بنسبة 40 % في الموازنة التكميلية التي أقرتها الجزائر في مايو/أيار الماضي.
وبلغت قيمة موازنة التسيير 5314.51 مليار دينار وهو ما يعادل 41.13 مليار دولار مقابل 40.63 مليار دولار في موازنة 2020.
فيما تراجعت موازنة التجهيز في موازنة 2021 وحددت الحكومة الجزائرية قيمتها بـ2798.53 مليار دولار، ما يعادل 21.64 مليار دولار مقابل 23.93 مليار دولار في موازنة 2020.
غير أن الحكومة الجزائرية اعتمدت في مؤشرات موازنة 2021 على التعديلات الواردة على موازنة 2020 عبر موازنة تكميلية "تقشفية" مُررت في مايو/أيار الماضي، بعد خفض موازنة التسيير بنحو 40 % نتيجة الضغوط المالية التي فرضتها جائحة كورونا.
واستناداً إلى مشروع قانون المالية 2021 فقد توقعت ارتفاع النفقات العامة بنسبة (+10.04 %) مقارنة بالموازنة التكميلية لشهر مايو الماضي وليس بموازنة 2020، وهي الزيادة الناجمة عن ارتفاع نفقات التسيير بنحو (+11.83 %) والتجهيز إلى (+6.80 %).
وتوقعت موازنة المالية 2021 بالجزائر عجزا في ميزانية الدولة قدره (- 13.87 %) بالنسبة إلى الناتج الداخلي الخام مقابل (- 10.36 %) في الموازنة التكميلية (مايو 2020)، و(- 10.04 %) في موازنة 2020.
"الدفاع" تتصدر
وحافظت الموازنة السنوية لوزارة الدفاع الجزائرية على صدارتها في موازنة 2021 بالنظر إلى التحديات الأمنية التي تواجهها البلاد وفق تصريحات مسؤوليها، ورصدت لها ميزانية وصلت إلى 1230 مليار دولار، وهو ما يعادل نحو 12 مليار دولار.
ويعزو الخبراء الاقتصاديون تصدر القطاع العسكري في موازنات الجزائر إلى تزايد التهديدات والتوترات الأمنية في محيطها، خصوصاً في منطقة الساحل وليبيا، والتي تصنف ضمن أخطر المناطق وأكثرها نشاطاً إرهابياً.
ويبدو أن جائحة كورونا أعادت حسابات السلطات الجزائرية مع قطاع الصحة، بعد أن قررت ضخ المزيد من الإنفاق على موازنة القطاع، وبلغت قيمتها في موازنة 2021 نحو 410 مليار دولار، وهو ما يعادل 3 مليارات و181 مليون دولار.
والشأن ذاته مع قطاع التعليم، إذ رفعت الحكومة الجزائرية للمرة الأولى منذ أكثر من 5 أعوام المخصصات المالية للقطاع في موازنة 2021، ورصدت لها مبلغاً قدره 771 مليار دينار أي ما يعادل 5 ملايير و983 مليون دولار.
انتعاش النمو
وتوقع مشروع قانون المالية العامة لعام 2021 بالجزائر (الموازنة العامة) تحقيق نمو الاقتصاد انتعاشاً تصل نسبته إلى 3.98 % في 2021، مقابل 1.9 % في موازنة 2020.
فيما توقع تراجعاً في احتياطي الصرف مع نهاية 2021 ويصل إلى 46.84 مليار دولار، وسط توقعات بتحسنه في 2022 ويرتفع إلى 47.53 مليار دولار و50.02 مليار دولار في 2023.
ومن المرتقب أن تصل عائدات المحروقات الجزائرية وفق ما ورد في نص مشروع موازنة 2021 إلى 23.21 مليار دولار، و28.68 مليار دولار في 2022، و26.45 مليار دولار مع نهاية 2023.
بالإضافة إلى توقعات بأن تصل نسبة التضخم في 2021 إلى 4.50 %، وتتراجع في 2022 إلى نحو 4.05 % في 2022، وتعود للارتفاع في 2023 وتصل إلى 4.72 %.
وتوقعت موازنة الجزائر لعام 2021 أن يبلغ متوسط صرف الدينار الجزائري مقابل الدولار الأمريكي نحو 142.20 دينار، و149.31 دينار في 2022، و156.78 دينار في 2022، وهو ما يعادل انخفاضاً في قيمة الدينار الجزائري بنسبة 5 % أمام الدولار الأمريكي.
وسجلت الموازنة المقبلة تراجعاً في عجز ميزان المدفوعات مقارنة بـ2020، وتوقعت أن يصل إلى (- 3.60 مليار دولار) في 2021، مقابل (- 16.93 مليار دولار) في 2020.
تراجع الواردات
وتوقعت موازنة 2021 الجزائرية انخفاضاً في واردات البلاد من السلع بنسبة 14.4 % مقارنة بـ2020، على أن تبلغ قيمتها نحو 28.21 مليار دولار، و27.39 مليار دولار نهاية 2022، و27.01 مليار دولار في 2023.
توسيع الوعاء الضريبي
واعتمدت الحكومة الجزائرية على توسيع الوعاء الضريبي من خلال جرد النشاطات الخاضعة للضريبة التي كانت خارج دائرة الدفع الضريبي، مع فرض بعد الضرائب المباشرة الجديدة على بعض السلع والخدمات.
إذ تقرر تحديد رسم على رخص القيادة بقيمة 300 دينار (2.33 دولار)، وألف دينار (7.76 دولار) على رخص السياقة البيومترية، وكذا رفع قيمة الرسم الداخلي على الاستهلاك المطبق على السجائر واليجار والجعة بنسبة 15 %.
فيما أقرت الموازنة إعفاء لمدة 5 أعوام من الرسم على النشاط المهني والضريبة لأرباح الشركات الناشئة.
ومن بين الرسوم الجديدة الواردة في موازنة الجزائر 2021، استحداث رسم قدره 5 آلاف دينار (38.80 دولار) لتراخيص تصدير النفايات الخطرة، وفرض ضريبة على كل كيلوجرام من السمك المستورد بقيمة 10 دينار (0.078 دولار).
عواقب مالية
وأقرت الحكومة الجزائرية خلال عرضها مشروع موازنة 2021 على البرلمان بـ"صعوبة إعداد" الموازنة، مرجعة ذلك إلى الأزمة الصحية التي فرضت "عواقب مالية غير مسبوقة على الدولة ومؤسساتها المالية وغير المالية وكذا على العملاء الاقتصاديين والعائلات".
وأشارت إلى مواجهة اقتصاد الجزائر لضغوط مالية كان له ارتدادات سلبية وتوترات كبيرة على خزينة الدولة، زادت عقب رصد الحكومة الجزائرية موازنة خاصة بجائحة كورونا.
وهو ما فرض عليها إقرار موازنة "أكثر صرامة وبسياسة ترشيد النفقات العمومية للحفاظ على التوازنات المالية" في إشارة إلى قضايا الفساد والنهب التي شهدتها السنوات الـ5 الأخيرة من حكم بوتفليقة.
وعلى الرغم من ذلك، إلا أن الحكومة الجزائرية دافعت عن مشروع موازنة المالية 2021 الأول في عهد الرئيس الحالي عبد المجيد تبون منذ توليه الحكم نهاية العام الماضي.
واعتبرت بأنها تكرس "نظاماً اقتصادياً ومالياً واجتماعياً جديدا، وتثبت الأسس الاقتصادية من خلال العودة التدريجية للنشاط الاقتصادي بمستوى يسمح بتعويض الخسائر المسجلة في 2020" والمقدرة بنحو 10 مليارات دولار.
وترى حكومة عبد العزيز جراد بأن موازنة العام المقبل تعمل على "تخفيف الاختلالات الداخلية والخارجية في حسابات الدولة، لكنها حددت تحقق أهدافها بالوضعية الوبائية لانتشار فيروس كورونا على المستويين الداخلي والدولي وتطور الطلب على المنتجات النفطية.