غاز الجزائر.. هل يدفع فرنسا نحو شتاء دافئ؟
مع اقتراب قدوم فصل الشتاء، تتسارع وتيرة الدول الأوروبية لتدبير احتياجاتها من الغاز الطبيعي وسط أزمة الطاقة الحالية المتصاعدة.
وبالفعل، تقترب مجموعة انجي الفرنسية للطاقة من التوصل لاتفاق مع الجزائر لزيادة واردات الغاز الطبيعي، في صفقة يمكن أن تتم بعد زيارة رسمية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للبلاد.
ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء الأحد، عن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية أوليفييه فيران في تصريحات لقناة "بي إف إم" اليوم قوله إن "المفاوضات الدبلوماسية جارية"، مضيفا أنه يمكن أن يتم الإعلان عن ذلك خلال فترة وجيزة.
كان راديو "يوروب1" أول من تحدث عن هذا الاتفاق المحتمل الذي يمكن أن يزيد شحنات الغاز بحوالي 50%.
وقال: "كان هناك تقارب خلال الزيارة". وأضاف: "الزيارة لا يمكن اختصارها في شؤون الطاقة، حتى على الرغم من أن مسألة الطاقة، في ظل السياق الحالي، كانت مطروحة للنقاش".
وذكرت إذاعة "يوروب1" أن المديرة التنفيذية لمجموعة "إنجي" كاثرين ماكجريجور قد التقت بوزير الطاقة الجزائري ورئيس شركة النفط والغاز الحكومية الجزائرية "سوناطراك".
وأوضحت الإذاعة أن فرنسا تحصل على 8% من احتياجاتها من الغاز من الجزائر.
و"انجي" هي مرفق للكهرباء، تقوم بتوليد الكهرباء من خلال استخدام الغاز الطبيعي والفحم والطاقة النووية والقوى المائية وطاقة الرياح والكتلة الحيوية والطاقة الحرارية للأرض، ومصادر الطاقة الشمسية ، وتقوم بأنشطة التجارة والبيع الخاصة بهذه الطاقة.
والجزائر هي أكبر مورد للغاز لأوروبا بعد روسيا والنرويج، بما في ذلك فرنسا، واكتشفت احتياطيات جديدة ما جذب اهتماما متزايدا بها. ووقعت الحكومة الجزائرية مؤخرا اتفاقيات مع إيطاليا لزيادة شحنات الغاز إليها.
ومن جانبه، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة 26 أغسطس/آب 2022، إنه على الرغم من أن فرنسا لا تعتمد على الغاز الجزائري، فإن شراكات الجزائر، على سبيل المثال مع إيطاليا، "مفيدة في الجهد الأوروبي للتخلص من الاعتماد على الغاز الروسي".
وتابع: "فرنسا، كما تعلمون، لا تعتمد كثيرا على الغاز، بالنسبة لنا، يمثل حوالي 20٪ من الطاقة لذا فهو قليل جدا".
وقال ماكرون: "كل شيء سيسير على ما يرام هذا الشتاء في فرنسا"، وأكد أن "التضامن الأوروبي ضروري"، مضيفا أن "بعض الدول تعتمد بدرجة أكبر على الغاز، وخاصة الغاز الروسي".
وأضاف: "أشكر الجزائر على زيادة حجم الغاز الذي تزود به إيطاليا"، وتابع الرئيس: "إنه جيد لإيطاليا، إنه جيد لأوروبا ويحسن تنويع إمدادات الغاز في أوروبا".
وفي يوليو/تموز الماضي، اعتبر وزير المالية الفرنسي برونو لومير، أنه على الحكومة الفرنسية أن تستعد لوقف كامل لإمدادات الغاز الروسي، في ظلّ حربها المستمرة بأوكرانيا، ووصف هذه الخطوة بـ"الخيار الأكثر ترجيحاً".
وقال لومير، "أعتقد أن وقف كل إمدادات الغاز الروسي بات احتمالاً جدياً.. وعلينا أن نحضّر أنفسنا لذلك".
كما اعتبر الوزير الفرنسي، أن "أول خط دفاعي يتمثل في أن تخفّض الأسر والشركات استهلاك الطاقة، ثم تشييد بنية أساسية جديدة، مثل منشأة عائمة، لإعادة الغاز المسال الآتي من الخارج إلى حالته الغازية، وفق ما نقلته "رويترز".
ولفت لومير إلى وجوب أن تقتصد فرنسا في استهلاكها للطاقة، وتكدّس مخزوناً للغاز، وتقلّص الروتين الذي يبطئ تطوير الطاقات المتجددة، وتسرّع برنامجها لبناء مفاعلات نووية جديدة، بحسب "بلومبرج".
واعتبر الوزير أن أزمة الطاقة تمثل بالنسبة إليه "أهم قضية في الأشهر المقبلة"، ويجب الاستعداد لقطع كلي في إمدادات الغاز، مشيراً إلى أن الاستعداد للقطع الكلي للغاز الروسي، يجب أن "يسرّع في استقلالية طاقتنا".
وتابع "نحن مستقلون للغاية، ولا نحبذ الاعتماد على الآخرين. يجب أن يكون الاستقلال الأول في الطاقة".
وأضاف لومير "يتعين علينا الاستعداد الآن لمعركة التنظيم والتقنين والتقشف وخفض الاستهلاك ... علينا الآن اتخاذ القرارات".
وتستورد فرنسا من روسيا نحو 17% من إمداداتها من الغاز، لكنها أقلّ اعتماداً على الغاز الروسي من دول مجاورة، حيث يأتي 50% من أوروبا، أي من النرويج، كما أن حكومتها تُعدّ خططاً بديلة.
ويشكّل وقف الإمدادات مشكلة في الوقت الراهن، لأن مولّدات الكهرباء التي تعمل بالطاقة النووية ستواجه صعوبة في تعويض النقص، نتيجة توقف عدة مفاعلات لإجراء أعمال صيانة.
وبحسب وزيرة انتقال الطاقة الفرنسية، أنييس بانييه روناتشر، تعمل فرنسا على ضمان "أقصى ملء" لسعات التخزين؛ حيث تستهدف الاقتراب من 100٪ في بداية الخريف، قبل فصل الشتاء.
وقد كشفت منصة "Agregated Gas Storage Inventory" الأوروبية المتخصصة في إحصاءات تخزين الغاز أن مخزون فرنسا من الغاز استعدادا لفصل الشتاء بلغ 90.06%، وذلك حسبما أفادت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية.
وأضافت أن فرنسا في طريقها لتحقيق هدف الحكومة المتمثل في الوصول إلى 100% من مخزون الغاز قبل شهر نوفمبر، من أجل التعامل مع نقص محتمل في الغاز مرتبط بالحرب في أوكرانيا.
وأوضحت أن مخزون شركة تيريجا (Teréga)، إحدى شركتين تتوليان تشغيل شبكة نقل الغاز في فرنسا، بلغ 91.21% من الطاقة الاستيعابية، في حين بلغ مخزون شركة Storengy، وهي شركة تابعة لشركة (Engie) 89.67%.