"افضحوا المتحرش".. حكايات صادمة عن الاعتداءات الجنسية في الجزائر
أنْ تسجل دولة يُعرف مجتمعها بـ"المحافظ" رقماً قياسياً في نسب التحرش الجنسي سنوياً يفوق 9 آلاف حالة فتلك "كارثة".
توصيف "الكارثة" أطلقته جمعية "TBD Algria" أو "Tomorrow is a better Day" (لغد أفضل)، عبر مبادرة جديدة دقت من خلالها ناقوس الخطر، ليس فقط على تزايد حالات التحرش الجنسي بالأطفال والنساء، بل لـ"نوعية قصص التحرش" التي "فاقت حدود الخيال والأخلاق".
- 9 آلاف اعتداء جنسي على أطفال الجزائر.. سكوت الأهل "جريمة"
- "لغد أفضل".. أول منصة إلكترونية لمحاربة التحرش بالجزائر
"افضحوا المتحرش" هو عنوان المبادرة الجديدة التي أطلقتها جمعية "لغد أفضل" دعت لأن تكون "السلاح الفتاك لمواجهة كوارث الاعتداءات الجنسية" التي يعاني منها الأطفال والنساء "بشكل يومي".
الجمعية وعبر مبادرتها، دعت كل ضحايا التحرش الجنسي وعائلاتهم لدعمها ولفضح من وصفتهم بـ"أشباه العباد".
و"لغد أفضل" هي جمعية ومنصة جزائرية خاصة تهدف لمحاربة ثقافة الاغتصاب ومساعدة الناجين من الاعتداءات والتحرشات الجنسية التي يتعرض لها الأطفال والنساء في المجتمع الجزائري.
ومن خلال مبادرة "افضحوا المتحرش"، منحت الجمعية "بصيص أمل" للضحايا من النساء والأطفال وحتى "الرجال" ممن تعرضوا للاعتداء أو التحرش الجنسي، من خلال تشجيعهم على "عدم السكوت" عن جريمة الاعتداء و"فضح المتحرش".
وطالبت عبر مبادرتها من الضحايا مواجهة "أشباه العباد" (في إشارة إلى المتحرشين) إلى مواجهتهم بصور الهاتف، وفضحهم أمام الرأي العام والمحاكم، وعدم الخوف من أي رد فعل من المجتمع.
وأكدت الجمعية بأن فضح المتحرشين والدفاع عن الضحايا "مسؤولية جماعية"، وعدت إلى تكاتف الجهود لـ"وقف المتحرشين عند حدهم"، وشددت على أن "الوحوش البشرية" "طغت في ممارساتها وشذوذها".
قصص اعتداء
جمعية "لغد أفضل" كشفت عن قصص حالات تحرش جنسي ضد الأطفال والنساء، وحجبت أسماءهم خشية تعرضهم لأي مضايقات.
ومن بين قصص التحرش الجنسي التي اطلعت عليها "العين الإخبارية" لفتاة "باحت" للمرة الأولى بـ"سر الاعتداء عليها" عندما كانت في مرحلة المتوسط التعليمية، أي عندما كان عمرها بين 11 سنوات و15 سنة.
قصة هذه الفتاة "صادمة" وفق تعليقات الجزائريين عبر منصات التواصل، عندما أوقعها "وحش بشري" في فخ والكارثة الكبرى أنه من "معاق حركياً" أو "يدّعي ذلك".
وذكرت الفتاة في قصتها المأساوية: "في أحد أيام دراستي بالمتوسط، خرجت متأخرة من المتوسطة في حدود الساعة الرابعة مساء، كان فصل الشتاء والأمطار تتهاطل، وفي طريقي للعودة إلى المنزل صادفت رجلا مقعدا على كرسي متحرك قال لي: يا ابنتي أريد مساعدتك رجاء".
وتابعت تسرد قصتها: "اقتربت منه، فطلب مني الاقتراب أكثر حتى صدمني بنزع ثيابه وحاول الاعتداء علي".
وأشارت الفتاة إلى تمكنها من الهروب منه بـ"سرعة البرق" وبأنها "لازالت تتذكر" هذه الحادثة إلى يومنا، وبأنه لازال يقوم بأفعاله دون تدخل من أي جهة.
سيدة جزائرية أخرى كشفت لجمعية "لغد أفضل" عن تعرض ابنتها لـ"الاغتصاب من قبل والدها لمدة 3 سنوات".
ومما ذكرته بأن ابنتها تعرضت للاغتصاب لمدة 3 سنوات كاملة من قبل والدها "تحت التهديد بالقتل" واستعمل معها لاغتصابها "أدوية منومة"، وبأنها باتت تعيش ضغوطات نفسية رهيبة.
وذكرت بأنه بعد مواجهة زوجها بأدلة الجريمة، نفى ذلك و"يتمكن في كل مرة أن يفلت من العدالة".
"إخواني متحرش"
شاب آخر تحدث أيضا عن قصته مع التحرش الجنسي بحافلة للنقل العمومي، عندما كان عمره 17 عاماً.
الشاب كان ضحية "إخواني" حاول التحرش به جنسياً في الحافلة، والذين يسمون في الجزائر بـ"أخينا" أو "الخوانجية"، لكن نهاية الإخواني المعتدي كانت "أسوأ من تحرشه الجنسي، لم أترك في جسمه شيئاً يصلح، أشبعته ضرباً".
كما سردت جمعية "لغد أفضل" قصص تحرش "جريئة" من أصحابها في وسائل النقل، ضحاياها بالدرجة الأولى بنات أو أطفال صغار يتعرضن للتحرش الجنسي بطرق بشعة.
"التحرش النسوي"
وظهر من القصص التي كشفت عنها الجمعية الحقوقية الجزائرية، بأن ظاهرة التحرش الجنسي بالجزائر "لا تقتصر على الرجال فقط"، ولم تكن في معظم الحالات "المرأة أو الطفلة" هي الضحية.
ومن بين الروايات التي كشف عنها أحد الشباب من العاصمة تعرضه للتحرش الجنسي من سيدة في حافلة كانت مكتظة عن آخرها.
وذكر بأن تلك السيدة استغلت اكتظاظ الحافلة ولجأت إلى "الالتصاق به" رغم محاولاته المتكررة الهروب منها.
كما روى أحد الشباب أيضا قصة "التحرش به جنسياً" من قبل فتاة في حافلة لنقل المسافرين، قال إنها جلست بجانبه ثم راحت تقوم بـ"إيحاءات جنسية" قبل أن تتظاهر بـ"الإغماء عليها" وسقطت عليه، ثم حاولت "أن تنزع له سرواله".
وبحسب قصة الشاب، فقد قام بـ"ضربها وشتمها وفضحها أمام المسافرين في الحافلة" ثم طلب من السائق أن يوقف الحافلة وينزله في أقرب مكان.
وكشفت الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل المعروفة باسم "ندى"، العام الماضي، في تقرير صادم، عن تعرض أكثر من 9 آلاف طفل لاعتداء جنسي سنوياً في الجزائر، ودعت إلى مراجعة عميقة لمنظومة حماية حقوق الطفل.
مفهوم واسع
ووفق جمعية "لغد أفضل"، فإن للاعتداء الجنسي مفهوم واسع، وترى فيه مصطلحاً واسعاً يشمل الاعتداء الجنسي اللفظي والجسدي غير المرغوب فيه.
وتُعرِّف "TBD Algeria" الاعتداء الجنسي على أنه كل ما يشمل طلبات الخدمات الجنسية، والتحرش اللفظي ذو الطبيعة الجنسية بما فيه النكت التي بها إيحاءات جنسية، ولمس غير مرغوب فيه، مناقشة العلاقات الجنسية من قصص وتخيلات سواء في العمل أو المدارس أو أي أماكن أخرى غير مناسبة.
وكذا الشعور بالضغط حين التعامل مع الشخص جنسياً، وفضح الجاني نفسه من خلال كشف الأعضاء الخاصة أو القيام بأعمال أخرى كلمس النفس، وحتى تلك الصور أو الرسائل التي ترد إلى البريد الإلكتروني تعتبرها المبادرة نوعاً من أنواع الاعتداء الجنسي.
وتقول صاحبة المبادرة إن "الاعتداء الجنسي يشير إلى الاتصال أو السلوك الجنسي، الذي يكون غالباً جسدياً، ويحدث دون موافقة الضحية.
عقوبات غير كافية
وتنص المادة 341 مكرر من قانون العقوبات الجزائري الخاصة بالتحرش الجنسي على أنه: "يعد مرتكباً لجريمة التحرش الجنسي ويعاقب بالحبس من شهرين إلى خمس سنوات وبغرامة 50 ألف دينار جزائري (ما يعادل 640 دولارا)، إلى 100 ألف دينار جزائري (1280 دولار)، كل شخص يستغل سلطة وظيفته أو مهنته عن طريق إصدار أوامر للغير أو بالتهديد أو الإكراه أو بممارسة ضغوط عليه قصد إجباره على الاستجابة لرغباته الجنسية".
وفصّل القانون طبيعة العقوبات، إذ أشار إلى أنه "إذا كانت الضحية قاصرا لم تتجاوز الـ16 سنة، تُرفع العقوبة لتصبح من 10 إلى 20 سنة، وإذا كان المجني من الأصول أو من فئة من له سلطة على الضحية أو كان موظفاً أو من رجال الدين ترفع العقوبة في هده الحالة إلى السجن المؤبد"، وإذا استعان الجاني بشخص أو أكثر تُرفع العقوبة كذلك إلى السجن المؤبد.
aXA6IDE4LjIxNi45OS4xOCA= جزيرة ام اند امز