رحلة "ياسر والحمار" تثير الجدل في الجزائر.. مغامرة عجيبة تنتهي بمفاجأة
لفت شاب جزائري الأنظار منذ الأسبوع الماضي بقصة تحدٍ غريبة لم تكتمل لسبب لا يقل غرابة، بعد أن قرر السير مع حمار لمسافة 2300 كيلومتر.
ياسر بولعراس صاحب الـ25 عاماً، قرر، الاثنين الماضي، البدء في مغامرة غريبة وفريدة من نوعها بالجزائر، كانت انطلاقتها من ساحة البريد المركزي بالعاصمة الجزائرية للتنقل براً على متن حمار إلى مدينة "جانت" التابعة لولاية "الوادي" التي تبعد عن العاصمة بنحو 2300 كيلومتر.
- غضب جزائري لإجبار معلمة لتلميذ على مسح نعلها بيده
- "لا تسكني وحدك بل مع والدتي".. حملة غريبة للمقبلين على الزواج بالجزائر
ونشر الشاب صوراً لبدء مغامرته، وسط تفاعل كبير من قبل الجزائريين، حتى إن البعض منهم "صنع الحدث" أيضا بطريقة تفاعله عندما أطلقوا "حملة تضامن مع الحمار"، فيما انقسمت ردود الأفعال بين السخرية والانتقاد وتشجيع المبادرة.
لكن رغبة الشاب ياسر في دخول عالم جينيس لم يكتب لها النجاح، وتوقفت مغامرته وتحديه عند مسافة الـ200 كيلومتر، لسبب غريب جدا.
ووفق ما علمته "العين الإخبارية" وما تم تداوله في بعض وسائل الإعلام المحلية، فقد صدم الشاب ياسر بولعراس بسرقة حماره بعد أن ربطه بعمود كهربائي ليخلد للنوم.
وبعد استيقاظه لم يجد ياسر لا الحمار ولا الحبل، وانتهى حلمه في حافة طريق تربط بين منطقتي "عين الحجل" و"بوسعادة" التابعتين لولاية المسيلة، وسط تساؤلات عن رغبته في إكمال التحدي وحده دون الحمار إلى مدينة "جانت".
غرابة التفاصيل
لم تخل قصة تحدي الشاب ياسر للتنقل براً برفقة حمار إلى أقصى الجنوب الجزائري على مسافة 2300 كيلومتر من الغرابة في كل تفاصيلها، رغم أن ردود أفعال الجزائريين المتباينة، اتفقت على أن الغرابة بدأت أصلا من فكرة المغامرة.
في 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تداول رواد مواقع التواصل صورا لشاب يدعى ياسر بولعراس مع حمار في ساحة البريد المركزي بالعاصمة، التي كانت من أشهر ساحات المظاهرات الشعبية في 2019 التي أسقطت نظام بوتفليقة.
اختار ياسر رمزية تلك الساحة للترويج لقصة المغامرة، وليضمن معها تفاعلا جماهيرياً كبيرا، وهو يعتقد ربما أن ذلك التفاعل سيكون "وقودا لتشجيعه على إكمال التحدي حتى جانت".
لم ينتظر ياسر طويلا ليحصل على التفاعل الجماهيري الذي أراده، وبعد وصوله إلى ولاية المدية بعد أن سار مع الحمار مسافة 88 كيلومترا، بدأت تعليقات الجزائريين تتهاطل عبر مواقع التواصل، لكن ليس بالشكل الذي تمناه صاحب التحدي.
حيث انتشرت عبر منصات التواصل حملة غريبة أيضا لـ"التضامن مع الحمار"، وانتقدت الشاب سبب ما سمته "البحث عن الشهرة على حساب الحيوان" خصوصاً بعد نشره صور "سيلفي والحمار من خلفي"، والتي اعتبرها البعض مستفزة.
ونشر مغردون حملات تعاطف واسع مع الحمار لما اعتبروه "عدم قدرة الحمار على السير كل تلك المسافة من شمال الجزائر إلى جنوبه وبحمولة ثقيلة"، وسط دعوات واسعة لثنيه عن إكمال وجهته.
في مقابل ذلك، اعتبر ناشطون آخرون أن ردود الأفعال تلك "سلبية ومثبطة"، وطالبوا بتشجيع الشاب في مغامرته أو أن "يمسك لسانه"، فيما رأى آخرون أن "للحمار قدرة خارقة على التحمل"، وبأنه "كان وسيلة نقل لمسافات طويلة في العصور الماضية".
غير أن ردود الأفعال المنتقدة لياسر في المواقع الافتراضية لم تكن كذلك في الواقع، حيث حظي باستقبال كبير في كل مدينة وصل إليها عكس كرم أهلها عند استقبال ضيوفها.
وفي اليوم الثالث، تفاجأ ياسر ومعه رواد مواقع التواصل بقرار شاب آخر من مدينة "جانت" بدأ مغامرة مماثلة على متن حمار لاستقبال صديقه القادم من العاصمة، وأبلغه من خلال صور نشرها بأن تكون منطقة "حاسي مسعود" بالجنوب نقطة لقائهما.
ومع ذلك، بقي الاهتمام الإعلامي وعبر منصات التواصل برحلة ياسر، وسط تداول لصوره الجديدة مع جزائريين فضلوا أخذ صور تذكارية معه كتشجيع له، وذلك في كل مرة كان يتوقف بها لأخذ فترة من الراحة وعلف الحمار، واستبدال بردعته، وتزويده بالمؤونة.
متاعب ياسر لم تكن فقط مع ردود الأفعال المنتقدة، بل امتدت إلى تغريمه مليون دينار (770 دولار) لعدم ارتدائه الكمامة، ثم إلى الحمار الذي لم يستطع إكمال السير بعد الخروج من ولاية المدية، وسقط أرضاً، ولم يتمكن من النهوض إلا بعد مساعدة الأهالي.
ونشر أحد الأطباء البياطرة "نداء" عبر مواقع التواصل، دعا فيه ياسر لإعطاء الحمار فترة من الراحة بشكل يساعده على إتمام مهمته حتى جانت، واقترح عليه قطع المسافة يوماُ بيوم.
وتحولت قصة تحدي الشاب لسجال بين الجزائريين عبر منصات التواصل، بين من علق بأن "الشاب سيصل إلى جانت ويصبح مشهورا، ولا أحد يذكر الحمار صاحب الفضل في ذلك"، وأخرى دعت لتقبل فكرة ياسر وتشجيعه ودعمه بالنصائح والتشجيع.
غير أن ياسر سارع لنشر فيديو وضح فيه سبب سقوط الحمار، ونفى أن يكون التعب وراء ذلك، وكشف عن تعرضه لمضايقات من قبل بعض السكان، وتحدث عن قيام عشرات الأشخاص بدفع الحمار والسخرية منه، وهو ما أنهكه.
ومساء الأحد، تفاجأ ياسر بسرقة حماره من قبل مجهولين، بعد أن قرر التوقف بمنطقة "عين الحجل" التابعة لولاية المسيلة لأخذ قسط من الراحة والخلود للنوم، بعد أن ربطه في عمود كهربائي.
وتقدم الشاب بشكوى لدى شرطة المدينة للتبليغ عن سرقة حماره، وهو ما أكسبه تعاطفاً كبيراً، وتجند أهل المدينة للبحث عن الحمار، في محاولة لمساعدته على إكمال مغامرته إلى جانت.
ولم تخل ردود أفعال الجزائريين من التعليقات الساخرة التي تحولت إلى أكثر النكت المتداولة، بينها واحدة قالت "كنا ننتظر أن يقلع قطار التغيير، فانطلق قطار الحمار".
فيما دافع آخرون عن سارقي الحمار، واعتبروا أن "هدفهم كان نبيلاً بتخليص الحمار من العذاب الأليم الذي كان يعيشه".