معركة "المكبوتين جنسيا" في الجزائر.. مونية بن فغول تكشف الكواليس لـ"العين الإخبارية"
كشفت الفنانة الجزائرية مونية بن فغول لـ"العين الإخبارية" كواليس القصة الكاملة للجدل الذي أثارته تصريحاتها حول قضية "المكبوتين جنسيا".
وأثارت تصريحات أطلقتها الفنانة ومقدمة البرامج الجزائرية مونية بن فغول حول ظاهرتي التحرش والاغتصاب في بلادها جدلاً واسعاً ومختلفاً في حدته ورقعة انتشاره.
- جريمة انتقام تهز الجزائر.. القاتل اغتصب وذبح وحرق "شيماء"
- 9 آلاف اعتداء جنسي على أطفال الجزائر.. سكوت الأهل "جريمة"
وقدمت الفنانة مونية توضيحات في حديث لـ"العين الإخبارية" لحقيقة ما حدث والجدل الذي صاحب كلامها، واعتبرت أن كلامها "اقتطع من فيديو مطول، الأمر الذي حرّف الكلام وفكرة الموضوع".
وانتفض الجزائريون على مقطع فيديو تداولوه لـ"مونية" إحدى مقدمات برنامج "سوق النسا" (النساء) الذي يبث على قناة "الجزائرية وان" الخاصة، وصفت فيه بعض الفئات في المجتمع بـ"المكبوتين جنسياً والذين يسيل لعابهم عند رؤية الفتيات في الشوارع"، على حد وصفها.
ولم يصدر أي بيان من قناة "الجزائرية وان" حول مصير البرنامج، غير أن اليوتيوبر أميرة ريا من مقدمات البرنامج أثارت الغموض حول مقطع فيديو نشرته عبر صفحتها على "أنستقرام"، سرعان ما حذفته.
ونقلت "أميرة" مشاهد من تصوير 3 حلقات متتالية لبرنامج "سوق النسا"، إلا أن سرعة حذفه طرحت تساؤلات جديدة حول حالة التخبط التي تعيشها القناة الجزائرية.
وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر على مدار أكثر من أسبوع إلى ساحة لـ"محاكمة ومحاسبة" الممثلة وعارضة الأزياء مونية بن فغول.
كما قررت القناة الجزائرية إلغاء عدد من حلقات برنامج "سوق النسا" الذي كان مخصصاً لبدء العام الدراسي في الجزائر، الأربعاء الماضي، دون أن تقدم توضيحات عن ذلك.
"العين الإخبارية" تواصلت مع الفنانة مونية بن فغول، لتكشف القصة الكاملة حول الجدل الحاصل في الجزائر والذي أخذ أبعاداً أخرى بشكل غير مسبوق، وسط تراشق للاتهامات والانتقادات بين المعارضين لكلام "مونية" والمدافعين عنها.
بداية القصة
بداية القصة، تزامنت مع الجريمة البشعة التي هزت الجزائر وراحت ضحيتها الفتاة "شيماء" صاحبة الـ19 عاماً بعد اختطافها وضربها واغتصابها وذبحها من الوريد إلى الوريد وقطع أوعية رجليها ثم حرقها، من قبل مجرم اغتصبها في 2016 وخرج من السجن لينتقم منها بعد أن قدمت شكوى ضده على حادثة الاغتصاب الأولى.
وفي خضم حالة الغليان والحزن التي أصابت الشارع الجزائري، تداول الجزائريون على نطاق واسع مقطع فيديو قصيرا للفنانة مونية بن فغول وهي تصف فئة من المجتمع بـ"المكبوتين جنسياً الذين يسيل لعابهم عند رؤية الفتيات في الشوارع".
في المقطع، تحدثت "مونية" عن حادثة كانت شاهدة عليها "كما قالت" مع صديقتها اليويتوبرز "أميرة ريا" في منطقة "العاشور" بالجزائر العاصمة، وذكرت أن "شباباً سال لعابهم عندما مرت عليهم فتاتان متبرجتان مكشوفتا الذراعين".
وواصلت "مونية" تهجمها على تلك الفئة بالقول: "نحن والرجال سيان، الفرق بيننا أن بشرة المرأة أكثر نعومة من بشرة الرجل، فقط"، ووصفت المتحرشين بالفتيات في الشوارع بـ"المكبوتين جنسياً".
سرعان ما انتشر الفيديو بشكل واسع عبر مواقع التواصل ووصل صداه إلى خارج البلاد، وكان تفاعل الجزائريين معه بشكل غير مسبوق في كل المواضيع التي أثارت الجدل في السنوات الأخيرة.
شن رواد مواقع التواصل على أثر ذلك هجوماً لاذعاً على مقدمة البرامج مونية بن فغول، ووصفوا كلامها بـ"المهين للرجل الجزائري"، حتى إن كثيرا منهم اعتبر ما حدث بـ"الحرب التي أعلنتها مونية على الرجل".
زادت حدة الانتقادات عقب نشر "مونية" مقطع فيديو عبر صفحتها الخاصة على "أنستقرام" وصفت فيه منتقديها بـ"الكباش"، ليتم تداول ذلك مرة أخرى من قبل الجزائريين واعتبروه "تحدياً منها وإصرارا على عدم الاعتراف بالخطأ".
ثم أعلنت عبر صفحتها عن تقديمها شكاوى لدى الأجهزة الأمنية ضد كل من أساء لها ولسمعتها في الفيديوهات ونشرت صورة أشارت فيها إلى أن "الأمن سيطرق أبوابكم".
انتقلت ردود أفعال الجزائريين من المنشورات والتعليقات الغاضبة والمنتقدة، إلى نشر شباب وحتى فتيات ونساء فيديوهات من الجزائر ومن دول أوروبية، صبوا فيها جم غضبهم على كلام "مونية"، واعتبر كثير منهم أنها "لا تمثل المرأة الجزائرية".
واعتبر أصحاب الفيديو أن كلام الفنانة "مسيء ومهين للرجل" وألقوا باللوم على "المتبرجات اللواتي يخرجن بألبسة فاضحة في الشوارع" على حد تعبيرهم.
كما دخل فنانون جزائريون على خط الأزمة، بينهم الفنانة عايدة عبابسة، شقيقة الفنانة فلة الجزائرية، ووجهت نقدا لاذعاً لمونية، واعتبرت أن كلامها "جانب الصواب والحقيقة عن شباب حمى الفتيات من التحرش خلال الحراك الشعبي ولم تسجل أي حادثة تحرش جنسي ضدهم طوال عام من المظاهرات" كما قالت، قبل أن تدعو إلى الوقوف معها لعدم تكرار الخطأ، بعد حملة الإساءات التي طالت "مونية".
وزاد غضب الجزائريين بإصرار "مونية" على عدم الظهور مرة أخرى لتوضيح حقيقة كلامها وطالبوها بـ"الاعتذار عن خطأ فادح"، وطالبوا قناة "الجزائرية وان" بوقف برنامجها الذي أثارت بعض حلقاته جدلا في العامين الأخيرين.
ونشروا صورة أخرى لها مع صديقتها "أميرة ريا" في مركز الشرطة حين تقدمها بشكاوى ضد بعض منتقديها، وورائها ورقة "تؤكد منع التصوير داخل المؤسسات الأمنية"، وطالبوا الشرطة "باتخاذ الإجراءات ضدها".
مونية توضح
"العين الإخبارية" تواصلت مع الفنانة الجزائرية مونية بن فغول طوال أيام الجدل، لتستوضح حقيقة ما حدث، وأسباب "تهجمها على الرجل" كما رأى منتقدوها.
مونية لم تخف في حديثها مع "العين الإخبارية" "دهشتها" من المنحى الذي أخده الجدال، واعتبرت أن كل ما حدث "سوء فهم تقف ورائه أطراف سعت لتشويه صورتها" كما قالت.
وفندت مقدمة برنامج "سوق النسا" "إساءتها للرجل الجزائري، وبأن الكلام كان موجها لفئة المنحرفين في المجتمع، كما أن الكلام كان في سياق موضوع مطول تحدثت عنه، وردود الأفعال كانت مبنية على جزء قصير من الفيديو الأصلي بما غيّر المعنى وفكرة الموضوع من الأساس".
وكشفت عن أن "ذلك الفيديو المتداول لم يكن إلا جزءا مقتطعاً عن قصد من فيديو مطول فيه نحو 8 دقائق نشرته عبر صفحتي على أنستقرام" بعنوان "La Pédophilie" (الاعتداء الجنسي على الأطفال).
وقالت مونية "تفاعلت بشكل كبير وبغضب وحزن مع جريمة قتل شيماء التي لا تعتبر الأولى ضد الفتيات والأطفال في الجزائر، قررت تسجيل فيديو لإبداء رأيي بكل جرأة، لأن الأمور وصلت حدا لا يطاق، وأصبح المجتمع في خطر من هؤلاء المجرمين والمنحرفين، والكل أصبح يخشى على بناته وأطفاله، وانعدمت الرحمة في قلوب تلك الفئة".
مضيفة "أن فكرة الفيديو بدأت بتعليقات صدمتني واستفزتني تشفت في مقتل شيماء بشكل لم نتعود عليه في مجتمعنا، وراحت تقذف في شرف فتاة ميتة وقتلت بأبشع الطرق، وفي رأيي أن اغتصاب الأطفال والفتيات يبدأ من التحرش اللفظي في الشوارع، وهي الفكرة التي حاولت إيصالها، بل دق ناقوس الخطر عليها".
كما أوضحت مونية بأن "حوادث اغتصاب الأطفال وصلت إلى مستويات مخيفة في المجتمع، والمسؤولية الآن تقع على الجميع"، وتحدثت عن حوادث اغتصاب أطفال لازالت في طي الكتمان.
وأكدت الفنانة الجزائرية بأن كلامها لم يكن موجهاً للرجل الجزائري، "بل لفئة من المنحرفين تجاوزت كل الحدود ولا تأبه لا بالآباء ولا القانون ولا الأمن"، واعتبرت بأن تلك الفئة "خطر كبير على المجتمع يتوجب التحرك الجماعي لصدهم، وهي التي قصدتها بكلامي".
ردود قاسية
غير أن اللافت في الجدل الكبير الذي أحدثه كلام الفنانة مونية بن فغول هو ذلك "الكم الكبير من الكلام البذيء الذي استعمله بعض منتقديها" للرد على ما اعتبروه "إساءاتها للرجل الجزائري".
ووصلت الأمور إلى "حد الطعن في شرف الفنانة مونية وشرف أهلها واتهماهم بأبشع النعوت"، سواء من خلال المنشورات والتعليقات، أو الفيديوهات التي نشرها بعض الجزائريين عبر منصات التواصل.
كما قام مجهولون بنشر تسجيل صوتي مفبرك زعم أنه للفنانة مونية بن فغول، تضمن كلاماً بذئياً، وهو التسجيل الذي أكدت مونية لـ"العين الإخبارية" بأنه "مفبرك".
وأثار ذلك صدمة لدى الكثيرين، واعتبروها "مؤشراً على ما هو أخطر وأبعد من قضية مونية"، حتى إن فنانين وإعلاميين جزائريين حذروا "من تبعات تلك التصرفات" واعتبروا أن "كل الحروب الأهلية بدأت بذلك المنطق المتناقض والعدواني في الدفاع عن قضايا مجتمعية"، واستنكروا خروج الجدال عن موضوعه الأساسي "بغض النظر عن الطرف المخطئ".
في مقابل ذلك، تلقت مونية دعماً كبيرا من قبل عدد كبير من الجزائريين، ونشرت عبر صفحتها على "إنستغرام" طوال أيام ما حدث منشورات وفيديوهات كثيرة أيدت كلامها، واعتبرته "جريئاً وقوياً ومبنياً على معطيات واقعية من المجتمع، ومحرجاً للمدافعين عن حقوق المرأة والطفل، واستطاعت من خلاله أن توصل رسالة الضحايا والمتخوفين من ظواهر التحرش اللفظي والجنسي والاغتصاب".
واعتبر المدافعون عن الفنانة مونية بأن كلامها "كان ردا على تعليقات دافعت عن قتل شيماء وبأن ظاهرة التحرش الجنسي والاغتصاب لا علاقة لها باللباس، وبأنها استدلت على ذلك بانتشار ظاهرة اغتصاب الأطفال في المجتمع"، ومع ذلك رأى بعض المدافعين عنها أن الخطأ الذي وقعت فيها مقدمة برنامج "سوق النسا" "طريقة إيصالها للرسالة واستعمالها لمصطلحات قوية أدت إلى ذلك الجدل".
عزلة مؤقتة
ومن خلال متابعة ما تنشره "مونية" بشكل دائم عبر صفحتها على "إنستغرام" يبدو أنها لم تشارك في تقديم البرنامج، ونشرت فيديوهات وصوراً لها فيما يشبه منتجعاً سياحياً بالصحراء الجزائرية.
ويبدو أن "مونية" اختارت العزلة مؤقتاً والابتعاد عن المشهد وتخفيف الضغوط النفسية التي صاحبت تصريحاتها وردود الفعل الغاضبة والمسيئة التي قوبلت بها لأكثر من أسبوع.
aXA6IDE4LjIxOC43MS4yMSA= جزيرة ام اند امز