الجيش الجزائري يفشل مخطط الإخوان "الانتقالي" ومحللون: أجندة مشبوهة
قائد أركان الجيش الجزائري يرفض مقترحات الإخوان لفترة انتقالية خارج الدستور، ومحللون يؤكدون أنه "مخطط مشبوه للاستيلاء على الحكم"
أثار إصرار إخوان الجزائر مؤخرا على دخول البلاد في مرحلة انتقالية خارج الأطر الدستورية ولمدة "6 أشهر" انتقادات واسعة في الجزائر.
- رئيس أركان الجيش الجزائري: البلد في انتظار مخرج دستوري للأزمة
- بعد سجن رؤوس العصابة.. "منجل" الجيش يربك إخوان الجزائر
وطرح مراقبون تساؤلات عن سر إصرار التيارات الإخوانية على المرحلة الانتقالية بذلك الشكل، رغم تجارب الجزائر السيئة معها، وتحذيرات قيادة الجيش وشخصيات في الجزائر منها، وعن هدف الإخوان الخفي من وراء تلك الدعوات.
دعوات وإصرار أجمع مراقبون في تصريحات لـ"العين الإخبارية" على وصفها بـ"الطبخة المسمومة والمشبوهة والتي تُخفي من ورائها عدة أهداف، أبرزها التملص من محاسبة منجل الجيش والقضاء للمتآمرين على الحراك والجيش، ومحاولة للعودة إلى المشهد السياسي عقب الرفض الشعبي لأي دور لهم في حراكهم، عبر بوابة مقترحات فترة انتقالية غامضة".
طبخة إخوان الجزائر "الانتقالية" قابلتها المؤسسة العسكرية في الجزائر بمواقف حازمة، أكد متابعون أنها "أفشلت مخططات الإخوان لاستثمار الأزمة الحالية لصالحهم وخلطت حساباتهم".
ورد قائد أركان الجيش الجزائري في اليومين الأخيرين على دعوات الإخوان التي زعمت بأن "حل الأزمة السياسية لن يتم إلا عبر فترة انتقالية لمدة ستة أشهر، وبهيئة رئاسية تعمل خارج الدستور"، واصفاً الداعين إلى ذلك بـ"أبواق وأتباع تعمل بمنطق العصابة"، ومضمون تلك المقترحات بـ"غير مأمونة العواقب".
كما انتقد قايد صالح، في تصريحاته الأخيرة، بشكل ضمني دعوات الإخوان لتأخير موعد إجراء الانتخابات الرئاسية بـ"6 أشهر أخرى"، مؤكداً أن ما يثار مؤخراً مجرد "نقاشات عقيمة"، مجدداً رفضه الدعوات المطالبة بحلول سياسية للأزمة الحالية خارج إطار الدستور.
وشدد المسؤول العسكري الجزائري على أن "الأولوية الآن، وأعيد ذلك مرة أخرى وبكل إلحاح، هو أن يؤمن الجميع بأهمية المضي قدماً نحو حوار مثمر يُخرج بلادنا من هذه الفترة المعقدة نسبياً التي تعيشها اليوم، ويضمن بذلك الطريق نحو بلوغ إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في أسرع وقت ممكن، أقول في أسرع وقت ممكن.. بعيداً عن الفترات الانتقالية التي لا تؤتمن عواقبها".
كما أوضح أنه "لا مبرر إطلاقاً في الاستمرار في تبديد الوقت وضياعه، فالوقت من ذهب لا مجال لاستنزافه في نقاشات عـقيمة بعيدة عن الحوار الحقيقي الصادق والبناء، فلا شيء مستحيل، والجزائر في انتظار المخرج القانوني والدستوري الذي يقيها الوقوع في أي شكل من أشكال التأزيم".
ووجه قايد صالح رسائل مشفرة للمرة الأولى، حسب قراءات المراقبين للأطراف التي لها "ولاءات خارجية"، وقال "إفشالاً لكل المساعي غير البنّاءة والمثبّطة للعزائم فإنه يتعين اليوم أن يمضي الشعب الجزائري رفقة جيشه، نحو رفع كافة التحديات المعترضة، وتقديم الولاء، كل الولاء للوطن دون غيره، فالولاء للوطن يقتضي أن يتجند الجميع.. كل في مجال عمله ونطاق مسؤولياته".
واستبعد قائد أركان الجيش الجزائري في دعواته الأخيرة إلى الحوار السياسي "الأحزاب"، مركزاً في كلماته على "النخبة والشخصيات الوطنية" وهو ما اعتبره مراقبون "علم المؤسسة العسكرية الجزائرية بالأدوار المشبوهة التي تقودها بعض الأحزاب السياسية الجزائرية، خاصة الإخوانية منها"، والتي سارعت مؤخراً إلى تكثيف ظهورها الإعلامي للترويج لمبادرات موجهة لقيادة الجيش الجزائري.
وسبق لقائد أركان الجيش الجزائري أن أكد الأسبوع الماضي أن الدعوات المطالبة بفترة انتقالية لا تتوافق مع نصوص الدستور الجزائري، وتهدف إلى "تمكين رؤوس العصابة وشركائها من التملص والإفلات من قبضة العدالة".
يأتي الموقف الحازم للجيش الجزائري بعد أيام قليلة فقط عن الخرجات المتكررة عبر وسائل الإعلام و"السهرات الرمضانية" لكل من الإخواني عبدالله جاب الله رئيس ما يعرف بـ"جبهة العدالة والتنمية"، والإخواني عبدالرزاق مقري رئيس ما يعرف بـ"حركة مجتمع السلم".
ودعا القياديان الإخوانيان إلى "تأجيل موعد الانتخابات الرئاسية لستة أشهر أخرى، مع تشكيل هيئة رئاسية تخلف رئيس الجزائر المؤقت عبدالقادر بن صالح أو أن تقود شخصية توافقية من الحراك المرحلة الانتقالية، وتعود لها صلاحيات تعيين حكومة توافقية واللجنة العليا المستقلة لمراقبة وتنظيم الانتخابات"، كما جاء في منشور للإخواني عبدالله جاب الله عبر موقع "فيسبوك" وتصريحات صحفية للإخواني عبدالرزاق مقري.
وانتقد الكاتب والمحلل السياسي الجزائري محمد يعقوبي عبر صفحته الخاصة على موقع "فيسبوك" دعوات إخوان الجزائر لفترة انتقالية.
وذكر يعقوبي في منشوره أن البعض لا يزال "يطالب بمرحلة انتقالية نعرف بدايتها ولا نعرف نهايتها، من الجهل أن تصفق الضحية لجلادها لكن من البؤس والحزن أن ترقص له".
فيما وصف الأكاديمي الجزائري يحي الجعفري تحركات إخوان المشبوهة منذ انطلاق الحراك الشعبي في الجزائر بـ"الغباء".
وكتب الجعفري منشوراً عبر صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ذكر فيه أن "الذين توقف بهم التفكير في تسعينيات القرن الماضي ليسوا أغبياء فحسب، بل هم الغباء نفسه وبشحمه ولحمه، يحضنون بيوضا ليست لهم ويقاتلون في جبهات لا تعنيهم، فيوجهون سهامهم في المكان الخطأ والزمن الخطأ لتكرار نفس الخطيئة".
طبخة مسمومة
الكاتب والمحلل السياسي محمد دلومي أعرب عن رفضه تسمية تلك التيارات بـ"الإسلامية"، مشدداً على أنها "لم تقدم شيئاً للإسلام".
وفي تصريح لـ"العين الإخبارية"، طرح دلومي تساؤلات عن "وجود ضمانات" لإخوان الجزائر على أن "تلك المرحلة الانتقالية تجنب الشعب الجزائري الانزلاق، وهل هناك خطر صفر إذا دخلت الجزائر في تلك المرحلة؟ ومن يقودها؟ وهل هناك اتفاق حول شخصيات أو هيئات لقيادتها؟".
وأوضح "أن هذه التيارات لم تتطرق إلى كل هذا، وهو ما يدل على أنها ترافع من أجل مرحلة انتقالية دون أن تعطي خارطة طريق واضحة لها، كما أن الإصرار على هذه المرحلة دون توضيح ملامحها يعد مؤشراً على أن هذه الأحزاب متورطة مع النظام السابق".
وأوضح المحلل السياسي أن "المرحلة الانتقالية تخدم إخوان الجزائر، من خلال محاولتها فرض نفسها في المرحلة المقبلة، ويكون لها موطئ قدم في النظام الذي سيأتي بعد انتهاء المرحلة الانتقالية".
وأضاف أن "الإخوان يسعون إلى ترتيب أوراقهم المتبعثرة من خلال المرحلة الانتقالية، حتى تنأى بنفسها مما يحدث الآن من محاسبات ومتابعات قضائية، دون أن تقدم أي ضمان للجزائريين من عدم وقوعهم في أي خطر يتهدد الجزائر من هذا النوع من الفترات الانتقالية".
واستبعد دلومي فكرة "تحدي" الإخوان الجيش الجزائري من خلال تلك المطالب، التي تسير في غير توجهات وتحذيرات المؤسسة العسكرية الجزائرية من "خطر التجارب الانتقالية"، معتبراً أنهم "أضعف من ذلك"، ومشدداً على أنه "لا يمكن أن نضع الإخوان والجيش في كفة واحدة، والمفارقة أن المؤسسة العسكرية تدعو إلى احترام القانون والدستور، فيما نلاحظ أن الأحزاب السياسية خاصة الإخوانية التي من المفترض أن تكون هي المطالبة بعدم الخروج من الدستور خاصة في بلد مثل الجزائر، لكنها تدعو إلى الخروج منه، وهذا ما يطرح أكثر من تساؤل.. لماذا تصر هذه التيارات على المرحلة الانتقالية؟".
وأضاف أن "مؤسسة الجيش تملك كافة المعلومات والمعطيات الأمنية الدقيقة ومخابرها، التي تؤكد خطر هذا النوع من المراحل الانتقالية، خاصة أن الجزائر لها تجارب سيئة معها".
وأردف قائلاً "المرحلة الانتقالية تخدم هذه الأحزاب الطفيلية والاتكالية، والتي ألفت توزيع المقاعد والأصوات الانتخابية من النظام السابق، من خلال إبرام الصفقات مع السلطة السابقة، ونتائجها موزعة حسب الولاء والاتفاقات التي حدثت بين تلك التيارات وتلك السلطة".
وكشف محمد دلومي أن إخوان الجزائر من خلال تلك الدعوات تؤكد أنها "تخدم أجنحة الدولة العميقة ومتورطة بشكل أو بآخر مع النظام السابق، وهذا لا شك فيه، ولا ننسى في التعديل الدستوري الذي أجراه بوتفليقة سنة 2008 الذي مدد الولايات الرئاسية كانت حركة مجتمع السلم الإخوانية من بين المصوتين عليه، وكان ذلك بمثابة الجريمة، ولا يمكن لها أن تقول اليوم إنها مع مرحلة انتقالية من أجل مصلحة الشعب وغيرها من المصطلحات الرنانة التي ترفعها عبر المنابر الإعلامية".
وختم قائلاً "الإخوان يحاولون انتشال أنفسهم مما سيأتي مستقبلاً، حتى يكون لهم موطئ قدم في النظام الجديد، ولتجنب منجل الحساب".
aXA6IDMuMTQ1LjMzLjIzMCA= جزيرة ام اند امز