بعد سجن رؤوس العصابة.. "منجل" الجيش يربك إخوان الجزائر
"المنجل" مصطلح أطلقه جزائريون على الحرب على الفساد وعلى المتآمرين على الدولة والحراك والشعب، وجزائريون للإخوان: "إنه فوق رؤوسكم".
تسود حالة من الارتباك بين إخوان الجزائر جراء الحملة التي يشنها الجيش ضد من أسماهم "رؤوس العصابة" والفساد وصلت حد التراشق وتبادل الاتهامات بين أكبر حزبين للتنظيم في البلاد.
ومنذ نهاية مارس/آذار الماضي، بدأ الجيش والقضاء في الجزائر حربا على الفساد، تبعها زلزال سياسي لم تشهده البلاد من قبل، بعد حملة الاعتقالات والمتابعات القضائية الواسعة التي مست كبار المسؤولين في نظام الرئيس الجزائري المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة.
ووصف جزائريون الحملة بـ"المنجل" للتعبير عن الإطاحة السريعة، وهو من الأدوات التي يستخدمها الفلاحون في الحصاد وقطع الأعشاب، ويرمز إلى القوة والعمل الجاد.
- أسبوع الجزائر.. فضائح مدوية للإخوان ودائرة تحقيقات الفساد تتوسع
- "عراب السلطة".. إخوان الجزائر يفضحون نفاق بعضهم
وبات مصطلحاً جديداً في الجزائر حيث دخل إلى قاموس الخطاب الاجتماعي والسياسي، وكان الفضل في إعادة إخراجه إلى العلن أو إدخاله إلى القاموس كما يرى كثير من الجزائريين إلى الحراك الشعبي الذي بدأ في 22 فبراير/شباط الماضي مطالباً برحيل جميع رموز نظام بوتفليقة، ورافضاً لأي دور من الأحزاب السياسية في الالتفاف عليه.
منذ ذلك الحين، غزا المصطلح مواقع التواصل الاجتماعي من قبل ناشطين في الحراك الشعبي، حتى أنهم "تفننوا" في استعماله على حسب الأحداث المتلاحقة، ويقولون "فلان تمنجل (تم الإطاحة به)"، "يا فلان سيأتيك المنجل قريباً"، "قايد صالح (رئيس أركان الجيش) يمنجل الجماعة"، وغيرها، في وقت يتابع الجزائريون باهتمام منقطع النظير كل أخبار المتابعات القضائية التي شملت رجال أعمال وشخصيات سياسية ومسؤولين أمنيين سابقين.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، حيث تداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لأنواع مختلفة من "المناجل" كرمز للحملة التي باشرتها قيادة أركان الجيش الجزائري ضد من أسمتهم "رؤوس العصابة".
وبحسب مختصين اجتماعيين تحدثوا لـ"العين الإخبارية"، فإن مصطلح "المنجل" بدأ يستخدمه شباب الحراك الشعبي، بعد إعلان الجيش "دعمه لهم، وتعهد بتطبيق مطالبهم"، ثم جاءت أكبر حملة على الفساد في تاريخ البلاد، دعا إليها قايد صالح.
ولم يعد مصطلح "المنجل" يلاحق رموز نظام بوتفليقة فقط، فقد أصبح "كلمة السر التي تفتح على ما يخفيه حساب إخوان الجزائر من تغير مفاجئ وسريع لمواقفهم من الجيش"، بحسب تعليقات كثير من الجزائريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ويقول جزائريون إن التطورات الأخيرة "أكدت أن دور المنجل لا يكمن فقط في قطع رؤوس الفساد التي تمثل نظام الرئيس السابق، بل اقتلاع جذوره وجذور المتآمرين على الدولة والحراك والجيش".
وما يؤكد تلك الفرضية بحسب المتابعين، هو "انتقال الرعب إلى وكر إخوان الجزائر" الذي تسبب فيه "منجل المتابعات القضائية المدنية والعسكرية" بحق "المتآمرين على سلطتي الدولة والجيش".
توقيف رؤوس العصابة
انتقال الرعب إلى إخوان الجزائر أو كما أسماه نشطاء عبر منصات التواصل بـ"المنجل الذي يحلق فوق رؤوس الإخوان" ترجمته وأكدته الاتهامات المتبادلة الأسبوع الماضي بين حزبي الإخوان "حركة مجتمع السلم" و"جبهة العدالة والتنمية"، على خلفية علاقاتهما بـ"رؤوس العصابة والفساد".
ووفق إعلام محلي فإن مصطلح العصابة يقصد به السعيد شقيق بوتفليقة ورئيسي جهاز المخابرات السابقين الجنرالين محمد مدين وبشير طرطاق المتهمين من قبل القضاء العسكري الجزائري بـ"التآمر على سلطة الدولة وسلطة الجيش".
إذ اتهم قيادي إخواني من جبهة العدالة والتنمية الإخوانية التي يرأسها الإخواني عبد الله جاب الله، رئيس حركة مجتمع السلم الإخوانية عبدالرزاق مقري بأنه "كان عراباً بين شقيق بوتفليقة والمعارضة".
قبل أن يخرج قيادي من حركة "حمس" الإخوانية ليتهم رئيس الجبهة الإخواني عبد الله جاب الله بأنه "كان على علم بلقاءات عديدة جرت بين مقربين منه ورئيس جهاز المخابرات السابق محمد مدين".
تبع تلك الاتهامات "ظهور كثيف" لقيادات الحزبين الإخوانيين عبر مختلف وسائل الإعلام الجزائرية أكثر من أي وقت سابق لتبرير تلك اللقاءات "السرية"، في محاولة لتجنب المتابعات القضائية كما رأى كثير من المراقبين، خاصة بعد استدعاء القضاء العسكري شخصيات لها علاقة بالمتهمين الثلاثة، أبرزهم لويزة حنون رئيسة حزب العمال.
وما زاد من مخاوف حركة "مجتمع السلم" الإخوانية من "المنجل" تسرب تفاصيل اللقاء السري الذي جمع رئيسها عبد الرزاق مقري شهر يناير/كانون الثاني الماضي مع شقيق بوتفليقة، والحديث على أنه "اتفق مع السعيد على تقاسم السلطة".
إضافة إلى الدعوى القضائية التي رفعها "الاتحاد الطلابي الحر" (منظمة طلابية نقابية) ضد رئيس الحركة الإخوانية عبد الرزاق مقري، بتهم متعددة وخطرة، أبرزها كما أكد أمينها العام صلاح الدين دواجي لـ"العين الإخبارية": "محاولة الاستيلاء على الاتحاد لتنفيذ أجندات الحركة وتحريك الطلبة وفقاً لها، وبالاتفاق مع السعيد بوتفليقة على تقاسم الحكم، وتلقي تمويل من دول أجنبية، وتحويل أموال من الجزائر إلى جهات خارجية"، مؤكداً حيازته "أدلة دامغة على ذلك".
معطيات دفعت إخوان الجزائر إلى تغيير مواقفها السلبية السابقة من الجيش الجزائري إلى "الترحيب بكل ما يقوله قائد أركان الجيش الجزائري"، ووصلت حد "الإفتاء بضرورة تعاون الحراك الشعبي مع الجيش لتقوية قدراته" كما صرح بذلك الإخواني عبد الله جاب الله.
ثم تبني الإخواني مقري تصريحات سابقة لقائد أركان الجيش الجزائري التي اتهم فيها أطرافاً داخلية وخارجية بالسعي للسيطرة على قيادة الأركان.
غير أن تلك المواقف الجديدة لم تقنع كثيراً من الجزائريين عبر مواقع التواصل، واعتبر كثير منهم أن "حقيقتهم ظهرت"، وآخرون كتبوا منشورات تسخر من فضح إخوان الجزائر بعضهم، من بينها: "إنه الخوف من المنجل وما أدراك ما المنجل"، "الحراك من ورائكم والمنجل من أمامكم"، "جاءك المنجل يا خائن الشعب".