رابح درياسة.. الشعلة المتقدة التي وحدت الجزائر بلغة الفن
عشق وطنه الجزائر بفنه وكلماته وألحانه النابعة من مشاعره الصادقة، هو الفنان رابح درياسة الذي توفي، الجمعة، بعد صراع مع المرض.
وشيع، مساء الجمعة، جثمان الفنان الجزائري الراحل رابح درياسة بمسقط رأسه في محافظة البليدة وسط البلاد، وسط حضور شعبي وفني غفير من عائلته وأصدقائه ومن الوسط الفني، والذي وافته المنية عن عمر ناهز 87 عاما.
رحيل درياسة خسارة فنية جديدة تسجل في سجل الفن الجزائري لهذه السنة المليئة بالخسائر الفنية، نعاه الجزائريون بكل حزن وهو المنبعث من ذلك الزمن الجميل الذي لا تزال كل الأجيال تردد أغانيه التي لم يستطع الحديث منها مجاراتها، بل أعيد أداؤها لقوة ألحانها ومضمون كلماتها الراقية والمتزنة.
لم يكن الراحل رابح درياسة مجرد فنان فقط، بل كان "سلاح توعية قوي" ضد كل ما يرمز للفتنة والعنصرية، حتى إن كثيرين وصفوه بـ"موحد الجزائر بالفن" في أيام استقلالها الأولى قبل نحو 60 عاما، خصوصاً عبر الأغنية البدوية التي عاش ورحل عميدا لها.
بطل فني
من 1 يوليو/تموز 1934 إلى 08 سبتمبر/أيلول، استمرت رحلة فنان جزائري "فوق العادة"، ترك إرثاً فنياً كبيرا أداها للوطن والتراث والحب والجمال.
ولد الفنان الراحل رابح درياسة بمحافظة البليدة المعروفة بلقب "عاصمة الورود"، فاستحق لقباً آخر من جمهوره الجزائري الواسع وهو "وردة الفن الجزائري" الذي فاحت بالطرب الأصيل طوال 70 عاماً كاملة من مشواره الفني.
مشوار بدأه درياسة عام 1953 في ذروة احتلال فرنسا للجزائر، تحدى بفنه جبروت الاستعمار، بدأ حينذاك مغنياً ثم مؤلفاً وموسيقياً وملحناً، واستطاع أن يكتب اسمه في سجل "عباقرة الأغنية الجزائرية" التي أبدع في طابعها البدوي.
استطاع الفنان الراحل رابح درياسة أن يكسب جمهورا واسعاً من مختلف الأجيال، رغم اختلاف الأذواق بينها وتغير الطباع الفنية وميول الجمهور اتجاهها، فقد كان بأغانيه "سياسياً دون أن يمارس السياسة"، و"مُصلحاً اجتماعياً ومعالجاً نفسياً" دون أن يتخصص بهما.
وهو ما جعل أغانيه حية لا تموت بتغير الزمن والظروف، وكان من أشهرها: أولاد بلادي، نجمة قطبية، يا محمد، يا قارئ سورة النساء، القمري، يا راشدة ومئات الأغاني التي لم تجد من يكرر مثلها.
ولم يترك فقط الفنان الراحل إرثاً ثقافياً، بل ترك فناناً من صلبه اسمه "عبدو" الذي نجح في إعادة أداء أغاني والده رغم صعوبة أداء بعضها بحسب النقاد، ليكون "خير خلف لخير فنان سلف" وفق الأصداء المعبر عنها من قبل الجمهور الجزائري.
وأعرب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن حزنه لوفاة الفنان رابح درياسة الذي وصفه بـ"الشعلة المتقدة".
وفي تغريدة تعزية عبر "تويتر"، عزى تبون عائلة الفنان الراحل، وأوضح بأن الجزائر "برحيل الأستاذ المرحوم رابح درياسة، أحد روافد الوطنية، وشعلة متقدة، لعقود من خلال الأغنية الملتزمة، التي أبهجت أجيالًا، من الجزائريين، ووصلت إلى العالميًة. تعازيّ ومواساتي لعائلته وللأسرة الفنية الجزائرية جمعاء".
aXA6IDMuMTQ1Ljc4LjExNyA=
جزيرة ام اند امز