3 أولويات تحرك دبلوماسية الجزائر.. أبرزها العمق العربي وأزمات الساحل
تستعد الجزائر لمرحلة جديدة في علاقاتها الخارجية، وسط متغيرات وتجاذبات بالساحة الدولية وأزمات إقليمية.
مرحلة كانت كافية للكشف عن أهدافها ومعالمها من اسم الوافد الجديد إلى مقر وزارة الخارجية وهو الدبلوماسي المخضرم رمطان لعمامرة الذي يعود لتسلم الوزارة السيادية للمرة الثالثة.
- رمطان لعمامرة.. عودة من "الباب المعتاد" للحكومة الجزائرية
- مباحثات مصرية جزائرية بشأن سد النهضة والأوضاع الليبية
والأربعاء الماضي، كان اسم رمطان لعمامرة من أكبر المفاجآت التي حملتها الحكومة الجزائرية الجديدة على رأس وزارة الخارجية خلفاً لصبري بوقادوم.
3 أولويات
وعقب تسلمه مهامه، كشف لعمامرة عن أجندة نشاطه المقبل الذي عدّه مراقبون "بوصلة الجزائر الدبلوماسية لتعزيز مكانتها دولياً".
وفي مؤتمر صحفي، أكد وزير الخارجية على "ثوابت الدبلوماسية" الجزائرية التي قال إنها "وليدة بيان أول نوفمبر التاريخي (بيان الثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي) وساهمت مساهمة لا يستهان بها في تحقيق السيادة الوطنية والاستقلال، كما ساهمت في بناء الدولة الجزائرية القوية التي تؤثر على مجريات الأمور على الساحتين الإقليمية والدولية وأصبحت تساهم أيضا في الدولة الديمقراطية".
لعمامرة أشار أيضا إلى سعيه لـ"تطبيق برنامج" الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون المتعلق بسياسة البلاد الخارجية و"تحقيق الالتزامات الانتخابية التي قطعها"، ما يعني – وفق ملاحظين – أن الوزير الجديد سينطلق في مهامه من آخر محطة لسلفه بوقادوم.
ومنذ توليه مقاليد الحكم، شدد الرئيس الجزائري على أن أولوية برنامجه الدبلوماسي هي "استعادة مكانة الجزائر إقليمياً ودولياً" بعد نحو 7 سنوات من الغياب بسبب مرض الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
في المقابل، يرى مراقبون أن إعادة لعمامرة إلى مبنى الخارجية هدفه إعادة صياغة أهداف الجزائر ونظرتها الجديدة لسياستها الخارجية المبنية على "أولوية الأمن القومي ومراعاة مصالحها السياسية والأمنية والاقتصادية".
وبهدوء ورزانة الدبلوماسي المخضرم والمطلع الواسع على أجواء العلاقات الدولية والملفات الإقليمية، تحدث رمطان لعمامرة عن أولويات الدبلوماسية الجزائرية في المرحلة المقبلة لأن تكون "الدولة المحورية".
وبعث في أول ظهور له بعد تعيينه "إشارات إيجابية متعددة" تركزت بين إكمال مسار سلفه بوقادوم بالملفات الإقليمية، وتحديد بوصلة الجزائر بالمجالات العربية والمغاربية والساحل والأفريقية.
العمق العربي
وكان لافتاً – بحسب المتابعين للمؤتمر الصحفي – تركيز وزير الخارجية الجزائري على "العمق العربي" كأبرز أولويات السياسة الخارجية الجزائرية خلال المرحلة المقبلة، وأبدى استعداد بلاده لتعزيز علاقاتها عربياً.
وقال لعمامرة في هذا الشأن: "فيما يتعلق بالوطن العربي الكبير نحن بطبيعة الحال على أتم الاستعداد لتجسيد أواصر الأخوة مع كل الدول العربية الشقيقة".
وتأكد ذلك بعد الاتصالات الهاتفية التي أجراها رمطان لعمامرة مع نظيره المصري سامح شكري ونظيرته الليبية نجلاء المنقوش، بحث خلالها أزمة سد النهضة وتطورات الأوضاع في ليبيا، بالإضافة إلى تلقيه اتصالا هاتفياً آخرا من نظيره الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح.
وزير الخارجية الجزائري تطرق أيضا إلى القمة العربية التي كان من المقرر أن تستضيفها بلاده عام 2020 لكنها تأجلت بسبب جائحة كورونا.
وفي هذا الصدد، أكد تطلع بلاده "لاستضافة قمة عربية ناجحة في المستقبل القريب" دون أن يكشف عن موعدها.
كما نوه الوزير بأن القضية الفلسطينية تبقى "الاسمنت لتضامن الدول العربية وشعوبها"، وجدد في المقابل موقف بلاده الذي قال إنها "تتشبث كل التشبث بروح مبادرة السلام العربية".
الساحل والمغرب العربي
قائد الدبلوماسية الجزائرية الجديد حدد أيضا مجالات أولويات بلاده خلال فترة توليه حقيبة الخارجية، مركزا في ذلك على منطقتي الساحل والمغرب العربي.
إلا أن لعمامرة أبدى تشاؤماً بالأوضاع الأمنية المتوترة بمنطقة الساحل وشمال أفريقيا، مشيرا إلى أنها "معيق لهدف الاندماج والوحدة".
وأوضح ذلك بالقول: "سنواصل العمل في المنطقة التي ننتمي إليها، وهي المنطقة التي لا تظهر بالمظهر الذي نتمناه؛ أي منطقة تسير بخطى ثابتة نحو الوحدة والاندماج، إلا أن النزاعات الموجودة تؤثر على العمل من أجل جمع الشمل والانطلاقة نحو الاندماج والوحدة المنشودة".
"تصدير السلام"
كما تعهد رمطان لعمامرة بأن تكون الجزائر "الدولة المحورية قارياً"، معلناً عن عودة بلاده للتحرك لحل أزمات القارة الأفريقية ولأن تكون "مُصدرا للسلام والأمن".
وأضاف "ستكون الجزائر الدولة المحورية التي ستتحرك كما فعلت في السابق فيما يتعلق بتصدير السلام والاستقرار والأمن في ربوع القارة الأفريقية، بدءا بالفضاء الصحراوي الساحلي وصولاً إلى بؤر التوتر في القارة وفي كل مكان".
"جَرَّاح" الدبلوماسية
الوزير السابق صبري بوقادوم خلال مراسم تسليم مهام وزارة الخارجية، أشاد بالخبرة الدبلوماسية "المشهود لها دولياً" لخلفه الجديد.
وهو الاعتراف الصادر عن أحد الشخصيات الدبلوماسية الجزائرية التي عملت طويلا مع رمطان لعمامرة تحت مظلة الأمم المتحدة، عندما كان بوقادوم مندوباً دائماً للجزائر من 2013 إلى 2019.
أولويات الوزير الجديد واعتراف سلفه، لخصها مراقبون في دلالات إعادة رمطان لعمامرة إلى الخارجية وهو الذي يوصف بـ"جَرَّاح الدبلوماسية الجزائرية" أو "الدبلوماسي الساحر".