في ثالث زيارة لوزير خارجية الجزائر لمالي.. اتفاق السلام يتصدر
ترأس وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، أول اجتماع للجنة متابعة اتفاق السلام بمالي، في إطار زيارة تعتبر الثالثة له منذ الانقلاب.
ويجري بوقادوم زيارة رسمية إلى مالي بدأها الأربعاء، وتعتبر الثالثة من نوعها منذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكم إبراهيم أبو بكر كايتا في أغسطس/ آب الماضي.
ووفق بيان صادر عن الخارجية الجزائرية، التقى قادوم عددا من كبار المسؤولين في مالي على رأسهم رئيسها "باه نداو"، ونائبه العقيد عاصمي غوتا، ووزير المصالحة الوطنية العقيد إسماعيل واغي، ووزير الخارجية زيني مولاي.
وأوضح البيان أن الوزير بحث مع المسؤولين الماليين "العلاقات الثنائية وسبل الدفع قدماً بعملية السلام والمصالحة التي ترافقها وتدعمها الجزائر".
كما ترأس الوزير الجزائري، مساء الخميس، الدورة 42 للجنة متابعة اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر، والتي تحتضنها للمرة الأولى مدينة كيدال الواقعة شمالي البلاد.
ووصفت بيان الخارجية الجزائرية عقد الاجتماع في "كيدال" بـ"الحدث غير المسبوق، والمؤشر الهام الذي من شأنه إعطاء دفعة قوية لمسار السلم والمصالحة الذي ترعاه الجزائر بالتعاون مع المجموعة الدولية الممثلة في اللجنة".
وبحسب المصدر نفسه، زار بوقادوم مدينة "غاو" الواقعة شمالي مالي، مشيرا إلى أن الوفد الجزائري "استذكر زملاءنا شهداء الواجب، القنصل العام بوعلام سايس ونائبه طاهر تواتي"، وأكد أن"ذكراهم ستبقى خالدة في قلوبنا. لم ولن ننسى".
وفي أبريل/نيسان 2012، اختطف مسلحون من جماعة "التوحيد والجهاد" 7 دبلوماسيين جزائريين يعملون في قنصلية "غاو"، ورفضت الجزائر شروط التنظيم الإرهابي بينها الفدية والإفراج عن الإرهابي "أبو إسحاق السوفي" المعتقل لديها، والذي يعد أحد عناصر ما يسمى بـ"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب".
وبعد شهرين من المفاوضات السرية، تم تحرير 5 رهائن فيما قتل دبلوماسيان على يد مسلحي الجماعة الإرهابية.
وقادت الجزائر، خلال مراحل متفرقة، جهود وساطة برعاية أممية، بين باماكو وحركات مسلحة ناشطة شمالي البلد الأخير، في أزمة انتهت بتوقيع اتفاق سلام، اعتبرته الأمم المتحدة ناجعاً، غير أن تطبيقه اتسم ببطء شديد.
وبعد وساطة جزائرية دامت 8 أشهر و5 جولات، وقعت حكومة مالي مع 6 حركات مسلحة اتفاق سلام تضمن إنهاء الحرب شمالي البلاد، ووضع آلية تفاهم بين الجانبين لوضع خارطة طريق لنزع كل أشكال التسلح، وبسط سيطرة الجيش المالي، مع إدماج الحركات المسلحة في الجيش والشرطة وأجهزة مكافحة الإرهاب، واتخاذ إجراءات تنموية وأخرى تتعلق بالرعاية الاجتماعية لمناطق الشمال.
شروط وهواجس
نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، كشفت الجزائر عن موقفها من الأحداث في جارتها الجنوبية، ووضعت شرطاً أمام قادة الانقلاب للمرحلة الانتقالية، ورفضت في المقابل تسمية المجلس الانتقالي بـ"الإنقلابيين"، مبررة ذلك بأن الرئيس المخلوع "كايتا" قدم استقالته وحل البرلمان.
وقال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في تصريحات إعلامية، إن بلاده تتابع عن كثب تطورات الأوضاع في مالي، وكشف عن مقترح حمله وزير الخارجية صبري بوقادوم إلى المجلس العسكري الحاكم بمالي والسياسيين، يقضي بـ"تقليص الفترة الانتقالية إلى عام ونصف تقريباً"، وحل الأزمة باتفاق مع الجزائر".
وأعلن أن بلاده "اشترطت أن يكون الرئيس المالي المقبل مدنياً وليس عسكرياً"، وشدد على أن الجزائر "لن تقبل بأي حل في مالي إذا لم يكن الرئيس المقبل مدنياً، والحل في مالي لن يكون إلا 90 % جزائرياً".
وتنظر الجزائر بتوجس للوضع في دولة مالي التي تعتبرها عمقها الاستراتيجي في الجهة الجنوبية، خصوصاً بعد أن بات الشمال المالي بؤرة خصبة للجماعات الإرهابية على رأسها "داعش" و"القاعدة"، ونقطة التقاء لها مع عصابات الجريمة المنظمة.
وتفرض السلطات الجزائرية، منذ 2012 تاريخ اندلاع الأزمة في مالي، طوقاً أمنياً وعسكرياً على حدودها مع الجارة الجنوبية، وأعلنت رفع حالة التأهب إلى الدرجة القصوى، وكشفت في مناسبات عدة عن رصدها تحركات لإرهابيين لاختراق حدود البلاد، وضبطت كميات هائلة من الأسلحة والذخيرة.
وزادت مخاوف الجزائر من الوضع في مالي عقب الصفقة التي قادتها الحكومة المالية مع التنظيم الإرهابي "نصرة الإسلام والمسلمين"، نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي أفرج بموجبها عن رهينتين فرنسيتين مقابل أكثر من 200 إرهابي.
وانتقدت الجزائر تلك الصفقة واعتبرت أنها "مؤشر على وجود أطراف أجنبية تسعى لدعم الإرهابيين في الساحل عبر أموال الفدية، ومنحها شرعية بالمفاوضات وقبول شروطها".
aXA6IDMuMTQ0LjQwLjIxNiA= جزيرة ام اند امز