وثيقة مسربة تكشف تحذير الجيش لنتنياهو من «فخ» غزة

خلف الأبواب المغلقة لقرارات الحرب، تدور صراعات صامتة بين قادة الجيش والحكومة، كاشفة عن فجوة عميقة.
هذا هو ما حصل بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس أركانه إيال زامير، حول الهجوم على مدينة غزة.
وفي 16 سبتمبر/أيلول الجاري، شنّ الجيش الإسرائيلي هجوما كبيرا على مدينة غزة من أجل القضاء على ما يعتبره آخر معقل رئيسي لحركة حماس التي أشعل الحرب هجومها في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على جنوب إسرائيل.
ومنذ ذلك الوقت، يشهد قطاع غزة موجات نزوح كبيرة من مدينة غزة وشمالها إلى وسط القطاع وجنوبه، بفعل إخطارات الجيش الإسرائيلي للسكان، وسط تفاقم الأوضاع الإنسانية.
وذكرت القناة 13 الإسرائيلية، أن زامير سلّم مذكرة سرية إلى نتنياهو قبل أسابيع من بدء الهجوم العسكري الجديد على قطاع غزة.
وفي المذكرة التي جاء الحديث عنها عشية لقاء نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالبيت الأبيض، لمناقشة اقتراح لإنهاء الحرب، حذّر رئيس الأركان من أن العملية تفتقر إلى "غاية سياسية" وأن الإجراءات العملياتية تعرّض حياة الرهائن والجنود للخطر.
وأفادت القناة 13 أن "الجنود يعودون إلى نفس الأماكن دون أي هدف سياسي".
ووفق ما طالعته "العين الإخبارية" في موقع "تايمز أوف إسرائيل"، نُقل عن زامير قوله "لا نهاية سياسية" في مدينة غزة، مؤكدا أن إسرائيل "ترفض إيجاد بديل لحماس في قطاع غزة".
الجيش يعلّق وعائلات الجنوب غاضبة
وبحسب الموقع، أكد متحدث باسم الجيش الإسرائيلي وجود الوثيقة للقناة 13، واصفا إياها بأنها "مذكرة حساسة وسرية للغاية" سُلمت مباشرة إلى نتنياهو ووزير الدفاع إسرائيل كاتس، ورفض التعليق على محتواها.
وحذّر المتحدث من أن "تسريب محتوياتها إلى جهات غير مصرح لها يشكّل خرقا لأمن الدولة".
في المقابل، ردت عائلات الجنود الذين يخدمون في غزة بغضب على التقرير، وقالوا للقناة 13 إنهم "مصدومون" منه.
من جهته، اتهم رئيس الحزب الديمقراطي المعارض، يائير غولان، نتنياهو "بإبقاء حماس في السلطة لأن هذا ما يُبقيه في السلطة".
وكتب غولان، وهو نائب سابق لرئيس الأركان: "هذه حكومة ليست يهودية ولا صهيونية. إنها حكومة دم وكراهية".
ليس الصدام الأول
لم تكن هذه الحادثة المرة الأولى التي يصطدم فيها زامير بالقيادة السياسية بشأن خططها للسيطرة على مدينة غزة، مما يسلّط الضوء على الخلاف المتزايد بين الجيش والقيادة السياسية.
في أغسطس/آب الماضي، أفادت تقارير إعلامية أن زامير حذّر الحكومة من أن العملية في مدينة غزة ستجر إسرائيل على الأرجح إلى احتلال كامل للقطاع، معتبرا أن هذا قد يشكّل "فخا" للجيش الإسرائيلي، وسيعرّض الرهائن للخطر، وفي الوقت نفسه يُنهك الجيش.
ثم، في وقت سابق من هذا الشهر، أفادت القناة 13 أن رئيس الأركان وبّخ نتنياهو وجمع المشرعين، متهما إياهم بأنهم قرروا الآن فقط التعامل بجدية مع جماعة حماس كمبرر لتوسيع الحملة العسكرية والتهرب من صفقة محتملة لإطلاق سراح الرهائن.
وقيل أيضا إن زامير تحدث بانفعال ساخر أمام مجلس الوزراء الأمني رفيع المستوى بقوله "صباح الخير يا شمس. كنت رئيسا للحكومة في السابع من أكتوبر. والآن تتذكر الحديث عن هزيمة حماس؟ أين كنتَ في السابع؟ الثامن؟ التاسع؟ الآن تتذكر، بعد عامين؟"
كما اختلف زامير مع وزير الدفاع في قضايا أخرى غير ذات صلة، منها حادثة اتهم فيها كاتس رئيس الأركان بتعيينات رفيعة المستوى دون استشارته.
واستمر الخلاف لعدة أيام، حتى أعلن الاثنان توصلهما إلى تفاهم، ووافق كاتس على جميع ترشيحات زامير تقريبا، باستثناء اثنين.