وقع الخيبة ظهر على تميم بعد الاستقبال الباهت؛ حيث كان في مقدمة مستقبليه لدى وصوله إلى مطار أنقرة نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية
يبدو أن أمير قطر الشيخ تميم وقف في العاصمة الألمانية برلين على حقيقة ألّا حل في الأفق بعد مرور 100 يوم من عمر الأزمة، وأن الحل في الرياض وعبر الوساطة الكويتية وهي الحقيقة التي صرحت بها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في مؤتمر صحفي مع الشيخ تميم، الذي يقوم بأول جولة خارجية له طالبا تدخلا دوليا لمساعدة بلاده على الخروج من ورطة المقاطعة التي عزلته عن محيطه العربي والخليجي.
أجزم بأن زيارة تميم لتركيا وألمانيا دليل على فشل الدبلوماسية القطرية في كون الزيارة لبلدين بينهما خلافات سياسية كبيرة وأن ذلك يؤكد أن تميم ومستشاريه لا يفقهون في السياسة كثيراً، وكأن قطر بهذه الخطوة تسعى إلى ردم الخلافات والإصلاح بين برلين وأنقرة بدلا عن محاولة إنقاذ نفسها من المقاطعة؟!
وصل الشيخ تميم إلى برلين ثاني محطة له في إطار جولته الخارجية بعد أن أجرى الخميس مباحثات في أنقرة مع الرئيس التركي أردوغان الذي كان يتعاطف مع قطر في أزمتها من خلال البيانات الصادرة، وذلك بحكم الواجب الذي تحتمه عليه روابط "الجماعة" سيئة الذكر، لكن أردوغان في المقابل يقف عاجزا عن مساعدتها في فك عزلتها على الرغم من استفادة بلده اقتصادياً وتجارياً بما يباع في الدوحة وضواحيها من ألبان مثيرة للجدل ومواد غذائية.
لقد ظهر وقع الخيبة على تميم بعد أن وجد نفسه في استقبال باهت لكنه يليق بنظام قطر؛ حيث كان في مقدمة مستقبليه لدى وصوله إلى مطار أنقرة نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، ولا ندري ربما كانت تلك رسالة مبطنة من أردوغان لتعرف قطر وزنها وحجمها الحقيقي، وبأنه مشغول بما هو أهم من قطر وأميرها!!
ظهر وقع الخيبة على تميم بعد أن وجد نفسه في استقبال باهت لكنه يليق بنظام قطر؛ حيث كان في مقدمة مستقبليه لدى وصوله إلى مطار أنقرة نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، ولا ندري ربما كانت تلك رسالة مبطنة من أردوغان لتعرف قطر وزنها وحجمها الحقيقي، وبأنه مشغول بما هو أهم من قطر وأميرها
أما الخيبة الثانية، فكانت في مواجهة المصير ذاته في برلين؛ حيث اكتفت المستشارة الألمانية في المؤتمر الصحفي المشترك بدعوة جميع الأطراف "الدول الداعية لمكافحة الإرهاب وقطر" إلى الجلوس حول طاولة واحدة بعيدا عن صخب الإعلام لحل الأزمة وهي دعوة كررتها أكثر من جهة حاولت التوسط، إلا أنها اصطدمت بتعنت قطر ومكابرة لم تجن منها الدوحة سوى اتساع دائرة العزلة والأضرار الاقتصادية والسياسية، حيث قالت ميركل "نشعر بقلق حيال حقيقة أنه بعد مرور 100 يوم على بدء الأزمة لا يوجد حل في الأفق"، مضيفة "ناقشنا ضرورة أن يجلس كل الأطراف حول طاولة واحدة في أقرب وقت ممكن".
لقد كان خطاب الشيخ تميم واضحا بأنه لم يخرج من الحلقة المفرغة التي يدور فيها منذ تفجر الأزمة، حينما قال بأنه "على استعداد للجلوس على الطاولة لحل هذه القضية"، ودعم بلاده لوساطة تقودها الكويت، مضيفا "سوف نظل ندعمها إلى أن نصل إلى حل يرضي جميع الأطراف"، وهو ما يؤكد أن الدوحة تحاول الظهور كمن يرغب في الحوار وكأن الأطراف الأخرى هي من يرفض الحوار، والحقيقة أنها هي ذاتها من ينسف كل جهود تسوية الأزمة بالإصرار على التعنت ورفض الاستجابة للمطالب والهواجس العربية من السياسة القطرية المتعلقة بدعم وتمويل الإرهاب.
عندما دعا أمير قطر إلى معالجة "جذور الإرهاب" في موازاة مكافحته أمنيا، هي دعوة تتناقض تماما مع سياسة تتبعها الدوحة في السر والعلن وتتعلق بالترويج لخطابات الكراهية والتطرف من خلال إيوائها شخصيات متطرفة معروفة ودعمها لجماعات متشددة في الخارج؛ حيث قال: "كلنا نكافح الإرهاب من نواح أمنية، لكن أيضا يجب أن نركز على جذور الإرهاب وأسباب الإرهاب. ربما نختلف مع بعض الدول العربية في تشخيص جذور الإرهاب، لكن كلنا متفقون على أننا يجب أن نحارب الإرهاب".
إن المتابع لمسار الأزمة يجد أن تصريحات أمير قطر هي للاستهلاك الإعلامي لا غير، وأنه لو كان جادا في محاربة الإرهاب لبدأ أولا بتطهير بلاده من رموز التطرف التي يستضيفها.
لقد حاولت ميركل تجنيب ضيفها أمير قطر الحرج، فلم تسهب في الحديث عن المقاطعة، إلا أنها أطلقت إشارات واضحة تتعلق بسجل آخر طالما حاولت الدوحة تلميعه دون جدوى في ظل استمرار انتهاك حقوق العمال خاصة عمال المنشآت الرياضية.
إن هرولة وزيارات نظام قطر المتعددة نحو الأوروبيين، توحي للبعض وكأن الدوحة قد انضمت للاتحاد الأوروبي، إلا أن تميم قد صُدِم بجواب حازم من كل الدول الأوروبية بأنهم يدعمون الوساطة الكويتية، رغم ما قدمته قطر من أموال واستثمارات لإغرائهم، فهي توظف العقود السخية عادة لأهداف سياسية أكثر منها استثمارية للتغطية وللالتفاف على حقيقة ارتباطها بجماعات متشددة، لكن يبدو أن ذلك كله سيذهب جفاء دون جدوى.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة