رغم اللقاءات والتوافق.. متى تتوحد "عسكرية" ليبيا؟
جمعت الولايات المتحدة الأمريكية رئيس أركان الجيش الليبي ونظيره بالمنطقة الغربية في اجتماع، أمس الخميس، بالعاصمة الإيطالية روما.
وأكدت واشنطن، في بيان أصدرته سفارتها بليبيا، أن الفريق أول عبدالرازق الناظوري رئيس أركان الجيش الوطني الليبي والفريق محمد الحداد رئيس أركان القوات بالمنطقة الغربية شاركا في ندوة رؤساء الدفاع الأفارقة في روما الذي يستضيفها قائد القوات الأمريكية في أفريقيا "أفريكوم"، الفريق مايكل إيليوت لانغلي.
وأشادت الولايات المتحدة بالتزامهما بإعادة توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، مؤكدة تأييدها لإعادة توحيدها، والوقوف مع الشعب الليبي في دعواته للسلام والوحدة الوطنية والسيادة الكاملة.
وسبق أن التقى الناظوري والحداد عدة مرات في الداخل الليبي والخارج ضمن مساعي التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار وإعادة توحيد المؤسسة العسكرية الليبية.
ورغم التأكيدات المتتالية على التوافق التام بين الطرفين، بما في ذلك اللجنة العسكرية الليبية المشتركة "5+5"، والتوصل إلى اتفاق مبدئي حول توحيد المؤسسة العسكرية إلا أن هذه الخطوة لا تزال بعيدة على ما يبدو.
وتستقصي "العين الإخبارية" في هذا التقرير آراء خبراء عسكريين وأمنيين وسياسيين حول إمكانية توحيد المؤسسة العسكرية الليبية والعراقيل التي تواجهها.
تحديات مشتركة
يرى الدكتور يوسف الفارسي أستاذ الأمن القومي بالجامعات الليبية، أن لقاءات القادة العسكريين الليبيين خطوة مهمة، وتؤكد أن المؤسسة العسكرية ليس لديها مانع من أي خطوة للبناء والسلام.
وتابع، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن الطرفين لديهما رغبة في توحيد المؤسسة العسكرية والتنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، لكن المشكلة في بعد الأفراد التي تستفيد من الفوضى وكذلك المليشيات التي ترغب في البقاء وتحاول عرقلة هذه الجهود.
وأضاف أن الولايات المتحدة استضافت الفريقين الليبيين، بهدف مناقشة توحيد المؤسسة العسكرية والتحديات التي تواجه أفريقيا وليبيا مثل مكافحة الإرهاب ومواجهة الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة وهي تحديات تواجه أفريقيا وكذلك الغرب.
وأشار إلى أن المسار العسكري سيسير إلى الأمام في الفترة المقبلة بدعم دولي خاصة من واشنطن لدفع الفرقاء للحل، ومحاولة تفعيل المسار العسكري عبر الآليات وإخراج المرتزقة وجمع السلاح وحل المليشيات بالتوافق مع خطط الأمم المتحدة لحل الأزمة الليبية.
بشرى ومخاوف
من جانبه، يرى الخبير الأمني والعسكري الليبي محمد الترهوني أن أي لقاء بين الأطراف العسكرية الليبية هو خطوة جيدة ومهمة وستحصل على دعم خاصة من الأطراف التي ترغب في الاستقرار في ليبيا سواء لصالح ليبيا أو خشية على مصالحها من التوترات الأمنية.
وتابع في حديث لـ"العين الإخبارية" أن أي اجتماع عسكري- عسكري بحت بعيدا عن سطوة المليشيات سيصل إلى نقاط اتفاق يمكن البناء عليها، باعتبار أن الهموم والتحديات واحدة ومشتركة، ولذلك نجحت لجنة 5+5 نجاحا كبيرا سواء في تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار أو تبادل المحتجزين.
وأضاف أن الشعب الليبي يرحب بهذه الاجتماعات ويعقد عليها كثيرا من الآمال بعيدا عن المليشيات التي تقتات على الفوضى والأطراف الدولية التي لا ترغب في أي توافق بين الليبيين خاصة التي لها قواعد عسكرية أو قوات ومرتزقة أجانب داخل البلاد.
وأضاف أن الأطراف الليبية والدولية لديها رغبة واضحة لإنهاء وجود القوات الأجنبية والمرتزقة في البلاد، وستكون هذه أولى خطوات الحل والتقدم الحقيقي المنتظر في المسار العسكري نحو إعادة توحيد المؤسسة العسكرية.
وأشار إلى وجود تخوفات من محاولة عرقلة هذا الوفاق، وتعنت الأطراف التي لم تشارك في مثل هذه الاجتماعات بدعاوى كاذبة مثل كونها لا تحدث على طاولة ليبية- ليبية بحتة أو دعم توجه بعينه رغم رغبة الليبيين.
الرؤية الأمريكية
ومن جانبه، يرى الخبير السياسي الليبي سالم الغزال أن الرؤية الأمريكية للملف الليبي تغيرت بحسب الظروف والمتغيرات السياسية للمجتمع الدولي.
وتابع في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن واشنطن تسعى لفك ارتباط الدب الروسي من الملف الليبي وسحب البساط من تحته خاصة في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية.
وأوضح أن هذه الرغبة دفعت واشنطن للسعي لحل الأزمة الليبية ودفع المسارات التفاوضية قدما، لتقطع الطريق على منافستها التقليدية، وهو ما يتوافق مع رغبة الليبيين للحل.
ويرى الغزال أن ملف توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، يعرقله تيار الفوضى الذي يترأسه المفتي المعزول الصادق الغرياني، والذي يحاول إنشاء جسم موازٍ للجيش تحت اسم "الحرس الثوري" على غرار النموذج الإيراني.
ونوه إلى أن أساس الأزمة الليبية أمني، ولذلك حال حلها ستحل تباعا كافة الأزمات الأخرى خاصة إذا تم تفكيك المليشيات ونزع سلاحها وإخراج المرتزقة، فلن يبقى لدى الأطراف الداعمة للفوضى ما تستقوي به وسيكون الطريق أمام الاستقرار مفتوحا.
aXA6IDMuMTQxLjQ3LjE2MyA= جزيرة ام اند امز