خطة بديلة حول طرح نسبة من أسهم "أرامكو" في البورصة
مع تشكيك محللين وخبراء في إمكانية حدوث الطرح من الأساس، بدأت الشركة السعودية تدرس مقاربة أخرى يتم من خلالها جمع مليارات الدولارات.
في إطار تنويع اقتصادها وفقا لرؤية 2030، سعت السعودية للحصول على مليارات تدعم هذا التوجه، عبر خطة الاكتتاب العام لعملاق النفط "أرامكو"، لكن، ومع تأخر تطبيق هذا الاكتتاب، بدأ الحديث عن خطة بديلة يرى محللون أنها تحمل بعض المخاطر.
وكانت السعودية قد أعلنت في 2016 أنها ستطرح ما يصل إلى 5% من أسهم "أرامكو" في البورصة بهدف المساعدة في تمويل أكبر صندوق استثماري في المملكة، وفي خطوة اعتبرت أنها ضخمة جدا. لكن مسؤولين في أرامكو أعلنوا مرارا أن ظروف السوق غير مواتية لهذه العملية، ما قد يؤخر عملية الاكتتاب التي كانت مقررة في وقت سابق من هذا العام.
ومع تشكيك محللين وخبراء في إمكانية حدوث الطرح من الأساس، بدأت الشركة السعودية تدرس مقاربة أخرى يتم من خلالها جمع مليارات الدولارات.
الأسبوع الماضي، أعلن المدير التنفيذي لـ"أرامكو" أمين الناصر، أن هناك مباحثات تمهيدية لاستحواذ الشركة على "حصة استراتيجية" في شركة البتروكيماويات السعودية العملاقة "سابك".
وتملك الحكومة السعودية عبر صندوق الاستثمار السعودي، 70% من أسهم "سابك" التي تأسست عام 1976 والتي تعتبر الرابعة عالميا في مجالها. وبحسب موقعها الإلكتروني، تدير الشركة عملياتها في أكثر من 40 بلدا، ويعمل لديها أكثر من 40 ألف موظف.
وقال الناصر، في مقابلة مع تلفزيون "العربية"، إن الصفقة في حال تمت، "ستؤثر على الإطار الزمني لطرح أرامكو للاكتتاب".
- "عملية توازن في الحسابات"
ويرى خبراء أن حصول أرامكو على حصة صندوق الاستثمار السعودي سيشكل بديلا بالنسبة إلى جمع الأموال المطلوبة للصندوق، لكنها خطة معقدة.
و"سابك" هي أكبر شركة مدرجة في البورصة السعودية، وتبلغ قيمة أسهمها قرابة 100 مليار دولار- وهو المبلغ الذي سعت الحكومة لجمعه من طرح أسهم أرامكو للاكتتاب العام.
وتؤكد الباحثة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن كارين يونج، أن النهج الذي تقاربه السعودية لجمع الأموال هو "عملية توازن في الحسابات".
وتقول إن "أرامكو وسابك كلاهما ملك للدولة، ولكنهما في الميزانيات تعدان كيانين منفصلين".
وتضيف "في حال قامت أرامكو بشراء الحصة الأكبر في سابك، فإنها ستضخ الأموال في صندوق الاستثمار العام وسيكون في إمكانها الاعتماد على هذا الأصل المهم للحصول على قروض"، في حال لزم الأمر.
ويشارك صندوق الاستثمارات الذي يأمل في زيادة أصوله إلى أكثر من تريليوني دولار بحلول عام 2030، في مجموعة كبيرة من الاستثمارات العالمية الكبرى منها "أوبر"، بالإضافة إلى منطقة اقتصادية ضخمة في شمال غرب المملكة تشمل أراضي في الأردن ومصر باستثمارات تبلغ أكثر من 500 مليار دولار، في مشروع "نيوم".
ويرغب الصندوق في الحصول على السيولة اللازمة للتحرر من الاقتصاد المرتهن للنفط بعد انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة العام الماضي إلى أدنى مستوى منذ 14 عاما، بحسب هيئة تابعة للأمم المتحدة.
وكتب المستشار السابق لوزارة النفط السعودية محمد الصبان، في تغريدة على موقع تويتر: "إذا توفرت السيولة لصندوق الاستثمارات العامة نتيجة لشراء أرامكو حصته في سابك، فإن هذا قد يؤدي إلى التراجع نهائيا عن طرح أرامكو للاكتتاب دوليا أو محليا".
وتابع: "لكن التساؤل المهم هو كيفية إنفاق الصندوق هذه المبالغ الطائلة".
ومن أجل تمويل عملية الحصول على حصة استراتيجية في "سابك"، تدرس "أرامكو" حاليا الدخول إلى سوق السندات الدولية للمرة الأولى، بالإضافة إلى قروض مصرفية محتملة، بحسب وكالة "بلومبرج" الاقتصادية.
ويقول خبراء إن اللجوء إلى الديون بدلا من بيع الأسهم للمستثمرين يضيف قدرا أكبر من المخاطر على استراتيجية المملكة لاستخدام صندوق الاستثمارات في إصلاح الاقتصاد.
- تأخير وتردد
وأوردت صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلا عن مسؤولين تنفيذيين، أن الشركتين لا تشعران بالحماس تجاه هذه الصفقة.
ويؤكد الأستاذ الجامعي حسين عسكري في جامعة جورج واشنطن: "لا أرى أي سبب وجيه لقيام أرامكو بشراء (حصة) في سابك.. هذا لا يجعل إدارة الكيانين أسهل".
ويقول مؤيدو الصفقة إن أرامكو التي تملك وحدة للبتروكيماويات خاصة بها قد تستفيد من شراء أسهم "سابك". إذ سيسمح الاتفاق لأرامكو بتوسيع عملياتها في مجال البتروكيماويات ما يجعلها شركة أكثر تكاملا في مجال الطاقة، في وقت تستعد لمرحلة ما بعد النفط.
ويؤكد مسؤولون سعوديون أن الاتفاق مع "سابك" سيفسح أيضا المجال أمام عملاق النفط السعودي لتعزيز قيمته وسيعزز فرص نجاح اكتتاب عام في المستقبل.
وتتنافس بورصات لندن ونيويورك وهونج كونج للحصول على شريحة من الاكتتاب العام.
ولكن الخبراء يشككون في قدرة "أرامكو" على الحصول على تقييم بقيمة 2 تريليون دولار، وهناك مخاوف قانونية من أن الطرح للاكتتاب العام سيدفع باتجاه تدقيق غير مسبوق في حسابات الشركة، ما يؤدي إلى تأخير وتردد في العملية.
داخل الشركة، نُقل عدد من المديرين التنفيذيين الرئيسيين الذين كانوا يعملون على مشروع الاكتتاب إلى مواقع أخرى، في مؤشر على تباطؤ العملية.
وتقول إيلن والد التي ألفت كتابا عن السعودية: "قد تطرح أرامكو عملية الشراء كطريقة لنقل سيولة إلى صندوق الاستثمارات، وتأمل بذلك في تجنب طرح الاكتتاب العام".