سفيرة واشنطن السابقة في الإمارات لـ"العين الإخبارية": إيران تلعب دورا تدميريا بالمنطقة
حوار خاص لـ"العين الإخبارية" مع الدبلوماسية الأمريكية السفيرة باربارا أ.ليف للحديث حول أزمات منطقة الشرق الأوسط التي عملت بها لسنوات.
من أبوظبي إلى واشنطن، مروراً بالقاهرة والبصرة وتونس والقدس وروما وسراييفو وباريس، عواصم عديدة استضافت الدبلوماسية الأمريكية المخضرمة السفيرة باربارا أ ليف، التي شغلت منصب السفيرة الأمريكية لدى دولة الإمارات، خلال الفترة من ٢٠١٤ إلى ٢٠١٨.
"العين الإخبارية" التقت السفيرة باربارا أ.ليف في واشنطن، بعد سنوات عديدة من العمل في الشرق الأوسط، توجت جهودها في السلك الدبلوماسي الأمريكي الذي شغلت فيه مناصب رفيعة المستوى في وزارة الخارجية.
فقبل عملها في أبوظبي عام 2014، شغلت منصب نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون شبه الجزيرة العربية في "مكتب شؤون الشرق الأدنى" ونائب مساعد وزير الخارجية لشؤون العراق، كما أدارت "فريق إعادة الإعمار الأمريكي" بمدينة البصرة العراقية، وشغلت منصب المدير الأول لـ"مكتب الشؤون الإيرانية" بوزارة الخارجية الأمريكية، بالإضافة إلى عملها في مناصب دبلوماسية في عواصم عربية وعالمية أخرى.
وأكدت السفيرة ليف أن الإمارات من أفضل أصدقاء الولايات المتحدة وشركائها في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أنها لمست من خلال عملها في أبوظبي على مدار أربع سنوات، عمق ومتانة العلاقات بين البلدين.
ولفتت السفيرة الأمريكية إلى أن إدارتي الرئيسين باراك أوباما ودونالد ترامب اختلفتا في كل شيء تقريباً لكنهما اتفقا على ضرورة تقليص الدور الأمريكي في الشرق الأوسط، وذلك عن طريق أدوات مختلفة.
وإلى نص الحوار:
• بداية دعيني أسألك بعد ٤ سنوات من الخدمة سفيرة لأمريكا في الإمارات، كيف تنظرين للعلاقات الثنائية بين البلدين الآن؟
الإمارات العربية المتحدة هي أحد أفضل أصدقائنا وشركائنا في المنطقة، والعلاقات بين البلدين قوية ومتينة للغاية لصالح شعبي الدولتين ولخدمة السلام والاستقرار في الشرق الأوسط والعالم.
ونحن نعمل معاً من أجل إحلال السلام في اليمن، كما نشجع على الدوام عملية سلام قابلة للتحقيق بقيادة الأمم المتحدة في اليمن، الأمر الذي سيعود بالنفع على اليمن الذي أنهكته الحروب والصراعات، كما أن هذا من شأنه أن يكون مفيداً للاستقرار في المنطقة كما يرغب أصدقاؤنا الإماراتيون.
• خلال فترة عملك في أبوظبي، عاصرتي إدارتي الرئيس أوباما وترامب.. ففي تقديرك ما الذي اختلف حول دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط خلال الإدارتين؟
دعني أكون صريحة معك، في الحقيقة هناك تشابه مذهل بين الأهداف الدبلوماسية الأمريكية في الشرق الأوسط بين الإدارتين، ورغم أن الإدارتين تمثلان حزبين مختلفين، ومختلفين في كل شيء تقريباً، إلا أنهما اتفقا في ضرورة تقليص الدور الأمريكي في الشرق الأوسط، وإذ كان هذا بـ"أدوات مختلفة بطبيعة الحال"؛ حيث جاء الرئيس باراك أوباما إلى منصبه متعهداً بعودة القوات الأمريكية من العراق، كما لم يستجب إلى دعوات عديدة لعودة بعض الارتباطات العسكرية في المنطقة، وتم إقناعه على مضض من قبل القوى الإقليمية والأوروبية بالتدخل في ليبيا، لكنه في الوقت ذاته أبدى تردداً كبيراً في التدخل بسوريا، لقد تلخصت رؤيته على ضرورة إعادة انتشار القوات الأمريكية بشكل أكبر نحو آسيا، وأبدى اهتماماً أكبر للتهديدات والفرص في تلك المنطقة، كما اعتبر الدور الأمريكي في الشرق الأوسط أنه مفرط في كثير من النواحي ويحتاج إلى تقليص ضروري.
بينما الرئيس دونالد ترامب يبدو واضحاً أكثر من أي رئيس أمريكي في هذا الصدد؛ حيث تتلخص رؤيته في أنه يجب على الولايات المتحدة "الخروج من الشرق الأوسط" وترك قضايا مثل حل سوريا للآخرين - سواء كانت قوى إقليمية أو دولية.
• وكيف تنظرين إلى الانسحاب الأمريكي من سوريا؟ هل يمكن أن يؤثر على خطط الولايات المتحدة للضغط على إيران؟
الانسحاب السريع من سوريا سيكون خطأ فادحاً.. أنا غير مقتنعة بذلك، ومع ذلك يبدو أن إدارة الرئيس ترامب تراجعت بشكل ما عن الانسحاب الكامل، وهذا أفضل، لأنه حتى إذا تم ترك بضعة مئات من الجنود فحسب في شمال شرق سوريا، فإن هذا بالتأكيد سيكون من مصلحتنا ومصلحة شركائنا وحلفائنا، لأن انسحاب القوات الأمريكية بالكامل من سوريا سيكون كارثياً على العمليات القتالية ضد جيوب داعش، ولضمان الهزيمة المستمرة لفلول التنظيم الإرهابي يجب أن تكون هناك قوات أمريكية للعمل على ضمان الاستمرار في تدريب وتحسين قدرات القوات المحلية لمواجهة ودحر داعش أو أي أنشطة مستقبلية لفلولهم.
وبالنسبة للشق الثاني من السؤال، دعني أكون صريحة معك، في الوقت الراهن يكاد يكون من المستحيل العمل على خلق استراتيجية أمريكية أكبر في سوريا، سواء كان هذا للتعامل مع أنشطة إيران الخبيثة هناك أو أنشطة تركيا في الشمال، أو حتى أنشطة روسيا.
• شغلتي منصب المدير الأول لـ"مكتب الشؤون الإيرانية" في وزارة الخارجية الأمريكية خلال وقت سابق وعملتي في العراق ولمستي التدخلات الإيرانية في المنطقة.. كيف تنظرين إلى الدور الإيراني في الشرق الأوسط؟
باختصار شديد إيران تلعب دوراً مدمراً في الشرق الأوسط، وأنشطتها الخبيثة والعدوانية تنتشر في طول المنطقة، ولولا هذا الدور لكان من الممكن أن يكون الوضع أفضل بكثير.
• هل تقولين إن إيران سبب عدم استقرار الشرق الأوسط؟
طبعاً، إيران أحد أهم أسباب عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وبطبيعة الحال هناك أسباب أخرى، لكن تبقى طهران وضعف الحكومات وفشل نُظم المنطقة في توفير الفرص الاقتصادية للنمو، الأسباب الرئيسية لعدم الاستقرار، لقد تفاقمت نقاط الضعف المزمنة هذه، سواء في العراق أو اليمن أو ليبيا أو سوريا أو غيرها من البلدان التي هزتها أحداث عام 2011 وما بعدها، واستغلت الأنشطة الإيرانية العدوانية والخبيثة نقاط الضعف هذه، وعملت على زيادة حدة الصراعات وخلق بؤر جديدة للأزمات، لكن في الحقيقة أيضاً أن الأسباب الجذرية للمشاكل كانت موجودة أساساً في مثل تلك البلدان.
• هل تعتقدين أن العقوبات الأمريكية القاسية الأخيرة ضد إيران يمكن أن تؤثر على دورها في الشرق الأوسط؟
نعم ولكن ليس بشكل فوري.
• في تقديرك هل يمكن للعقوبات وحدها تغيير النظام في إيران؟
بصراحة هذا أمر مشكوك فيه، وبصراحة أيضاً هدف العقوبات ليس تغيير النظام الإيراني، لقد عانت الولايات المتحدة والمنطقة من كل تجارب التغيير، لدينا ما يكفي من تجارب تغيير الأنظمة في المنطقة خلال الخمسة عشر عاماً الماضية، ودعني أؤكد لك نادراً ما ينتهي التغيير بشكل جيد، واشنطن فقط تسعى للضغط عبر العقوبات على النظام الإيراني؛ بحيث يكف عن أنشطته العدوانية في المنطقة والعالم، ولتعود إيران دولة طبيعية.
aXA6IDMuMTQ0LjQyLjIzMyA= جزيرة ام اند امز