خلال الساعات الماضية، لفت الانتباه العنوان الذي نشرته صحيفة «التايمز» مؤخراً، الذي يشير إلى أن حرب غزة -لا شك- ستؤثر سلبًا على شعبية بايدن في الانتخابات المقبلة.
وأود أن أقول هنا إنه من المسلّم به أن اللوبيات بتنوعها داخل الولايات المتحدة تلعب أدواراً مؤثرة، وإن كانت بدرجات متفاوتة، في التأثير على التصويت لمرشح ما في الانتخابات الرئاسية.
واليوم، تزداد التيارات العربية داخل الولايات المتحدة الرافضة للتصويت للرئيس جو بايدن بسبب مواقفه من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
في الأيام القليلة الماضية، وخلال زيارته الانتخابية إلى ميشيغان، شهدت الولاية مظاهرات عديدة تنديداً بدعمه لإسرائيل في حربها على القطاع، رغم محاولاته المستمرة لتفادي خسارة أصوات الأمريكيين العرب والمسلمين، في حال مقاطعتهم العملية الانتخابية في هذه الولاية الحاسمة.
خلال نقاش هنا، بجوار الكابيتول، مع صحفي أمريكي من أصول عربية، لفت انتباهي إلى أن زيارة بايدن المذكورة جاءت بعد أيام من زيارة مدير حملته الانتخابية إلى مدينة ديربورن، التي تعد أكبر تجمع للأمريكيين العرب في الولايات المتحدة، حيث لم يلقَ الترحيب المتوقع من رئيس بلديتها.. وهي تمثل، ضمن ولاية ميشيغان، عاملاً حاسماً لدعم فرص بايدن الانتخابية في الرئاسة المقبلة.
بدون شك، عند زيارة ولاية ميشيغان، ستدرك منذ اللحظة الأولى أنها موطن لمجتمع كبير من الأمريكيين من أصول عربية وإسلامية، حيث يوجد أكثر من 200 ألف ناخب مسجل كمسلمين، والعديد منهم لا يتفقون مع موقف الرئيس بايدن إزاء الحرب بين إسرائيل وحماس.
في قراءة تحليلية لموقف الجاليات العربية في ميشيغان، يمكنني أن أخلص إلى النقاط التالية:
أولاً: يبدو واضحاً أن المجموعات التقدمية والمنظمات الشعبية الأمريكية العربية في ميشيغان ستعبر عن احتجاجاتها وموقفها المعارض لتعامل الرئيس بايدن مع الحرب على غزة في صناديق الاقتراع.
ثانياً: التيارات التي تدعو إلى عدم انتخاب الرئيس بايدن لولاية ثانية تمتلك قوة شعبية كبيرة، مكّنتها من تجاهل زيارات بعض مسؤولي البيت الأبيض للولاية، بينهم سامانثا باور، رئيسة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وجون فاينر، النائب الرئيسي لمستشار الأمن القومي، وستيفن بنجامين، الذي يدير ما يسمى "مكتب المشاركة العامة".
ثالثاً: في ولاية ميشيغان، وقع زعماء عرب (أمريكيون مسلمون) من ممثلي الولاية، مثل عمدة ديربورن، عبدالله حمود، والنائب التنفيذي لمقاطعة واين، أسعد تورف، بالإضافة إلى أكثر من 30 مسؤولاً منتخباً، على حملة «استمع إلى ميشيغان»، وتعهدوا بالتصويت دون التزام بترشيح بايدن.
رابعاً: أطلق منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حملة تحت اسم «التخلي عن بايدن» تشجع الناخبين على حجب أصواتهم عن بايدن في الانتخابات التمهيدية الحاسمة في ولايات عدة، بما في ذلك ميشيغان ومينيسوتا وويسكونسن وبنسلفانيا وأريزونا وجورجيا وفلوريدا، لتمكين الأمريكيين المؤيدين لفلسطين من الاحتجاج عبر صناديق الاقتراع.
خامساً: بالإضافة إلى ذلك، ظهرت في ولاية ميشيغان حملة تطالب الناخبين بعدم الالتزام تجاه بايدن أو الرئيس السابق ترامب، وتنتقد سياسات كليهما التي تسببت في منع عائلاتهم وذويهم من دخول البلاد.
في الختام، يمكن القول إن الغضب العميق الذي يشعر به العرب الأمريكيون تجاه البيت الأبيض منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس لم يؤثر بالقدر المتوقع على الإدارة الحالية، حيث ظل الرئيس بايدن ثابتاً في دعمه لإسرائيل، رافضاً الدعوات لوقف إطلاق النار على المدى الطويل. ومع ذلك، تبقى الانتخابات التمهيدية المبكرة في ميشيغان أمراً إيجابياً قد يفتح الباب أمام إجبار بايدن على إعادة تقييم دعمه لإسرائيل في حربها مع حماس.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة