خبراء لـ"العين الإخبارية": نتائج الكونجرس تخيب ظن الإخوان وتمهد لبقاء ترامب رئيسا
ما حققه الديمقراطيون في مجلس النواب لن يكون قبلة حياة للجماعات الراديكالية، وعلى رأسها تنظيم الإخوان حسب مختصين في الشأن الأمريكي.
أكد سياسيون أمريكيون ومحللون سياسيون متخصصون في الشأن الأمريكي أن نتائج انتخابات التجديد النصفي بالكونجرس الأمريكي تعتبر تمهيداً لبطاقة العبور لصالح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2020.
وأعطت انتخابات التجديد النصفي الأغلبية للجمهوريين في مجلس الشيوخ، مقابل أغلبية للديمقراطيين في مجلس النواب.
ولفت سياسيون أمريكيون إلى أن الأهمية تكمن في استفتاء من جانب الجمهوريين على مشروع "ترامب" السياسي والاقتصادي.
وأوضحوا أن الانتصارات التي حققها الجمهوريون في مجلس الشيوخ، رغم تمكنهم من تحسين هامش أغلبيتهم على الديمقراطيين بشكل إيجابي، لكنها تمثل انقساماً في الجهاز التشريعي، وتفرض ضرورة تعامل الحزبين والبيت الأبيض بطريقة مختلفة، مما يفتح الطريق لسيطرة المساومات، والوصول إلى حلول وسط وتنازلات، والحصول على مكاسب متبادلة، ويقود الجمهوريون ذلك التصور حتى لا تعرقل أجندة "ترامب".
ويرى متخصصون في الشأن الأمريكي أن تأثير نتائج الانتخابات على السياسة الخارجية ليس قائماً، في ظل ما تمت صياغته، بعد أن ربط الكونجرس على أي رئيس عدم رفع العقوبات على إيران أو روسيا إلا بعد العودة إليه وموافقة الثلثين، فضلاً عن عدم وجود خلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين حول فرض العقوبات على إيران ومواجهة دعم طهران الإرهاب ومواجهة البرنامج النووي، ومحاصرة أعمال "حزب الله" والتنظيم الحوثي.
وقال آشلي أنصارا العضو البارز في الحزب الجمهوري بولاية فلوريدا الأمريكية والمسؤول بمركز التحالف الشرق أوسطي الأمريكي، إن النتائج عظيمة بالنسبة للجمهوريين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وستؤيد الخطة الاقتصادية والسياسية لـ"ترامب"، الذي يحصل من خلال أغلبية مجلس الشيوخ على اختيار القضاة الفيدراليين ورئيس المحكمة الدستورية الفيدرالية، في ظل ما تشهده الولايات المتحدة من عمل على تشكيل طريقة في التفكير، تتعلق بالتمسك بقواعد ملفات الهجرة، والصحة، وعدم الاتساق مع الاتحاد الأوروبي.
وبرر أنصارا، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، هذه الرؤية بالقول إن كل من اختاروا ترامب مع قواعد مواجهة هذه الملفات، أما التأثير السلبي فسيكون إلى حد ما في مجلس النواب، ولكن في النهاية كل ما يخرج من مجلس النواب من تشريعات وقرارات يجب أن يوافق عليها مجلس الشيوخ، وفي حال الرفض تسقط هذه القوانين.
وأوضح أن نتائج الديمقراطيين تعطي جزءاً من قبلة الحياة للتنظيمات الراديكالية، مثل تنظيم الإخوان، حيث سيعمل الديمقراطيون بالعودة بإقامة علاقات طيبة مع التنظيم الدولي، ومحاولة إعادة الشكل السابق لهذا التعامل، في ظل وجهات نظر الديمقراطيين بعلاقة البيت الأبيض مع دول الشرق الأوسط، لا سيما مصر والخليج.
بدوره أشار المحلل السياسي من واشنطن الدكتور عاطف عبدالجواد إلى أهمية هذه النتائج، أن الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ هيمن على الأغلبية ولو بفارق صغير ولكن في الواقع في هذه الانتخابات عاد الحزب الجمهوري إلى الأغلبية بهامش أكبر، بمعنى أن عدد الأصوات التي تُعطي الأغلبية للجمهوريين قبل هذه الانتخابات صوتان اثنان فقط، أما الآن فيزيد هذا الهامش إلى 5 أصوات، حيث إن الرقم النهائي لم يحدد بعد، في ظل استمرار عمليات الفرز في بعض الولايات، ولكن دون شك احتفاظ الجمهوريين بأغلبية مجلس الشيوخ سيعطي لهم متسعاً من التوازن.
وأوضح عبدالجواد، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن الانتصارات التي حققها الجمهوريون في مجلس الشيوخ، على الرغم من أنهم تمكنوا من تحسين هامش أغلبيتهم على الديمقراطيين في المجلس فهو أمر إيجابي، ولكنه يمثل انقساماً في الجهاز التشريعي، يعني ضرورة تعامل الحزبين والبيت الأبيض بطريقة مختلفة، فقبل هذه الانتخابات كانت الأغلبية جمهورية في كلا المجلسين، وكان الرئيس في البيت الأبيض جمهورياً، ولكن الآن أصبح هناك انقسام في الصلاحيات، والدستور الأمريكي يقول إن أي تشريع يجب أن يحظى كلا المجلسين في آن واحد، إذن نتيجة هذا الانقسام سيتطلب حاجة الحزبين والبيت الأبيض إلى مساومات والوصول لحلول وسط، وتنازلات والحصول على مكاسب متبادلة، فدون ذلك ستعرقل أجندة الرئيس ترامب.
ولفت عبدالجواد، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، إلى أن أهم التوجهات التي سيحافظ عليها الحزب الجمهوري لا تعني الكثير للسياسة الخارجية، حيث يعطي الدستور الأمريكي الصلاحية فيها بصورة كبرى للرئيس الأمريكي، حتى لو كان مجلس الشيوخ يصدق على الموازنة الخاصة بهذه السياسة، ولكن في نهاية المطاف هو من يتمتع بالمجال الأكبر في رسم السياسة الخارجية، وسوف يستمر البيت الأبيض في السير بالخيوط العريضة لمكافحة الإرهاب.
وأشار إلى أن ما حققه الديمقراطيون في مجلس النواب لن يكون قبلة حياة للجماعات الراديكالية، وعلى رأسها تنظيم الإخوان، فلا يوجد أي طرف من الأطراف الثلاثة، سواء مجلس الشيوخ أو النواب أو البيت الأبيض، قادر على إعطاء قبلة الحياة لأي كيان بمفرده، لأن التشريعات يجب أن توافق عليها الأطراف الثلاثة.
أما الخبير في العلاقات الأمريكية بمركز الأهرام للدراسات الدكتور أحمد سيد أحمد، فيرى أن هذه الانتخابات جاءت للجمهوريين والديمقراطيين بطعم الفوز، لا سيما أن الجمهوريين بهذه النتيجة يحتفظون بمجلس الشيوخ لأكثر من 6 سنوات، وحصلوا على أعلى نسبة في هذه الغرفة، بينما حصل الديمقراطيون على الأغلبية، ولكن ليس كما كانوا يطمحون، بأن تظلل الولايات بمقاعد النواب باللون الأزرق.
ولفت أحمد، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، إلى أن التركيبة الجديدة للكونجرس بهذا الشكل تأتي بنوع من التوازنات بين الفريقين، مما يعطي نوعاً من الاتزان للإدارة الأمريكية، ولذلك قال "ترامب" إنه راض عن هذا الإنجاز.
وأشار إلى أن الناحية العملية بهذه النتائج تعطي استمرار الجدل نفسه للقضايا المثارة في السابق، ولكن هنا النتائج تكون خطوة للانتقال إلى المعركة الأكبر في انتخابات الرئاسة المقبلة، حيث راهن الديمقراطيون على التمهيد في هذه الانتخابات، على استعادة البيت الأبيض بالتجهيز للانتخابات الرئاسية المقبلة، ولكنهم لم يحققوا المكسب في هذا الرهان بالنتائج الحالية بمؤشرات مبدئية، ولكن مع ذلك فإن هناك صعوبات تواجه ترامب في ملفات قوانين الصحة والهجرة وإنشاء الجدار مع المكسيك، ومن ثم الانتخابات تؤثر بنسبة أكبر على القضايا الداخلية في تمرير التشريعات.
وأكد الخبير السياسي أن تأثير الانتخابات على السياسة الخارجية ليس قائماً، في ظل ما تمت صياغته، بعد أن ربط الكونجرس على أي رئيس عدم رفع العقوبات على إيران أو روسيا، إلا بعد العودة إليه وموافقة الثلثين، وفي هذه الملفات لا يوجد خلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين، بمعنى أن السواد الأعظم بين الديمقراطيين والجمهوريين يدعمون فرض العقوبات على إيران ومواجهة دعم إيران الإرهاب ومواجهة البرنامج النووي، ومحاصرة أعمال "حزب الله" والتنظيم الحوثي.
بدوره يرى الباحث في العلاقات الدولية الدكتور زيد النوايسة أنه من الواضح أن هذه الانتخابات هي الأهم والأخطر في تاريخ الولايات المتحدة، لأن حدة التنافس بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي غير مسبوقة، لافتا إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفريقه الجمهوري أراد من هذه الانتخابات أن تكون استفتاء عليه هو ومشروعه الذي حققه في الجانب الاقتصادي من نجاحات لا يمكن إنكارها.
وأكد النوايسة، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن تفوق الديمقراطيين في مجلس النواب سيترك أثراً مهماً على التشريعات في ضوء ما هو معروف عن أن التشريعات لا تقر إلا بموافقة الكونجرس، وفي المقابل الحزب الجمهوري كرس أغلبيته في مجلس الشيوخ، وإدارة ترامب ستعمد إلى إجراء توافقات في أمور التشريعات الصحية والقوانين الضريبية، لكن لا شك سيشهد العامان المقبلان سيشهد صراعاً بين الرئيس الأمريكي ومجلس النواب بالدرجة الأولى.
ولفت إلى أن نقاط الخلاف الأساسية تتعلق بقانون الرعاية الصحية المعروف بـ"أوباما كير"، وأيضاً مسألة الهجرة، وتخفيضات الضرائب التي للديمقراطيين موقف منها، ولكن كما أراد "ترامب" فهذه الانتخابات ستكون بطاقة العبور للانتخابات الرئاسية عام 2020، وفرصة في إنجاح مشروعه كبيرة ومؤثرة بأغلبية مجلس الشيوخ المؤثر، لكن الصدام سيكون في تمرير القوانين، ومن الصعب النظر إلى طبيعة هذه النتائج الآن دون الوقوف على الحوارات التي سيجريها الرئيس ترامب، الذي أبدى رغبته بالسعي بحوار جاد مع الحزب الديمقراطي.