أمريكا في اختبار حقوق الإنسان لأول مرة بعهد ترامب
الولايات المتحدة باشرت الإثنين مهام عضويتها في مجلس حقوق الإنسان للمرة الأولى في ولاية الرئيس الجديد دونالد ترامب.
فيما يمثل نقطة تحول وترقب لمستقبل المنظمة العالمية، شهد اليوم الإثنين، مباشرة الولايات المتحدة مهام عضويتها في مجلس حقوق الإنسان للمرة الأولى في ولاية الرئيس الجديد، دونالد ترامب، الذي أثار انتخابه قلقاً حيال مستقبل المنظمة.
وبحسب فرانس برس فقد تعرض المجلس لانتقادات شديدة خلال 11 عاماً من تاريخه تضمنت اتهامات بمشاركة منتهكين لحقوق الإنسان دفعوه إلى تبني قرارات تهاجم خصومهم الجيوسياسيين في ظل تهميش للمسائل الحقيقية المتعلقة بحقوق الإنسان.
إلا أن منظمات المجتمع المدني تشير إلى النجاحات التي حققها المجلس المكون من 47 عضواً بفضل دعم إدارة الرئيس باراك أوباما، التي شغلت مقعداً خلال معظم فترة رئاسته التي استمرت 8 أعوام.
وتبقى معظم القضايا التي بحثها مبعوثو أوباما أولوية، بينها انتهاكات كوريا الشمالية وبورما وسريلانكا وجنوب السودان، على أجندة المجلس مع افتتاح أولى جلساته السنوية في جنيف، الإثنين.
وفي كلمته الافتتاحية، حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن العالم بحاجة إلى التحرك على وجه السرعة.
وقال إن "عدم الاكتراث بحقوق الإنسان هو وباء يتفشى"، داعياً إلى أن يكون مجلس حقوق الإنسان "جزءاً من الدواء".
ولم تعين إدارة ترامب بعد خلفاً لمبعوث أوباما إلى المجلس، حيث شغلت المسؤولة في الخارجية الأمريكية إيرين باركلاي، مقعد بلادها خلال الجلسة.
ورغم عدم اكتمال الصورة بشأن معظم جوانب أجندة ترامب الدولية، إلا أن المدافعين عن حقوق الإنسان حذروا من أن ملامحها الأولى لم تكن مبشرة بالنسبة للمجلس وأجندة حقوق الإنسان الأوسع.
وقال جون فيشر من منظمة هيومان رايتس ووتش في جنيف، إن "+أمريكا أولا+ لا توحي بمسار يمنح الأولوية لتعامل متعدد الأطراف، "في إشارة إلى شعار ترامب الذي أطلقه خلال حملته ويحدد عقيدته في السياسة الخارجية بشكل واضح".
وتحدثت تقارير إعلامية مؤخراً عن إمكانية انسحاب الولايات المتحدة قبل انتهاء فترة عضويتها عام 2019 بسبب طريقة التعاطي مع إسرائيل.
وقال مدير قسم الأمم المتحدة في هيومن رايتس واتش، لوي شاربونو، في بيان، إن "قرار الولايات المتحدة الانسحاب من المجلس بسبب انتقاداته لسياسات إسرائيل (...) سيكون بمثابة خطوة خاطئة وقصيرة النظر".
من جهته، اعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس في خطاب ألقاه خلال الجلسة الافتتاحية أن قضية فلسطين ستشكل "اختباراً حقيقياً" لمدى فعالية المجلس.
وفي حال احتفاظ واشنطن بمقعدها، فهناك "قلق كبير" بشأن قدرتها لعب دور ريادي في المجلس بناء على مواقف ترامب السابقة.
وقال فيشر لفرانس برس، إن "الامر التنفيذي الذي أصدرته الإدارة الأمريكية بمنع دخول رعايا 7 دول غالبيتها مسلمة يؤدي إلى تآكل مصداقية الولايات المتحدة الأخلاقية وقدرتها على الانخراط في مبادرات الأمم المتحدة".
بدوره، دعا مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، زيد بن رعد الحسين، دول العالم إلى الوقوف في وجه "اللاعبين السياسيين (...) الذين يهددون النظام التعددي أو يسعون إلى الانسحاب من أجزاء منه".
وأضاف زيد "لن نجلس مكتوفي الأيدي (...) ولا يمكن أن نسمح برمي حقوقنا وحقوق الآخرين وحتى مستقبل كوكبنا جانبا بأيدي هؤلاء الساسة المتهورين".
وعلقت محكمة فدرالية قرار الرئيس الأمريكي بمنع السفر.
واحتدم جدل أواخر الأسبوع الماضي بشأن حرية الصحافة بعدما منع البيت الأبيض عدداً من المؤسسات الإعلامية الأمريكية من حضور مؤتمر صحفي يومي فيما وصف ترامب وسائل الإعلام بأنها "عدوة الشعب".
وأظهر تقرير الشهر الماضي أصدره مجلس العلاقات الخارجية للأبحاث أن إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش لم تبذل جهوداً للحصول على مقعد في المجلس الذي أبصر النور عام 2006 أو تنخرط فيه بشكل واسع.
وأفاد التقرير أن واشنطن بدأت منذ ذلك الحين "بالتخلص من أوجه القصور في المجلس مع تعزيز قدراته كمؤسسة لحقوق الإنسان الدولية جديرة بالثقة".
واكد أن تأثير الولايات المتحدة كان حاسماً، حيث ساهمت في إطلاق تحقيقات في بوروندي وكوريا الشمالية وسوريا وغيرها من المواقع الساخنة.
ودعا مركز الأبحاث ترامب للاستفادة من العضوية، مضيفاً أنه حتى ولو كانت تصريحاته المتعلقة بمسائل حقوق الإنسان "محدودة"، إلا أنه "أكد ضرورة أن تبدو الولايات المتحدة رابحة على الصعيد الدولي".
ونوه إلى أن الانخراط في المجلس يمكنه أن "يدعم هذه الأهداف".
إلا أن فيشر يرى أن الضبابية بشأن موقف الولايات المتحدة يجعل من هذه اللحظة فرصة "لباقي الدول لتعزيز دورها القيادي" في هذا المجال.