أمريكا تضع الجهاز القضائي لمنظمة التجارة العالمية في ورطة
منظمة التجارة العالمية تستعد، الأربعاء، لإلغاء جهازها القضائي المشلول بسبب رفض الأمريكيين تسمية قضاة جدد فيه.
تستعد منظمة التجارة العالمية، الأربعاء، لإلغاء جهازها القضائي المصاب بالشلل بسبب رفض الأمريكيين تسمية قضاة جدد فيه، في وقت تواصل واشنطن التصعيد تجاريا ضد أوروبا والصين.
- أمريكا: منظمة التجارة تبالغ في حجم تأثيرنا على الصين..وقراراها "مخيب للآمال"
- مجموعة العشرين: إصلاحات منظمة التجارة العالمية باتت "ملحة"
ونجحت المنظمة التي تحتفي في يناير/كانون الثاني بمرور 25 عاما على تأسيسها، بتجاوز الانقسامات حول ميزانيتها والمرتبطة بتهديدات من واشنطن، لكن تجميد الأمريكيين العمل في محكمة الاستئناف التابعة لمجلس تسوية النزاعات في المنظمة، ما زال قائما.
ويتزامن الشلل في عمل القسم القضائي في منظمة التجارة العالمية مع اجتماع مغلق بين يومي الإثنين والأربعاء للمجلس العام للمنظمة الذي يعد أهم جهاز فيها ويضم جميع أعضائها.
وستكون محكمة الاستئناف التابعة للمنظمة والتي تندد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأوجه الخلل فيها، في قلب النقاشات.
ورأى مدير منظمة التجارة روبيرتو أزيفيدو أن إلغاء هذه المحكمة "قد يفتح الباب أمام حالة أكبر من عدم اليقين وعمليات انتقامية خارجة عن السيطرة".
وعلى الدول الأعضاء في المنظمة التي تأسست عام 1995 على أنقاض الغاء (الاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة) ذات الأحكام غير الملزمة على نقيض أحكام الجهاز القضائي الحالي، أن تسوي المشكلة قبل 10 ديسمبر/كانون الأول الجاري حين سيصبح عدد القضاة فيها، وبفعل انتهاء مدة عملهم، غير كافٍ لحسن سير عملها.
وما لم يتم التوصل لاتفاق بشكل مفاجئ؛ فابتداء من 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري لن تكون منظمة التجارة العالمية قادرة على إلزام الدول الـ164 الأعضاء فيها على الالتزام بالقواعد، وهو وضع سيزيد من هشاشة التعددية الدولية التي تواجه تحديات أصلا بسبب مواقف الرئيس الأمريكي.
- رواتب مرتفعة جدا
وأوضح إدوارد ألدن الخبير في السياسة التجارية مركز دراسات مجلس العلاقات الخارجية أنه "لا شك في أن إدارة ترامب قضت على جهاز الاستئناف القضائي. كان ذلك هدفها ونجحت في تحقيقه".
والانتقادات الأمريكية إزاء محكمة مجلس تسوية النزاعات ليست جديدة، فقد سبق أن عرقلت إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما (2009-2017)، تسمية قضاة فيها.
لكنها تزايدت منذ وصول دونالد ترامب إلى السلطة؛ فهو يتهمها بتجاوز صلاحياتها عبر إطلاق أحكام تقول واشنطن إنها تخرق السيادة الوطنية.
وتندد الولايات المتحدة كذلك خصوصا بالرواتب المرتفعة جدا للقضاة وتخطيهم مهلة 90 يوما لإعطاء حكمهم. وترى أيضا أن من المخالف للقواعد أن يوقف قاضٍ معالجة ملف غير مكتمل بمجرد انتهاء ولايته.
وأكدت مفوضة التجارة الأوروبية سيسيليا مالستروم قبل انتهاء ولايتها أن الجهود التي بذلت في سبيل منع الولايات المتحدة من شل المحكمة ذهبت هباء بسبب "التجميد" الأمريكي، شاجبة هذا الخلاف الذي لا يزال قائما بين "163 عضوا في منظمة التجارة العالمية والولايات المتحدة".
وفي جنيف، ندد السفير الأمريكي في منظمة التجارة العالمية دينيس شيا بأن "العديد" من الدول "نفت ببساطة وجود أي مشكلة".
وأكد بدوره السفير الأوروبي في المنظمة أجيار ماشادو أن بروكسل أعربت عن عزمها "مقاربة المشاكل العميقة للاستياء المحيط بالنظام الحالي".
وأوضح مصدر دبلوماسي غربي أن "أوروبا منفتحة على مناقشة هذه الخلافات، لكن شرط أن ترفع الولايات المتحدة الحظر على تعيين القضاة".
- شريعة الغاب
أوضحت الباحثة في "معهد جاك دولور" إلفير فابري أن "منظمة التجارة العالمية بحاجة إلى ساقين لتأمين حسن سيرها، واحدة للجانب القضائي وأخرى للمفاوضات"، من أجل تفادي التحول إلى العمل بـ"شريعة الغاب".
وإذا ألغيت المحكمة الخاصة بمنظمة التجارة العالمية، قد تتحول الحرب التجارية إلى القاعدة السائدة دوليا.
بحسب الباحث إدوارد ألدن، ستكون هناك دائما قرارات في المنظمة تصدر في مرحلة ابتدائية، "لكن يمكن لأي بلد أن يجمد اتخاذ قرار ما عبر استئنافه أمام جهاز لم يعد موجودا".
ويرى أن شل الذراع القضائية لمنظمة التجارية العالمية لا يسهم سوى في إضفاء طابع رسمي للنظام التجاري العالمي المضطرب بسبب القرارات الأمريكية لفرض رسوم جمركية على شركائها الاقتصاديين وخطوات هؤلاء المضادة.
وانطلاقا من رغبتهم في تفادي الوصول إلى فوضى تجارية مماثلة، أعلنت كندا والاتحاد الأوروبي والنرويج تأسيسها هيئة استئناف موقتة مخصصة للنظر في أي نزاع تجاري بين بروكسل وأوتاوا وأوسلو.
ويمكن لأعضاء آخرين في المنظمة أن يكتفوا بنظام لتسوية النزاعات قائم فقط على أحكام صادرة عن جهاز المرحلة الابتدائية.
وأعلن السفير الأمريكي في منظمة التجارة العالمية "يعود لأطراف أي نزاع أن يحددوا معا السبيل الذي يريدون اتباعه" لتسوية نزاعهم.
لكن الحملة الأمريكية على منظمة التجارة العالمية لا تنتهي هنا؛ إذ تضغط الولايات المتحدة أيضا لإعادة دراسة موقع الصين فيها، والتي بحسب الأمريكيين، تملك زورا وضع بلد نامٍ بهدف الاستفادة من مميزات اقتصادية.