استجابة للشارع أم رضوخ لضغط واشنطن.. نتنياهو يخفف موقفه من إصلاحات القضاء
بعد احتجاجات غير مسبوقة بدأت قبل أكثر من شهرين أثارت مخاوف عبر عنها الحلفاء الغربيون، أخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي خطوة للخلف، فيما يتعلق بالإصلاحات القضائية.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يتمتع بأغلبية برلمانية يستعد لتمرير حزمة الإصلاحات قبل عطلة البرلمان (الكنيست) التي تبدأ في الثاني من أبريل/نيسان المقبل، إلا أنه وحلفاءه في الائتلاف الديني القومي أعلنوا إرجاء معظم جوانب الخطة لحين عودة الكنيست للاجتماع في 30 أبريل/نيسان.
ومن شأن التشريع الذي لا يزال من المقرر التصديق عليه في غضون الأسبوعين المقبلين أن يغير الطريقة المتبعة في إسرائيل لاختيار القضاة الأمر الذي يثير الجانب الأكبر من الجدل الخاص بهذه الإصلاحات، إذ يتهم المعارضون نتنياهو بمحاولة تقويض استقلال المحاكم فيما يصر هو على أن هدفه هو إحداث توازن بين دوائر الحكم.
خطوة للخلف
إلا أن بيانًا صادرًا اليوم الإثنين، عن الائتلاف استخدم لغة أكثر تحفظا مقارنة بتلك الواردة في مشروع القانون الأصلي الذي قُدم في الرابع من يناير/كانون الثاني، لكنه أشار إلى أنه سيواصل النظر في سلطة القضاة في لجنة الاختيار واستخدام ما اعتبره "حق نقض تلقائيا" على الترشيحات لمنصة القضاء.
وأشار البيان إلى التعديلات التي تم إدخالها على مشروع القانون في جلسة مراجعة عقدها الكنيست أمس الأحد، إذ إنه سيتم توسيع لجنة الاختيار من تسعة إلى 11 عضوا كما هو مقترح في الأصل، لكن مع تركيبة تمنح الحكومة نفوذا أقل.
وكان مشروع القانون ينص على أن تتألف تركيبة اللجنة من ثلاثة وزراء واثنين من نواب أحزاب الائتلاف الحاكم واثنين من الشخصيات العامة تختارهما الحكومة، بما يمنح الحكومة أغلبية سبعة مقابل أربعة في عدد الأصوات.
تعديلات حكومية
إلا أنه وفقًا للنسخة المعدلة، فإنه سيكون في اللجنة ثلاثة وزراء وثلاثة نواب من الائتلاف وثلاثة قضاة واثنان من نواب المعارضة، بما يعني أغلبية بهامش أقل للحكومة بستة أصوات مقابل خمسة.
كما ينص مشروع القانون المعدل على أنه لا يمكن تعيين أكثر من قاضيين في المحكمة العليا خلال تصويت اعتيادي في جلسة واحدة بالكنيست، ويتعين إقرار أي تعيينات تتجاوز ذلك بموافقة أغلبية الأصوات بما في ذلك قاض واحد على الأقل ونائب معارض واحد من أعضاء لجنة الاختيار.
وحث نتنياهو المعارضة على إعادة التفكير في المشروع، بعدما تعهدت بمقاطعة التصويت عليه في الكنيست وشجعت على خروج احتجاجات وصلت حتى إلى صفوف الجيش الإسرائيلي الذي عادة ما يكون بعيدا عن السياسة، قائلا: "نمد يدنا لكل من يكترث حقا بالوحدة الوطنية وبالرغبة في التوصل لحل يحظى بتوافق".
ودعا رؤساء الائتلاف الحكومي، المعارضة إلى استغلال مهلة الشهر لإجراء مفاوضات حقيقية من أجل التوصل إلى تفاهم حول التشريعات التي ستطرح للمصادقة عليها بعد العطلة.
انتقادات ورفض
وناقش قادة الائتلاف، مساء الأحد، "تخفيف" الإصلاح القضائي، بعد أن قدم رئيس لجنة القانون والعدالة سيمشا روثمان، نسخة جديدة جذرية من مشروع قانون لجنة اختيار القضاة، الذي سيزيد عدد أعضاء اللجنة من تسعة إلى 11.
إلا أن تلك التعديلات، هاجمها أعضاء كنيست في الائتلاف والمعارضة، فقال عضو حزب الليكود تالي جوتليف: "أدار روثمان اللجنة لمدة شهرين وفي النهاية استسلم وأصبح ضعيفًا بشكل مخجل".
وأضاف: لن أحضر بعد الآن إلى اللجنة القانونية لإجراء مناقشات حول الإصلاح. أنا مرعوب من ضعف روثمان. ما الذي كنا نناضل من أجله إن لم يكن الأغلبية في لجنة تعيين القضاة؟
ضغط أمريكي
ذلك الموقف جاء بعد ساعات من حديث هاتفي جمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي جو بايدن، تناول "الإصلاحات القضائية المقترحة في إسرائيل، حيث أكد نتنياهو أن بلاده ستظل ديمقراطية قوية ونابضة بالحياة".
وقال البيت الأبيض في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إن بايدن تحدث مع نتنياهو و"أكد على إيمانه بأن القيم الديمقراطية كانت على الدوام، ويجب أن تظل، سمة مميزة للعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وأن المجتمعات الديمقراطية يتم تعزيزها من خلال ضوابط وتوازنات حقيقية، وأنه يجب متابعة التغييرات الأساسية بأوسع قاعدة ممكنة من الدعم الشعبي".
وأضاف: "عرض الرئيس الأمريكي دعمه للجهود الجارية للتوصل إلى حل وسط بشأن الإصلاحات القضائية المقترحة بما يتفق مع تلك المبادئ الأساسية".
وكانت "الإصلاحات القضائية" التي تدفع بها الحكومة الإسرائيلية فجرت احتجاجات منذ 11 أسبوعا في إسرائيل.
نفوذ كبير
وبحسب مراقبين، فإن مكالمة بايدن كانت وراء تخفيف الحكومة الإسرائيلية حدة هذه الإصلاحات التي تقول المعارضة الإسرائيلية إنها تهمش القضاء.
ويسعى نتنياهو إلى إجراء تغييرات في السلطة القضائية من شأنها أن تمنح حكومته نفوذا أكبر في اختيار القضاة وتحد من سلطة المحكمة العليا في إلغاء التشريعات.
ويقول منتقدون للتغييرات المزمعة إن نتنياهو، الذي يحاكم بتهم فساد ينفيها، يتبنى خطوات من شأنها الإضرار بالضوابط والتوازنات الديمقراطية في إسرائيل والتمكين للفساد والتأدية للعزلة الدبلوماسية، فيما يقول المؤيدون إنها ضرورية لكبح ما يرونه تدخلا من السلطة القضائية في السياسة.