روسيا وأمريكا.. 3 قضايا تعيد أجواء الحرب الباردة
العلاقات الروسية الأمريكية تشهد توترا واضطرابا بات ملحوظا، وأصبح الصراع سمة أساسية في التفاعلات بين البلدين حول العديد من القضايا.
تشهد العلاقات الروسية الأمريكية توتراً واضطراباً بات ملحوظاً، وأصبح الصراع سمة أساسية في التفاعلات بين البلدين حول العديد من القضايا، لا سيما فيما يتعلق بالملف السوري، وأزمة أوكرانيا، وتوسع حلف شمال الأطلسي "ناتو" في أوروبا الشرقية.
البداية تأتي مع ملف الأزمة السورية، حيث تدعم موسكو نظام الرئيس بشار الأسد، والميليشيا الموالية له من إيران وحزب الله، وهو ما أدى إلى دعم آلة الحرب في سوريا التي تشهد حرباً داخلية منذ 5 سنوات.
في المقابل، ترى أمريكا ضرورة تنحي بشار عن السلطة، وترفض أي دور له في مستقبل سوريا، وتدعم جميع تيارات المعارضة، ما عدا تنظيم داعش الإرهابي.
وتكشف حركة الصراع المسلح في الميدان السوري العسكري وتغير التحالفات بشكل متتالي، إلى تصاعد نفوذ موسكو وجبهتها، وهو ما بدا واضحاً في استقطاب تركيا ضمن معسكرها، وهي التي كانت من ألد أعداء بشار.
واعتبرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن مشاركة روسيا في الحرب السورية بشكل مباشر منذ 2015، أنهى "بنجاح" المكانة الأمريكية باعتبارها القوى العظمى الوحيدة في الشرق الأوسط، وكلل هذا النجاح بإسقاط حلب.
وربما لعب توقيت التدخل الروسي بشكل مباشر في الصراع داخل سوريا، دوراً في تعظيم مكاسبها، إذ تحركت موسكو مع نهاية فترة حكم الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وانشغاله بمعركة انتخابات الرئاسة ضد الرئيس المنتخب دونالد ترامب، وهو ما أفقده العديد من خيوط اللعبة في الشرق الأوسط.
وربما يأتي "إعلان موسكو" آخر مظاهر استعراض القوة الروسية في سوريا، حيث اتفقت روسيا وتركيا وإيران، أمس الثلاثاء، خلال اجتماع وزاري لوزراء دفاع وخارجية الدول الثلاث على إجراء مفاوضات سياسية ووقف موسع لإطلاق النار في سوريا من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة القائمة منذ 6 سنوات تقريباً، بدون مشاركة أمريكا والأمم المتحدة.
الرد الأمريكي جاء فورياً، لكنه مرتبط بالأزمة الأوكرانية التي بدأت منذ 2014، حيث أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، أمس الثلاثاء، فرض عقوبات جديدة على متعهدين ومصرفيين روس وكذلك على شركات نقل.
وتستهدف العقوبات 7 أفراد بينهم كوادر عديدة في بنك "روسيا" الذي يعتبر الأقرب إلى السلطات الروسية، إضافة إلى فرعين له (إيه بي آر مانجمنت وسوبينبنك)، فضلاً عن 4 شركات بناء ونقل بحري أو بواسطة السكك الحديدية تعمل في شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو.
وأورد بيان للخزانة أن الولايات المتحدة لا تزال "متمسكة" بالتزامها "إبقاء العقوبات حتى تفي روسيا بالتزاماتها كاملة في اتفاقات مينسك" التي وقعت في 2015 بهدف إنهاء النزاع في شرق أوكرانيا والذي خلف أكثر من 9600 قتيل.
اعتبرت موسكو هذه العقوبات بشأن الصراع الأوكراني أعمالاً عدائية، وأكدت أنها ستوسع قائمة عقوباتها ضد الولايات المتحدة رداً على ذلك، بل وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي ريابكوف، إن بلاده تحتفظ بحق اختيار توقيت ومكان وشكل "استجابتنا بالطريقة التي تناسبنا".
يضاف إلى الملفين السابقين توسع حلف الناتو شرقاً، وتكثيف أنشطته على الحدود الروسية والبيلاروسية، وذلك بعد نشر قواه في دول جمهوريات بحر البلطيق وهي: ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا، إلى جانب نشر بطاريات صواريخ في بولندا.
هذا التحرك تعتبره موسكو عملاً عدائياً يهدد أمنها بشكل مباشر، وهو ما يذكر العالم بأزمة الصواريخ الكوبية في أكتوبر 1962.
الصورة السابقة، تكشف أن العلاقات الروسية الأمريكية بدأت تتجه تدريجياً نحو أجواء الحرب الباردة، لكن المؤكد أن هذا الصورة سوف تتغير مع تولي ترامب مقاليد السلطة بشكل رسمي، إما تعاون تام أو صراع صريح، وذلك انطلاقاً من منظور السياسة الواقعية البراجماتية التي يعتنقها الرئيس الأمريكي المنتخب.