بين «كينغال» و«رايدر».. سباق الصواريخ الفرط صوتية يحتدم

تسعى الولايات المتحدة جاهدة للحفاظ على ريادتها في سباق تطوير الصواريخ الفرط صوتية، أحد أكثر الأسلحة تقدماً في العصر الحديث.
وفي وقت تتصدر فيه تقنيات أسلحة الجيل السادس عناوين الأخبار، يدور في الخفاء سباق تطوير الصواريخ الفرط صوتية لا يقل أهمية أو تأثيراً على الأمن القومي والدولي، بحسب مجلة "ناشيونال إنترست".
تتميز هذه الصواريخ بسرعات هائلة تتجاوز 5 أضعاف سرعة الصوت، إضافة إلى قدرتها الفريدة على تغيير مسارها أثناء الطيران، مما يجعل مهمة اعتراضها من قبل أنظمة الدفاع الجوي أمراً بالغ الصعوبة، بل يكاد يكون مستحيلاً في بعض الحالات.
وأعلنت البحرية الأمريكية، في وقت سابق من هذا الشهر، نجاح اختبار طيران لصاروخ فرط صوتي تقليدي، وهو ما يشكل خطوة مهمة تعزز قدرة الجيش الأمريكي على إطلاق هذا النوع من الأسلحة من البحر، مما يوسع نطاق استخدامه ويزيد من مرونة الردع العسكري.
هذا النجاح يؤكد أن الولايات المتحدة تستثمر بشكل مكثف في تطوير هذه التكنولوجيا المتقدمة، التي قد تغير قواعد الاشتباك في الحروب المستقبلية.
تكنولوجيا الصواريخ الفرط صوتية:
الصواريخ فرط الصوتية ليست مجرد صواريخ سريعة، بل هي أسلحة ذكية تتمتع بقدرة عالية على المناورة، مما يجعلها قادرة على تجاوز أنظمة الدفاع الصاروخي التقليدية التي تعتمد على المسارات الثابتة للصواريخ الباليستية.
هذه القدرة على التغيير المستمر لمسار الطيران تعني أن الدفاعات المضادة تواجه صعوبة كبيرة في التنبؤ بمكان ومسار الصاروخ، وبالتالي تصبح فرص اعتراضه ضئيلة للغاية. وهذا يجعلها أداة استراتيجية فعالة يمكن استخدامها في ضرب الأهداف الحساسة بدقة عالية وفي وقت قصير جداً.
تتزايد أهمية هذه الأسلحة في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة حول العالم والتي دفعت القوى الكبرى إلى التنافس الشديد على تطوير الصواريخ فرط الصوتية، باعتبارها سلاحاً حاسماً يمكن أن يغير موازين القوى ويمنح من يمتلكه تفوقاً استراتيجياً كبيراً.
ما الدول التي تمتلك قدرات فرط صوتية؟
تتوزع القدرات الفرط صوتية حالياً بين عدد من الدول الكبرى، حيث تزعم الصين أنها طورت صاروخاً فرط صوتيا مزوداً بالذكاء الاصطناعي، مصمماً خصيصاً لمواجهة قاذفة الشبح الأمريكية الجديدة B-21 "رايدر".
أما روسيا، فهي تسارع وتيرة تطوير صواريخها فرط الصوتية، مثل صاروخ "كينغال" الذي يمكن إطلاقه من مقاتلة ميغ-31، وهو سلاح كشف عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عام 2018، كما أعلنت إيران عن صاروخ فرط صوتي يحمل اسم "فتاح"، ما يبرز توسع نطاق هذه التكنولوجيا إلى خارج الدول التقليدية الكبرى.
ورغم وجود العديد من التقنيات الناشئة التي تشكل تهديداً للولايات المتحدة، فإن الصواريخ الفرط الصوتية تظل الأخطر والأكثر تأثيراً في المشهد العسكري الحالي.
لفهم مدى قوة هذه الصواريخ، يمكن مقارنة سرعتها بطائرة SR-71 بلاكبيرد الأمريكية الشهيرة، التي كانت أسرع طائرة في التاريخ بسرعة تصل إلى 3.3 ماخ/ إلا أن الصواريخ فرط الصوتية تتجاوز سرعة هذه الطائرة بأضعاف، حيث تتخطى سرعة 5.0 ماخ، مما يجعلها أسرع بكثير وأصعب في التعقب والاعتراض.
هذا الفارق الكبير في السرعة يمنح الصواريخ الفرط صوتية ميزة استراتيجية هائلة، خصوصاً في تنفيذ ضربات دقيقة وسريعة ضد أهداف حيوية.
علاوة على السرعة، تتميز هذه الصواريخ بقدرتها على حمل رؤوس حربية تقليدية أو نووية، مما يزيد من خطورتها ويجعلها أداة ردع قوية.
بالمقارنة، تستخدم الصواريخ الباليستية العابرة للقارات عادةً للرؤوس النووية ذات المدى البعيد، في حين أن صواريخ الكروز، التي تطير على ارتفاعات منخفضة، أبطأ كثيراً ولا تمتلك نفس القدرة على المناورة والسرعة. هذا يجعل الصواريخ فرط الصوتية فريدة في قدرتها على الجمع بين السرعة والمرونة والدقة.
لذلك، تخصص الولايات المتحدة موارد ضخمة لأبحاث وتطوير هذه التكنولوجيا، بهدف تعزيز قدراتها الدفاعية والهجومية، وضمان التفوق في مواجهة التهديدات المتزايدة من خصومها.
ولا يقتصر الأمر على الجانب العسكري فقط، بل يشمل أيضاً التعاون مع حلفاء استراتيجيين لتبادل الخبرات وتطوير أنظمة متقدمة قادرة على مواجهة الصواريخ فرط الصوتية.
aXA6IDE4LjE5MS41NC4yNDkg جزيرة ام اند امز