أمريكية تحتمي بالصين من "كورونا واشنطن": سعيدة بقراري المجنون
الأسرة الأمريكية التي تمتلك منزلا في ولاية فيرجينيا انتقلت إلى الصين منذ بضعة أعوام بعد حصول الأم على وظيفة جديدة في شنغهاي
مع احتدام انتشار فيروس كورونا في الصين، نقلت أمريكية تعيش في مدينة شنغهاي، ابنتيها للولايات المتحدة، بغرض إبعادهم عن بؤرة الوباء، ولكن بعد مشاهدة نهج البلدين المتباين بشكل ملحوظ في مواجهة الفيروس التاجي، قررت إعادتهما إلى المدينة الصينية مرة أخرى.
"في 15 مارس الماضي، سافرت إلى الولايات المتحدة مرة أخرى لإعادة بنتي إلى شنغهاي، وذلك نظرا للاختلاف الكبير بين الطريقة التي سعت بها الصين لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" والتي تعاملت بها الولايات المتحدة مع الوباء، والتي كانت مثيرة للقلق"، عبارة بدأت بها الأم الأمريكية حديثها عن قرارها، وفقا لصحيفة " South China Morning Post" الصينية في نسختها الإنجليزية.
انتقلت الأسرة الأمريكية التي تمتلك منزلا في ولاية فيرجينيا، إلى الصين منذ بضعة أعوام بعد حصول الأم على وظيفة جديدة في شنغهاي، فأصبحت بلد إقامة العائلة ولكن دون الأب الذي انتقل إلى عمله في واشنطن.
وعندما بدأ الفيروس التاجي بإغلاق الصين خلال عطلة السنة القمرية الجديدة في يناير/كانون الثاني الماضي، كانت العائلة في عطلة في اليابان، وبمجرد أن بدأت مدارس شنغهاي بالإعلان عن الإغلاق، قررت أن الفتاتين اللتين تتراوح أعمارهما بين 13 و10 أعوام يجب عليهما العودة إلى الولايات المتحدة للبقاء مع والدهما، في حين تعود والدتهما للعمل في شنغهاي.
ولكن بحلول منتصف مارس/آذار، وصلت العائلة إلى نقطة التحول، عندما أعلنت المدارس القديمة للفتاتين التي عادتا للالتحاق بها بعد رجوعهما إلى الولايات المتحدة، الإغلاق، في الوقت نفسه الذي كانت مدرستهما في شنغهاي ترسل رسائل بشأن إعادة فتحها في المستقبل القريب.
كل ذلك بالإضافة إلى ارتفاع حالات الإصابات بالولايات المتحدة بكورونا وتشديد الصين على حدودها، وفي تلك اللحظة أدركت الأم أنه آن الأوان لعودة بنتيها إلى شنغهاي مرة أخرى لحمايتهما من الفيروس التاجي.
وعن تفاصيل رجوع الأم للولايات المتحدة لإعادة ابنتيها إلى شنغهاي، قالت: "كنت على الأرض الأمريكية بعد 36 ساعة فقط من قراري، لكنني رأيت ما يكفي للقلق، فبمجرد وصولي، تم اصطحابي إلى خط مكافحة الأمراض والوقاية منها لإجراء فحص درجة الحرارة السريع مع مجموعة كبيرة من الأشخاص العائدين من أوروبا".
وتابعت: "فقط منحوني كتيبا يتحدث عن أعراض الفيروس التاجي وطلب مني البقاء بالمنزل وتقليل رحلاتي في الخارج لمدة 14 يوما وتركوني أذهب لبيتي".
وبالفعل عادت الأم الأمريكية إلى منزلها في فيرجينيا، ولم تغادره إلا للذهاب لشراء الوجبات السريعة مع زوجها، لتصطدم بالواقع الذي قلقها كثيرا وجعلها تقرر عودة ابنتيها إلى شنغهاي لحمايتهما من كورونا.
واختلف الأمر تماما على الجانب الآخر خلال رحلة عودتهم إلى الصين، حيث هبطت الأم الأمريكية هي وابنتاها إلى الصين في 19 مارس/آذار من طوكيو في الساعة 11.45 صباحا، ولكن جلست الطائرة على مدرج مطار شنغهاي بودنج الدولي لمدة ساعتين قبل أن يسمح لهن مسؤولو الهجرة بالنزول.
وبعد نزولهن من الطائرة، وقفن في صف لم يتحرك لمدة ساعتين أخريين، وعند وصول دورهن في هذا الصف الطويل، جلسن مع رجل يرتدي معدات الحماية الشخصية الكاملة، الذي تحقق من استمارتهن الصحية.
ولم ينته الأمر عند ذلك، بل وصلت الأم الأمريكية وابنتاها إلى المحطة التالية وهي صف لآلة طباعة يديرها ضباط شرطة يرتدون بدلات حماية كاملة، لعمل نسختين من استماراتهن الصحية، كل ذلك بالإضافة إلى وضع ملصقات صفراء على جوازات السفر، والتي تعني أنه سيتعين عليهن إجراء اختبارات الكشف عن الفيروس التاجي والخضوع للحجر الإلزامي لمدة 14 يوما إما في المنزل وإما في الفندق الذي يأتي في مستويين.
وبعد كل هذه الإجراءات وصلن إلى صف الجوازات، ثم طابور آخر للماسح الضوئي لقياس درجة حرارة الجسم، ثم مقابلة أخرى مع مجموعة أخرى من الأفراد المرتدين البدل الواقية الذين سيقررون ما إذا كن معرضات لخطر الإصابة بالفيروس التاجي ويحتجن الذهاب إلى المستشفى لإجراء مسحات كورونا أو ما إذا كان يمكنهن الذهاب إلى منطقة سكنهن لإجراء الاختبارات هناك.
وبعد 7 ساعات على متن حافلة سياحية كبيرة، وصلت الأم وبنتاها إلى مقر حجرهن الصحي، في إحدى مدارس مقاطعة شوهوي بشنغهاي، وهناك كان يوجد زجاجة من المطهر اليدوي وجهاز تلفزيون بشاشة مسطحة، ومجموعة مختارة من مقاطع الفيديو تحت الطلب".
وسلمت الأسرة الأمريكية بطانيات جديدة وأكياس مليئة بالمخبوزات والحليب الألماني المستورد والأقنعة الواقية والمياه حتى جاء دورهن لعمل مسحات أنفية وبلعومية للأم وبناتها.
وعلى الرغم من عدم إخبارهن بسلبية إصابتهن بالفيروس، أبلغن في صباح اليوم التالي أنه حان وقت عودتهن إلى المنزل بواسطة الحافلة نفسها، وعند الوصول إلى بيتهن، كان في انتظارهن حراس الأمن الخاص بسكنهن والطبيب الذي سيشرف على حالتهن الصحية.
وبعد أيام قليلة من عودتهن اكتشفن أن السلطات وضعت جهاز استشعار على باب شقتهن وبعد أكثر من أسبوع من بدء الحجر الصحي، تلقين مذكرة تخبرنهن بالسماح لهن بفتح باب الشقة 5 مرات فقط في اليوم.
"وأخيرا وبعد وعدنا لهم بعدم مغادرة شقتنا، تم إرجاع جوازات سفرنا إلينا، وفي الصباح التالي في تمام الساعة الـ10 طرقت امرأة شابة ترتدي بدلة وقاية كاملة بابنا لقياس درجات الحرارة وعادت في الساعة 3 بعد الظهر لقياسها مرة أخرى، ومع تكرار هذا الروتين لمدة 14 يوما، سمح لنا بالخروج".
"على الرغم من أن دخول الصين كانت عملية طويلة ومملة ومتعبة، فإنها كانت منظمة بشكل جيد للغاية، جعلنا ندرك سبب قيام الصينيين بذلك، خاصة بعد إعلان إصابة 5 أشخاص بالفيروس من جنسيات مختلفة، في اليوم نفسه لوصولنا شنغهاي وأنا حقا سعيدة للغاية بقراري المجنون بعودة ابنتي إلى الصين مرة أخرى"، بهذه العبارة اختتمت الأم الأمريكية رحلتها من الولايات المتحدة إلى الصين من أجل حماية ابنتيها.