احتجاجات طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة.. كيف قابلها المصريون؟ (خاص)
تعاني جميع الطبقات في مصر من ارتفاع الأسعار، وهو ما عبر عنه طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة باحتجاجهم على ارتفاع مصروفات الدراسة.
ونظم العشرات من طلاب الجامعة الأمريكية وقفة احتجاجية داخل الحرم الجامعي بمنطقة التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، بسبب ارتفاع المصروفات التي تصل الآن إلى نحو 700 ألف جنيه مصري.
ويسدد طلاب الجامعة الأمريكية المصروفات إما بالدولار وإما ما يعادل قيمته بالعملة المحلية، ومنذ التعويم الأخير للجنيه المصري ووصول سعر صرف الدولار لـ30 جنيها شهدت المصروفات ارتفاعا كبيرا.
ورفع الطلاب لافتات "لا لتسليع التعليم"، منددين بارتفاع المصروفات من 370 ألف جنيه إلى 730 ألفا، ورددوا هتافات "ياللي ساكت ساكت ليه أبوك حرامي ولا ايه“ و"اوعوا تقولوا دي ملاليم إحنا بندفع بالملايين".
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي تناقل المصريون مقاطع فيديو من احتجاجات طلاب الجامعة الأمريكية، مع قدر ملحوظ من السخرية والتهكم من مطالبهم، فيما أيد آخرون دعوات الطلاب لخفض المصروفات الدراسية.
أثر التعويم
وتقول رحاب سعد، المتحدثة باسم الجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن الجامعة لم ترفع قيمة المصروفات كما تردد، مؤكدة أن الأمر يرجع لارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه منذ التعويم الأخير في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ووصوله إلى حدود 30 جنيها في البنوك المصرية.
وأوضحت لـ"العين الإخبارية" أن المصروفات في الجامعة تقدر بالدولار، ويمكن للطلاب المصريين الدفع بالدولار أو ما يعادل قيمة المصروفات بالعملة المحلية، ويدفع الطلاب الأجانب المصروفات بالدولار، مضيفة أن إدارة الجامعة تقدر الضغوط الاقتصادية التي تواجه الأسر المصرية وأولياء الأمور.
وأشارت "سعد" إلى أن إدارة الجامعة اتخذت عدة إجراءات منذ التعويم الأخير للجنيه، ومنها إنشاء صندوق لدعم غير القادرين على دفع المصروفات بالقيمة الحالية للدولار، بالإضافة إلى قرار تخفيض المصروفات بنسبة 10% لكل من يدفع المصروفات قبل يوم 9 فبراير/شباط الجاري.
وأردفت المتحدثة باسم الجامعة: "نقدم منحا دراسية ومساعدات مالية تقدر سنويًا بـ39 مليون دولار، ومنذ التعويم الأخير ارتفع هذا الرقم إلى 45 مليون دولار، ويستفيد من هذه المنح والمساعدات نحو 3 آلاف طالب، أي 40% من إجمالي عدد الطلاب بالجامعة، كما نقدم منحًا كاملة لـ850 طالبا".
دعم الطلاب المتعثرين
وشددت "سعد" على أن قرار إدارة الجامعة هو أن الظروف الاقتصادية لن تحول أبدًا بين أي طالب واستكمال دراسته بالجامعة، مؤكدة أنه منذ التعويم الأول للجنيه عام 2016 وإدارة الجامعة تشدد باستمرار على دعم الطلاب المتعثرين، وتقديم المساعدات والتسهيلات لضمان استمرارهم في الدراسة.
وعن وقفة الطلاب داخل الحرم الجامعي، قالت "سعد": "الجامعة تحترم حرية التعبير عن الرأي وتكفل للطلاب التعبير عن آرائهم بكل الطرق السلمية، والوقفة الأخيرة جاءت بعد الحصول على موافقة إدارة الجامعة وإدارة الأمن، وما دامت الوقفات سلمية وملتزمة بسياسات الجامعة وبعيدة عن العنف فهي مكفولة للجميع".
وأكدت المتحدثة أن قنوات الاتصال مفتوحة بين إدارة الجامعة والطلاب، وسيكون هناك حوار مفتوح غدا لمناقشة هذا الأمر، مشددة على أن مطلب سداد المصروفات بالعملة المحلية أو تثبيت سعر الدولار سيكون بالغ الصعوبة على الجامعة، لأنها تنفق على التشغيل بالدولار وترتبط بالأسعار العالمية لضمان جودة التعليم.
"حقد طبقي"
من جهتها، ترى الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع في مصر، أن الضغوط الاقتصادية ألقت بظلالها على جميع الطبقات في مصر، ومعها الشريحة الدنيا من الطبقة العليا التي تحرص على إلحاق أبنائها بالمدارس والجامعات الأجنبية وتدفع لهم بالدولار مقابل الحصول على مستوى تعليم عالي الجودة.
وأضافت لـ"العين الإخبارية": كلما زادت الضغوط الاقتصادية اتسعت الفجوة بين الطبقات، ومن هنا تظهر مشاعر حقد طبقي وعدم تعاطف من الطبقات المضغوطة على الطبقة الأكثر ارتياحا، والآن القاعدة الكبرى من المجتمع المصري أصبحت مضغوطة بسبب الأوضاع الاقتصادية وتعيش بقدر كبير جدا من المشقة".
وعن السخرية من احتجاجات الطلاب، قالت "منصور": "الطبقات الدنيا تنظر لمن يلتحقون بالجامعات الخاصة باعتبارهم أشخاصا ميسورين ويعتقدون أنهم جزء من الضغوط التي تمارس ضدهم وأنهم من الأسباب الرئيسية في تردي الأوضاع وانتشار الفساد"، مضيفة أن الشريحة الدنيا من الطبقة العليا تعاني الآن من الاحتياج.
طبقات مضغوطة
من جهتها، ترى الدكتور سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع في مصر، أن "طلاب الجامعة الأمريكية وغيرهم من طلاب الجامعات الأجنبية يؤمنون بمفاهيم الحرية والتعبير عن الرأي التي تدرس لهم في الجامعات الخاصة والأجنبية، ويرون أن الاحتجاج قد يحدث تغييرا".
وأضافت لـ"العين الإخبارية" أن "الطبقات الدنيا في المجتمع المصري مطالبها في الحياة محدودة وتقتصر على تأمين الطعام، وعند تعرضها للضغوط يمكن لأفرادها اللجوء إلى طرق غير مشروعة مثل السرقة والتسول، أما الطبقة الوسطى فجميع أفرادها يعانون الآن بعد تراجع أحوالهم".
وأردفت: "شريحة كبيرة من الطبقات الدنيا المطحونة تؤمن احتياجاتها أول بأول من متغيرات السوق نفسها، ويرفعون أسعارهم باستمرار، ويجبرون الآخرين على الالتزام بالأسعار الجديدة، أما أصحاب الدخل الثابت مثل الموظفين فيلجأون إلى التحمل لحين انفراج الأزمة وانتهاء الضغوط".