"العفو الدولية" تكشف شهادات مروعة عن قمع مظاهرات إيران
المنظمة الدولية تقول في بيان إن النظام الإيراني لم يشبع من دماء شعبه، فالقمع وممارسة الانتهاكات أصبحا أسلوب حياة لديه
كشفت منظمة العفو الدولية، الجمعة، شهادات مروعة عن قمع النظام الإيراني للمتظاهرين الذين عادوا إلى الشوارع مجددا احتجاجا على إسقاط الحرس الثوري للطائرة الأوكرانية.
ودعت المنظمة المجتمع الدولي إلى محاسبة نظام طهران والتحقيق في جرائمه.
وقالت المنظمة الدولية، في بيان، إن النظام الإيراني لم يشبع من دماء شعبه، فالقمع وممارسة الانتهاكات أصبحا أسلوب حياة لديه، إذ لا يمكن أن يهدأ دون رؤية الدماء، والقمع، فضلا عن ممارسته للإجرام والقتل، لا سيما ضد المتظاهرين، الذين عادوا من جديد إلى الشارع".
وأدان البيان استخدام أجهزة النظام الإيراني القمعية للقوة المفرطة ضد المظاهرات السلمية في إيران، مشيرةً إلى إصابة العديد من المتظاهرين بجروح جراء إطلاق قوات الأمن أعيرة نارية من بنادق صيد بكريات مدببة، في 11 و12 يناير/كانون الثاني الجاري.
شهادات ودلائل
وقال البيان إن المنظمة حصلت على لقطات فيديو تم التحقق منها وصور فوتوغرافية وشهادات من ضحايا وشهود عيان على الأرض أفادت بأن قوات الأمن استخدمت القوة غير القانونية ضد المتظاهرين المسالمين، الذين تجمعوا في جميع أنحاء إيران عقب اعتراف السلطات بأنها أسقطت طائرة ركاب أوكرانية في 8 يناير/كانون الثاني الجاري.
انتهاكات متعددة
وبحسب البيان، تشير الأدلة إلى أن قوات الأمن أطلقت في 11 و 12 يناير/كانون الثاني الجاري الكريات المدببة من البنادق الهوائية، وهي عادة ما تستخدم للصيد على المتظاهرين المسالمين الذين تسببوا في حدوث نزيف وإصابات مؤلمة.
كما استخدمت قوات الأمن الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل لتفريق المحتجين، فضلا عن الركل واللكم وضربهم بالهراوات والاعتقالات التعسفية.
الأمن يسحق الاحتجاجات السلمية
من جانبه، قال فيليب لوثر، مدير الأبحاث والدفاع للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة الدولية: "إنه لأمر مروع أن قوات الأمن سحقت بعنف الاحتجاجات والاحتجاجات السلمية من قبل أشخاص يطالبون بالعدالة لـ176 راكبا قُتلوا على متن الطائرة التعبير عن غضبهم من التغطية الأولية للسلطات الإيرانية".
وأضاف لوثر: "نفذت قوات الأمن مرة أخرى هجوماً يستحق الشجب على حقوق الشعب الإيراني في التعبير السلمي والتجمع ولجأ إلى تكتيكات غير قانونية ووحشية".
وأوضح: "يجب على السلطات الإيرانية وضع حد للقمع فورا وضمان أن تمارس قوات الأمن أقصى درجات ضبط النفس وتحترم حقوق المتظاهرين في التعبير السلمي والتجمع، كما يجب حماية المحتجزين من التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، ويجب الإفراج عن جميع المعتقلين تعسفاً".
كريات مدببة ورصاص مطاطي
وتشير الشهادات والصور التي حصلت عليها العفو الدولية إلى أن قوات الأمن أطلقت كريات مدببة، مما تسبب في جروح مؤلمة، فضلاً عن إصابات تتسق مع استخدام الرصاص المطاطي.
وأوضحت المنظمة أن عشرات مقاطع الفيديو تُظهر أيضا قوات الأمن وهي تطلق الغاز المسيل للدموع على حشود من المتظاهرين المسالمين.
مساءلة النظام
دعا بيان منظمة العفو الدولية الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى عقد جلسة خاصة بشأن إيران لتفويض التحقيق في أعمال القتل غير القانونية للمتظاهرين، والموجة المروعة من الاعتقالات، والاختفاء القسري، بالإضافة إلى تعذيب المعتقلين، بهدف ضمان المساءلة.
الدماء تنزف
وأظهر أحد مقاطع الفيديو التي تحققت منها منظمة العفو الدولية أيضا، امرأتين في طهران ملقاتين تنزفان على الأرض، فيما أوضح فيديو آخر امرأة ملقاة على الأرض في بركة من الدماء تبكي من الألم، تعرضن لإطلاق النار، فيما لم يتسن للمنظمة تحديد نوع الذخيرة المستخدمة للتسبب في هذه الإصابات.
استمرار القمع
أظهر فيديو آخر رجلاً مصاباً بجرح في رأسه، حيث تظهر أشعة سينية حصلت عليها منظمة العفو الدولية بوضوح الكريات الموجودة في مفصل الركبة لأحد المتظاهرين وكاحل الآخر.
كما تحققت المنظمة من صور لقوات الأمن التي تحمل بنادق الرش، لكن لم يتضح نوع الذخيرة التي تم استخدامها.
وتلقت المنظمة رسائل من عدة متظاهرين مصابين شاركوا صوراً تظهر عليهم جروحهم وقالوا إنهم لم يسعوا للحصول على علاج في المستشفى لإزالة الكريات المدببة التي ما زالت موجودة في أجسادهم خوفاً من الاعتقال.
تربص بالجرحى
وتحتفظ قوات الأمن والمخابرات بوجود مكثف في بعض المستشفيات مما يثير مخاوف من أنها تخطط لاعتقال المرضى.
كما تلقت منظمة العفو الدولية معلومات تفيد بأن قوات الأمن حاولت نقل بعض المحتجين المصابين إلى المستشفيات العسكرية.
ورفضت بعض العيادات والمستشفيات الطبية في طهران الجرحى، وأخبرتهم أنه إذا اكتشفت قوات الأمن والمخابرات أنهم كانوا من بين المتظاهرين، فسيتم اعتقالهم.
شهادات حية
وقال رجل من معالي آباد في شيراز، مقاطعة فارس، "إنه ذهب لإلقاء شمعة تضامناً مع ضحايا تحطم الطائرة في 12 يناير/كانون الثاني، موضحا أن قوات الأمن فاقت الحشد وخلقت "أجواء مرعبة ومخيفة لتخويف الناس".
وأضاف: "كانوا يقسمون ويضربون الجميع بالهراوات في جميع أنحاء أجسادهم، لا يهم إذا كانوا يمرون، معلقاً: "لم يحدث أي فرق لهم إذا ضربوا الشباب أو كبار السن، رجلا كان أو امرأة".
وذكر أن "قوات الأمن أطلقت الغاز المسيل للدموع على المواطنين المتظاهرين، فيما أصيب بجروح لكنه لم يلتمس العلاج في المستشفى خوفا من الاعتقال".
مطاردة المتظاهرين
وقال شاهد عيان آخر، يدعى مهسا من طهران، إن قوات الأمن أطلقت الغاز المسيل للدموع على مدخل محطة المترو لمنع الناس من المغادرة للانضمام إلى الاحتجاج.
وأضافت: "كان هناك الكثير من الغاز المسيل للدموع، كنت متوتراً وعقلانياً لدرجة أنني لم أكن أدرك في البداية أنني قد أُطلق علي النار، القوات الخاصة من الشرطة تطلق رصاصات مدببة على الناس".
وأوضحت قائلا: "معطفي امتلأ بالثقوب وعندي كدمات على جسدي، كانت الشوارع مليئة بعناصر مسلحة بالملابس المدنية يطلقون أعيرة نارية في الهواء ويهددون بإطلاق النار على الناس.. لقد طاردني أحد أفراد قوات الأمن عندما رأوني أصور".
أوضاع مميتة
وأكد "مهسا" أن السلطات هددت الأطباء وأنها رفضت من قبل ثلاثة مراكز طبية وحتى عيادة بيطرية حيث طلبت العلاج، لافتة إلى أنه في 14 يناير/كانون الثاني، أخبرها طبيب في مستشفى في طهران بأنها يجب أن تغادر المستشفى على الفور، لأنه إذا اكتشفت إدارة المخابرات (حراست) بالمستشفى أنها كانت بين المحتجين، فسوف يتم اعتقالها.
وشددت على أن "الوضع في إيران الآن أكثر إيلاما من الموت، إنهم يقتلوننا ببطء. لقد عذبونا حتى الموت".
استهداف المترو
لم تسلم محطات المترو أيضا من قمع النظام، ففي العديد من مقاطع الفيديو التي التقطت داخل محطة مترو شادمان في طهران، سمع الناس يقولون إن قوات الأمن أطلقت الغاز المسيل للدموع داخل المحطة.
وكانت قنابل الغاز المسيل للدموع عشوائية ويمكن أن تؤدي إلى إصابة خطيرة وحتى الموت، وخاصة عند استخدامها في مكان مغلق، إذ ينبغي عدم استخدامها على الإطلاق إلا في استجابة محددة لأعمال عنف محددة وأبداً لتفريق المحتجين المسالمين. كما يجب عدم استخدامها أبدا في مكان محصور.
وفي كثير من الحالات، انتهكت أفعال قوات الأمن الحظر المطلق للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة بموجب القانون الدولي.
اعتقالات تعسفية
وتشير التقارير إلى اعتقال عشرات الأشخاص، بمن فيهم طلاب الجامعات، قد تم اعتقالهم في المدن التي شهدت احتجاجات التي طالبت العديد من المدن الإيرانية.
كما تلقت منظمة العفو الدولية معلومات تفيد بأن السلطات في مدينتين على الأقل، أمول وطهران، تحرم عائلات بعض المعتقلين من معلومات حول مصيرهم ومكان وجودهم. وتلقت المنظمة أيضا مزاعم مروعة بحدوث عنف جنسي ضد امرأة واحدة على الأقل تم اعتقالها تعسفيا على أيدي ضباط أمن بملابس مدنية، واحتُجزت لعدة ساعات في مركز للشرطة.
ووفقا لمصدر مطلع، اقتيدت المرأة أثناء احتجازها إلى غرفة حيث استجوبها مسؤول أمني أجبرها على ممارسة الجنس عن طريق الفم وحاول اغتصابها.
احتجاجات متواصلة
يشار إلى أن الاحتجاجات بدأت في 11 يناير/كانون الثاني الجاري بعد أن اعترفت السلطات الإيرانية بأنها أسقطت الطائرة الأوكرانية عن غير قصد، بعد ثلاثة أيام من الإنكار، وعزت في البداية تحطم الطائرة إلى عطل فني.
وسرعان ما توسعت الاحتجاجات لتشمل شعارات مناهضة للنظام ومطالب بتغيير النظام في البلاد، فيما لا تزال سلطات القمع الإيرانية مرة أخرى تشن هجوماً مشيناً على حقوق الشعب الإيراني في التعبير السلمي والتجمع باستخدام تكتيكات غير قانونية ووحشية.