عندما أتحدث عن النملة التي تحاول الطيران فإني أقصد بذلك دولة قطر التي مازالت تتصاعد وتتكشف مكائدها لجيرانها
عندما أتحدث عن النملة التي تحاول الطيران فإني أقصد بذلك دولة قطر التي مازالت تتصاعد وتتكشف مكائدها لجيرانها، بعد أن أصبحت الدولة الصغيرة محور الشرّ العربي، وملتقى الأحزاب المارقة، والجماعات الإرهابية، والعقول الإعلامية الرخيصة المبدعة في طمس الحقائق وادعاء الحرية الفكرية والانزلاق بعقول بعض الشعوب إلى خيبات الوهم، بعد أن اكتسبت الثقة والقدرة، والدهاء، والغدر.
هي سياسة تبنَّتها دولة قطر منذ سنة ١٩٩٥م مع انقلاب حمد بن خليفة على والده، ومع نجاح الانقلاب الغادر، تم وضع الخطة لتمزيق الشرق الأوسط، وكانت مصر ثم السعودية في مقدمة الدول التي يجب تقسيمها حسب سياستهم المرسومة والمُعدَّة من قبل عقول خارجية، فالأحداث تثبت وتؤكد ذلك، حيث في عام ١٩٩٦م تأسَّست قناة الجزيرة، وتأسَّست خلية العبدلي في الكويت، وحدثت تفجيرات الخبر، وبدأت علاقتها بإسرائيل، ونشطت إيران في اليمن.
عندما أتحدث عن النملة التي تحاول الطيران فإني أقصد بذلك دولة قطر التي مازالت تتصاعد وتتكشف مكائدها لجيرانها، بعد أن أصبحت الدولة الصغيرة محور الشرّ العربي، وملتقى الأحزاب المارقة، والجماعات الإرهابية
قطر هي البلد الصغير مساحة والقليل سُكّانًا، إلا أنَّه يسبح على بُحيرة من الغاز الطبيعي، فهي أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم، والذي تُشكل صادراتها منه نحو 60 % من الناتج المحلي، وتنتج قرابة (80 مليون طنّ سنويًا).. كل هذه المليارات من الدولارات تصب في خزائن قطر، على شكل عوائد من الغاز، معززة بمليارات أخرى من عوائد الاستثمارات الضخمة في الخارج، غير أن هذه المبالغ الهائلة عوضًا عن أن تكون يدًا تمتد بالخير دائمًا، اختارت قيادة قطر أن تكون كالشجرة والنبتة الخبيثة، أين ما غرستها فثمارها الإرهاب.
لا يُنكر قادة قطر أحيانًا لعبهم على الحبال وخبث مؤامراتهم وخططهم، بل لا يجدون حرجًا في الاعتراف بذلك، أي اللعب على الحِبال، وتبادل القفز عليها.
ولهذا اعتمدت قطر على عنصرين لتحقيق مشروعها الإرهابي هما قناة الجزيرة وجماعة الإخوان المسلمين لكي تكون قوة إقليمية تنافس السعودية، لذا كانت بحاجة إلى سُلطة دينية توازي بها السُلطة الدينية في السعودية كالشيخ ابن باز رحمه الله، والخميني في إيران، فوجدوا في يوسف القرضاوي ضالتهم المنشودة، ثم قاموا بدعم بقية الإخوان المنتشرين في كل العالم، وقد نحج الإخوان في السيطرة على قناة (الجزيرة)، ومن اختراقها والسيطرة على مفاصلها، وأن يجعلوا منها قوة ضاربة أكثر تأثيرًا من أي جيش في المنطقة، وأنه يمكن لقطر ذات الموارد البشرية المحدودة أن تعتمد على كوادر الإخوان المسلمين المنتشرين حول العالم كعُملاء لخدمة السياسة الخارجية القطرية، وهو ما تحقق فعلًا.
فاليوم اتضحت الصورة أكثر لتحديد ومعرفة مكامن الخطر والإرهاب من خلال علاقة الاستثمارات القطرية في الخارج بتمويل الإرهاب، حيث تشير بعض التقارير إلى أنَّ حجم التمويل القطري "المبدئي" للإرهاب بلغ نحو 65 مليار دولار خلال الفترة بين عامي 2010 و2015، من معاملات مشبوهة مارستها جهات وقيادات قطرية، كانت ستارًا لتحويل الأموال وتمويل الإرهاب، ظاهرها نشر الإسلام، وجوهرها هدم الإسلام وكل ما يمت إليه بصلة، فأموال قطر بذور خبيثة تتأقلم لتنبت في أي مكان لتثمر بعدها إرهابًا يغذي فكرها وسياستها.
ولهذا نجد أن الدول المقاطعة ابتعدت هذه المرة عن الدبلوماسية كعادتها، باتخاذ مواقف أكثر صلابة مع دولة قطر، بعد أن وجدت أنها كانت تبتدع الخطط على المملكة ودول الجوار وتمولها وتنفذها ومع ذلك كانت تصبر وتحاول العلاج، ولكنها تمادت حتى أصابت شريان الوطن العربي، ناهيك عن إيواء ميليشيات وجماعات إرهابية، علاوة على دورها التجسُّسي والاستخباراتي باستغلال وجودها وقربها من الوسط الخليجي لذلك الغرض، لدرجة أنها استحدثت حسابات مُموَّلة تلعب فيه على وتر الأخوة وروابط الصداقة لمخاطبة العاطفة الإنسانية العربية حتى تبقى داخل الجسد الخليجي والعربي لممارسة أجندتها التجسُّسية الاستخباراتية، ولأن ما يحدث يمس أمن البيت الخليجي والعربي، فإنَّه لا يمكن أن نقبل ترجيح أي مصالح على أمننا القومي.
فقطر ماهي إلا كالنملة الغبية المموهة التي تحاول الحصول على قطعة سكر صغيرة لا يكاد صانع الوجبة أن يراها من صغر حجمها وعدم أهميتها.
وقد قيل في المثل، إذا أراد الله هلاك النملة أنبت لها جناحين، وقد انطبق على دولة قطر، التي اختارت أن تخرج للعالم في حجم وطموح أكبر من حجمها وطموحها، وهو لا يتناسب بأي حال مع حقيقتها وواقعها أبدًا.
من حق دولة قطر أن تبحث عن عظمة، ولكن ليس من حقها أن تضرب إخوانها بخيانات وحقد جماعة الإخوان، وأن تجعل من قناة (الجزيرة) التي تدار بعقول مرتزقة، للنيل من جيرانها وأشقائها.
وهنا لابد أن نؤكد لقيادة قطر، بأن رعاية مصالح الشعوب ليست لعبة، والحر تكفيه الإشارة، ومن لم تكفه الإشارة ففي عصا دول المقاطعة ما يكفي لردع قطر عن تجاوزاتها وخدعها وتآمرها ودعمها وتمويلها للإرهاب، ويجب أن تترك المكابرة، وعدم صرف أموالها في شراء قلاقل البلدان الأخرى، وطرد الأبواق التي لا تهمها مصلحة البلد، والخروج من بؤر الصراعات في كل مكان، وعدم الدخول في تحالفات مشبوهة، والعودة إلى المسار الصحيح، والرجوع إلى البيت الخليجي، والبعد عن البكاء والمظلومية واستدرار عواطف المواطنين القطريين، فدور حكومة قطر وسياستها واضحة وملموسة وفاعلة في تفتيت الوطن العربي، بعد أن أعطيت الضوء الأخضر للتكبُّر على جيرانها، بدلًا من تنمية الداخل والاهتمام بحسن الجوار.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة