في المحصلة.. فإن المأزق الداخلي سيظل قائماً، إلا إذا تم تداركه بإقصاء نتنياهو عن قيادة "الليكود"
فرضت مفاوضات تشكيل الحكومة "الإسرائيلية" الدائرة حالياً واقعاً جديداً، لعل عنوانه الأبرز أنها تدور في "حلقة مفرغة"، بسبب الصراع المستفحل على السلطة والحكم بين الأقطاب السياسية المتنافسة، وهو واقع تشهده "إسرائيل" للمرة الأولى منذ تاريخ إنشائها.
منذ أشهر طويلة، تخللها إجراء انتخابات مبكرة مرتين، في إبريل/نيسان وسبتمبر/أيلول الماضيين، فيما يبدو أن الثالثة على الطريق، و"إسرائيل" تبحث عن كيفية الخروج من هذا المأزق، الذي يصطدم بطموحات شخصية مغلفة بقليل من القضايا السياسية والأمنية والاجتماعية؛ حيث لا يوجد فروقات كبيرة بين الأقطاب المتنافسين حول هذه القضايا. بوادر هذه الأزمة كانت ظاهرة للعيان مع بدء التحقيقات قبل سنوات عدة في شبهات تورط نتنياهو في عدة ملفات تتعلق بالفساد، وازدادت هذه الأزمة تعقيداً مع توجيه الاتهام رسمياً لنتنياهو في الأسابيع الماضية بالرشوة والخداع وخيانة الأمانة، ما يعني إحالته للقضاء والمحاكمة، وفي النهاية ربما إيداعه السجن وانتهاء مستقبله السياسي.
في المحصلة.. فإن المأزق الداخلي سيظل قائماً، إلا إذا تم تداركه بإقصاء نتنياهو عن قيادة "الليكود" وحل عقدة تشكيل الحكومة الائتلافية
على هذه الخلفية يخوض نتنياهو معركة التشبث بالسلطة، ويعتبرها "معركة حياة أو موت،، ظناً منه أن ذلك قد يشكل له طوق نجاة من حبل المشنقة الذي بات يقترب من رقبته، لكنه فشل في تشكيل حكومة جديدة مرتين، وأفشل محاولات خصمه السياسي الجنرال بيني جانتس زعيم حزب "أزرق أبيض" لتشكيل الحكومة، ما دفع الرئيس "الإسرائيلي" إلى تفويض "الكنيست" باختيار شخصية قادرة على الحصول على تأييد 61 عضواً في "الكنيست" خلال مهلة 3 أسابيع تنتهي ليل 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري، قبل الذهاب إلى انتخابات مبكرة ثالثة تحدد موعدها بالفعل في 25 فبراير/شباط المقبل.
ومع انحسار مساحة المناورة أمام نتنياهو وإصراره على أن يتولى رئاسة الحكومة الائتلافية في فترتها الأولى خلال المفاوضات مع "أزرق أبيض" والتخلي عن محاولاته للحصول على "حصانة" من "الكنيست" تمنع تقديمه إلى المحاكمة، تزايدت فرص الذهاب إلى انتخابات مبكرة ثالثة، بل أصبح الأمر حتمياً لإجراء هذه الانتخابات التي لا يرغب فيها أغلبية "الإسرائيليين"، ناهيك عن أن نتائجها غير مضمونة لصالح "الليكود"، بل على العكس، كما تشير توقعات المحللين فإنها ستمنح مزيداً من التفوق لصالح جانتس وحزبه، لكنها فقط ستمنح نتنياهو بعض الوقت في السعي للحصول على "الحصانة" التي ينشدها، والتي تبدو مستبعدة أو شبه مستحيلة بوجود ليبرمان زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، الذي يستطيع وحده أن يعطيه الأصوات الكافية للحصول عليها، أو أنه سيلجأ إلى خيار دراماتيكي بخوض حرب جديدة، في محاولة لقلب المعطيات، ووضع الجميع أمام الأمر الواقع، باعتبار أن "إسرائيل" تتعرض لخطر وجودي، وأن حماية الأمن "الإسرائيلي" تتقدم على كل اعتبار، لكن حتى في هذه الحالة لا يوجد أي ضمانة لنجاح مغامرة نتنياهو التي قد تأتي بنتائج عكسية، وتتسبب بإطاحته بأبشع طريقة ممكنة، وتقود إلى تفكيك حزبه وعدم قدرته على العودة لسنوات طويلة.
وفي المحصلة.. فإن المأزق الداخلي سيظل قائماً، إلا إذا تم تداركه بإقصاء نتنياهو عن قيادة "الليكود" وحل عقدة تشكيل الحكومة الائتلافية.
نقلاً عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة