حروب ترامب التجارية.. ضربات مؤلمة للاقتصاد العالمي
محللون يقولون إن حروب ترامب التجارية وجهت ضربة سيطول أمدها للنظام الاقتصادي التعددي الذي يشكّل أساس التجارة العالمية.. طالع التفاصيل.
بعد أربع سنوات في السلطة، لم ينجح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تحقيق وعده بخفض العجز التجاري لبلاده، بينما وجّه ضربات سيطول أمدها للنظام الاقتصادي التعددي الذي يشكّل أساس التجارة العالمية.
يقول محللون: حتى وإن فاز منافسه الديمقراطي جو بايدن كما تشير معظم استطلاعات الرأي حاليا، يرجّح أن تبقي السياسة التجارية للولايات المتحدة على شيء من الحمائية وأن تتواصل المواجهة مع الصين.
وكان من بين أبرز المواضيع التي ركّزت عليها حملة ترامب في 2016 أن الولايات المتحدة أكبر قوة اقتصادية في العالم تُستغَل من قبل شركائها التجاريين. وتعهّد الرئيس بإحداث تحوّل بترتيبات التجارة العالمية وخفض العجز التجاري لبلاده.
وبالفعل، أحدث ترامب تحوّلا في منظمة التجارة العالمية لكن العجز التجاري للولايات المتحدة ازداد في عهده بينما يشير محللون إلى أنه لم يحقق الكثير في هذا الصدد.
الاقتصاد الأمريكي
ويشير الأستاذ في جامعة كورنيل إسوار براساد إلى أن "سياسات ترامب التجارية حققت مكاسب قليلة ملموسة للاقتصاد الأمريكي بينما قوّضت المنظومة التجارية متعددة الأطراف، ما تسبب بدوره بخلل في التحالفات طويلة الأمد مع شركاء الولايات المتحدة التجاريين وأحدث حالة من الضبابية.
وبينما تقلّص بالفعل العجز التجاري بين الولايات المتحدة والصين وهو هدف ترامب الأساسي إلا أن الواردات من كندا والمكسيك ارتفعت بشكل كبير، وهو ما عمّق العجز الإجمالي.
وأفاد أستاذ العلوم الاقتصادية لدى جامعة باريس دوفين غيانلوكا أوريفيتشي بأن رفع الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على العديد من المنتجات "حمى المصنّعين الأمريكيين.
لكن هذه الرسوم رفعت في الوقت ذاته تكاليف الإنتاج بالنسبة للصناعات الأمريكية وأظهرت مدى الاعتماد على المورّدين الصينيين.
التدمير لا البناء
وباتت البنية التحتية الاقتصادية العالمية اليوم في حالة تغيّر عميق.
ويقول الصحافي والكاتب المتخصص في السياسة التجارية الأمريكية من مجلس العلاقات الخارجية للأبحاث إدوارد ألدن إن "سياسته كانت بكل وضوح مضرة بشكل كبير بالنسبة لأوروبا ومنظمة التجارة العالمية، وهو أمر سيصعب إصلاحه".
وشلّ رفض ترامب تعيين قضاة جدد نظام فض النزاعات في منظمة التجارة العالمية، ما شكّل ضربة لجهاز تحكيم نظام التجارة العالمي متعدد الأقطاب.
بدوره، أفاد سبيستيان جان مدير مركز الدراسات المستقبلية والمعلومات الدولية، وهو المركز الفرنسي الرئيسي المعني بالأبحاث والاقتصاد الدولي، أن "دونالد ترامب أظهر أنه قادر على التدمير لكنه غير قادر على البناء".
وأضاف "عند النظر إلى ما حصل عليه من الصين، يشعر المرء بالرغبة في القول: كل هذا من أجل ذلك؟".
وتركت الهدنة التي تم التوصل إليها في كانون الثاني/يناير لإنهاء الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين مسائل خلافية رئيسية دون حل على غرار سرقة الملكية الفكرية والنقل القسري للتكنولوجيا.
وروّج ترامب لمهاراته في إبرام الاتفاقيات باعتباره رجل أعمال ناجحاً قبل انتخابه، لكنه لم يبد الكثير من الفهم للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف الحساسة والصعبة.
قواعد اللعبة
وأدت سنوات ترامب الأربع في السلطة إلى ضعف المنظومة التجارية متعددة الأطراف متجسّدة بمنظمة التجارة العالمية التي لعبت الولايات المتحدة دورا أساسيا في تأسيسها"، بحسب الأستاذ في جامعة كورنيل إسوار براساد .
ومن شأن ذلك أن يصعّب تحقيق الكثير في ما يتعلّق بالتعاون لدعم تعاف مستدام للاقتصاد العالمي من أزمة فيروس كورونا.
ويرجع الصحفي ألدن فضل النجاح في إعادة التفاوض على اتفاقية أمريكا الشمالية للتجارة الحرة مع كندا والمكسيك إلى ترامب، الذي دعم الجمهوريون والديموقراطيون على حد سواء جهوده في هذا الصدد.
كما أن جان يشير إلى فضل الرئيس الأمريكي في تغيير قواعد اللعبة حيال الصين، وهو أمر ساهم في دفع الاتحاد الأوروبي لتغيير سياسته تجاه بكين، بما في ذلك انضمام دول أوروبية عدة إلى الولايات المتحدة في حظر معدات أنظمة اتصال الجيل الخامس من الإنترنت التابعة لهواوي.
وأفاد مركز الأبحاث الأوروبي "بروغل" الذي يتخذ من بروكسل مقرا بأنه يعتقد أن فوز بايدن سيعني عودة إلى الأسلوب الأمريكي الأكثر لباقة في الدبلوماسية.
لكن المضمون قد لا يتغيّر كثيرا.
وقال ألدن إن "الخلافات بين ترامب وبايدن بشأن التجارة أصغر من تلك المرتبطة بالعديد من المسائل الأخرى".
وتشددت مواقف الديموقراطيين والجمهوريين في السنوات الأخيرة حيال الصين، التي لا ينظر إليها على أنها خصم يجب احتواؤه إذ أنها لم تتطور إلى اقتصاد سوق حر كما كان يؤمل.
وقالت فيكي ريدوود من كابيتال إيكونوميكس" إنه "في ظل أي المرشحين، يرجّح أن يتسع نطاق الحرب الاقتصادية".
وأضافت أن الحرب التجارية كانت في الأساس أمرا لا بد منه نظرا لصعود الصين اقتصاديا وتواصل ذلك بمستويات عالية من التدخل من قبل الدولة بدلا من تبني قوى السوق.
aXA6IDE4LjIxOS4xNS4xMTIg
جزيرة ام اند امز