دراسة: شعوب حضارة البيسيني تميزت بالشعر الأشقر والعيون الزرقاء

كشف تحليل وراثي جديد عن تفاصيل مفاجئة حول حضارة البيسيني القديمة، التي ازدهرت في شبه الجزيرة الإيطالية قبل صعود روما.

الدراسة التي قادها فريق من جامعة سابينزا في روما، شملت تحليل الحمض النووي لأكثر من 100 جثة من مقابر مختلفة في وسط إيطاليا، تغطي فترة تزيد عن 1000 عام، لتوفير "صورة جينية لحضارة البيسيني".

حضارة البيسيني، ازدهرت بين القرن التاسع والقرن الثالث قبل الميلاد في شرق وسط شبه الجزيرة الإيطالية، كانت ثقافة محاربة، وقد تم العثور على قبورهم مزينة بالعديد من الأسلحة مثل السيوف والرماح والخوذات، بالإضافة إلى الفنون الجميلة التي كانت تميزهم.

ووفقا للدراسة، فإن الحمض النووي للبيسيني أظهر أن رغم تميزهم الثقافي، كان لديهم جينات مشتركة مع ثقافات إيطالية أخرى معاصرة.

وأكدت "إيجينيا داتاناسيو"، مؤلفة الدراسة من معهد البيولوجيا الجزيئية والأمراض في المجلس الوطني للبحوث في روما، أن هذا التحليل الجيني يظهر أن البيسيني، رغم تميزهم الثقافي، كانوا يشتركون في التراث الوراثي مع ثقافات إيطالية أخرى كانت موجودة في تلك الفترة.

المفاجأة الكبرى التي كشفتها الدراسة هي النسبة العالية لوجود خصائص جسدية مثل الشعر الأشقر والعيون الزرقاء بين البيسيني، حيث تبين أن 26.8% من السكان الذين تم فحصهم كانوا ذوي عيون زرقاء، و22% منهم كان لديهم شعر أشقر.

وهذه النسب تفوق بكثير ما هو موجود اليوم في إيطاليا وبين ثقافات أخرى قديمة في المنطقة مثل الإتروسكان.

وقد تبين أن هذه الخصائص كانت أكثر شيوعًا بين سكان سواحل البحر الأدرياتيكي، التي كانت تتصل بالبلقان شرقًا، مقارنةً بسواحل البحر التيراني التي تطل على جزيرتي كورسيكا وسردينيا غربًا.

ويعتقد الباحثون أن هذه الخصائص الجينية المميزة تعكس حركة تجارية وثقافية أكبر عبر البحر الأدرياتيكي، مما أثر على تركيبة جينات السكان مقارنة بسكان السواحل التيرانية الأكثر انعزالًا.

وقال "بنيامينو تروبِتا"، أستاذ الوراثة البشرية في جامعة سابينزا ومدير المشروع العلمي، إن هذه الدراسة تمثل خطوة حاسمة لفهم تطور المجتمعات في إيطاليا ما قبل الرومانية، مشيرًا إلى أن نتائجها تفتح آفاقًا جديدة لفهم التاريخ الديموغرافي لشبه الجزيرة الإيطالية، موضحًا أن المجتمع الإيطالي في العصر الحديدي كان أكثر تنوعًا وتمدّنًا مما كان يُعتقد سابقًا، مع إشارات إلى تطور مجتمع عالمي يتجسد في عصر الإمبراطورية الرومانية.

تسلط هذه الدراسة الضوء على تعقيد الحركات السكانية والتبادلات الثقافية في العصور القديمة، مما يعيد رسم صورة دقيقة عن كيف كانت تتشكل المجتمعات في إيطاليا قبل نشوء روما.