30 يونيو التاسعة.. ذكرى ثورة أضاءت مصر وأنقذت اقتصادها
يوافق الثلاثين من يونيو/حزيران من كل عام ذكرى ثورة تصحيح ملهمة في مصر غيرت من مسار البلاد بشكل جذري، ولا سيما الاقتصادي.
بعد ثورة 30 يونيو وما تلاها من أحداث ركزت الحكومة المصرية بمختلف مؤسساتها على إنقاذ الاقتصاد وتعزيز الاستثمارات عبر استراتيجية إصلاحية وتنموية أثبتت لاحقا أنها كانت الورقة الأهم على طاولة الدولة المصرية.
وقد انعكست تلك الاستراتيجية على معدلات النمو التي قفزت من 2.2% في العام المالي 2013/2012 إلى 5.6% في 2019/2018 وهي السنة المالية التي سبقت جائحة كورونا، وأزمة الحرب الروسية الأوكرانية التي ألقت بظلالها على الاقتصادات العالمية، وأدت إلى تباطؤ معدلات النمو العالمية.
ورغم تفشي وباء كورونا نجحت الحكومة المصرية في تحقيق معدلات نمو بلغت 3.5% خلال عام 2019-2020 ، بحسب بيانات وزارة المالية المصرية.
وحقق الاقتصاد المصري نموا خلال التسعة أشهر الأولى من العام المالي 2021-2022 بواقع 7.8%، مع توقعات بتحقيق معدل نمو حقيقي 6.2% بنهاية العام المالي 2021-2022، مدفوعا بالنمو المحقق خلال الأشهر الأولي من العام الجاري.
من الانهيار إلى النمو
وبحسب وسائل إعلام محلية يقول أحمد مصطفى الخبير الاقتصادي إن مصر كانت على وشك الانهيار عام 2013، وتعاني من أزمة مالية واقتصادية حادة، مشيراً إلى أن البلاد بدأت بعد ثورة 30 يونيو/حزيران في عمليات "إعمار الاقتصاد".
وقال إن أداء الاقتصاد المصري تحول جذريا من بداية 30 يونيو 2013 وحتى ما قبل جائحة كورونا التي ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي.
وتظهر المؤشرات المالية أن الموازنة العامة المصرية تكبدت عجزا بنسبة 5% من الناتج المحلي في 2013/2012 تحول ذلك العجز إلى فائض بنحو 2% في 2020 بحسب بيانات وزارة المالية المصرية.
وتبنت الحكومة سياسات سمحت بتحقيق فائض على الرغم من التوسع في الإنفاق الاستثماري والجوانب الاجتماعية والصحة والتعليم، ومشاريع البنية التحتية.
ووفق وزير المالية المصري الدكتور محمد معيط فإن الفائض المحقق جيد جدا في ظل الظروف الاقتصادية الاستثنائية التي يعيشها العالم مع جائحة كورونا.
ويقول الدكتور مصطفى بدرة الخبير الاقتصادي لـ"العين الإخبارية" إن ميزان المدفوعات المصرية شهد خللا واضحا قبل عام 2013، حيث خرجت استثمارات بأكثر من 20 مليار جنيه خلال فترة التوترات السياسية للبلاد.
وأوضح أن إيرادات السياحة انخفضت إلى 4 مليارات دولار في 2020، نتيجة جائحة كورونا وتداعياتها، ثم أخذت في الارتفاع إلى ما يقرب من 13 مليار دولار عام 2021، ما يعني بدء استعادة قوتها لما قبل كورونا، غير أن الأزمة الروسية الأوكرانية عطلت زيادة إيرادات السياحة.
وأعلن البنك المركزي المصري أن ميزان المدفوعات حقق فائضا بقيمة 1.8 مليار دولار في التسعة أشهر الأولى من 2020-2021، ويقيس ميزان المدفوعات الفرق بين الموارد الأجنبية الداخلة إلى البلاد والخارجة منها.
ويؤكد مصطفى بدرة أن مصر انتقلت من بلد على وشك الإفلاس إلى تحقيق نمو اقتصادي يكفي ليتمكن من تغطية التزاماته قصيرة وطويلة الأجل.
قفزة في الاحتياطي النقدي المصري
وبلغ احتياطي النقد الأجنبي في مصر نحو 40.5 مليار دولار وفق بيانات البنك المركزي المصري، مقابل 14.9 مليار دولار في يونيو/حزيران 2013.
ووفق بدرة فإن ثمار ثورة 30 يونيو انعكست بشكل مباشر على المواطنين من خلال خلق فرص العمل وتنفيذ المشروعات الكبرى وانخفاض معدلات البطالة، بجانب زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم والمعاشات.
وانخفض معدل البطالة في مصر تدريجيا إلى أن وصل إلى 7.2% في ديسمبر 2020، مقارنة بنحو 13.2% في 2013، كما أعلن وزير المالية المصري الدكتور محمد معيط.
وقال الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ التمويل والاستثمار، إن مصر نفذت عددا كبيرا من المشروعات القومية أدت إلى تحسين مستوى المعيشة وخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، متوقعا استمرار انخفاض معدلات البطالة مع عودة النشاط الاقتصاد العالمي ما يعني زيادة معدلات النمو وتسريع وتيرة تنفيذ المشروعات وإعادة النشاط السياحي.
وحصلت مصر على ثقة العديد من المؤسسات الدولية والاستثمارية، وقالت "سلين ألار" رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي في مصر، في وقت سابق، إن الصندوق يرى انتعاشا أقوى للاقتصاد المصري خلال العام الجاري، مما يرفع معدلات النمو إلى 5.2%، ووفق تقرير الآفاق الاقتصادية الأفريقية فإن الاقتصاد المصري تعافى خلال 2022 من تداعيات جائحة كورونا ليسجل معدلات نمو بلغت 4.9%.
وتوقعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أن الاقتصاد المصري سينمو بنحو 6% خلال العام المالي المقبل، كما حددت الوكالة تصنيف مصر عند “B +” مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وفي السياق نفسه، أكدت وكالة كابيتال إنتليجنس خلال الفترة الأخيرة التصنيف الائتماني لمصر عند “B +” مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وقالت وكالة موديز إن التصنيف الائتماني لمصر عند “B2” مع نظرة مستقبلية مستقرة، ما يعكس الاقتصاد الكبير والمتنوع وقاعدة التمويل المحلية الكبيرة واحتياطيات النقد الأجنبي التي تكفي لتغطية الالتزامات الخارجية المستحقة في السنوات الثلاث المقبلة.
وفي الوقت نفسه، وضعت مؤسسة مورجان ستانلي للخدمات المالية والاستثمارية والمصرفية، في تقريرها الأخير الصادر في فبراير/شباط الماضي، الدين المصري في فئة أفضل تصنيف ائتماني للمدينين من الدول النامية، وفقًا للنتائج الإيجابية لمعايير قياس مستوى المخاطرة في سداد الدين، مما يبرز قدرة مصر على التحكم في ديونها، ووصولها إلى أسواق الدين، وحجم التدفقات التمويلية التي تأتي من الخارج.
قطاع الكهرباء من العجز إلى الاكتفاء
وقال هاني جنينة الخبير الاقتصادي إن قطاع الكهرباء على سبيل المثال كان قبل عام 2014 يعاني من تقادم شبكات النقل وعدم تجاوز القدرة الإنتاجية لمحطات الكهرباء 24.4 ألف ميجا وات وكنا نعتمد على الوقود الأحفوري، بعجز 6050 ميجاوات خلال موسم الصيف.
ورصدت الحكومة المصرية 614 مليار جنيه مصري منذ يونيو/حزيران 2014 وحتى الآن لإنقاذ القطاع ما أضاف 28 ألف ميجاوات وتم إنجاز 60% من المستهدف بنحو 185 مشروعا في قطاع الكهرباء.
مصر مركزا إقليميا للطاقة.. كيف حدث ذلك؟
تحولت مصر إلى مركز إقليمي للطاقة في الشرق الأوسط من خلال ضخ استثمارات بلغت قيمتها 900 مليار جنيه منذ 2014 وحتى عام 2021، لتنفيذ مشروعات في قطاع البترول والطاقة، وعلاج أزمة البنزين والسولار والبوتاجاز التي تفاقمت في 2013.
التشوهات الاقتصادية
برنامج الإصلاح الاقتصادي بدأ منذ عام 2016 وحتى عام 2019 وارتكز برنامج الإصلاح الاقتصادي على عدد من المحاور الرئيسية، أبرزها رفع كفاءة الإنفاق العام وترشيد الاستهلاك وتوصيل الدعم لمستحقيه من خلال برامج فاعلة للحماية والدعم الاجتماعي للفئات الأكثر احتياجاً، وزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم من 115 مليار جنيه في 2014 إلى 787 مليار جنيه في موازنة العام الجديد 2022-2023 التي ستنطلق في الأول من يوليو/تموز المقبل.
ورفعت الحكومة المصرية حجم الإنفاق على البحث العلمي بنحو 79.3 مليار جنيه بما يفوق نسب الاستحقاق الدستوري، وزيادة دعم الغذاء من 39.4 مليار جنيه في 2014 إلى 89 مليار جنيه في موازنة العام المالي المقبل، كما زادت مخصصات الدعم من 199 مليار جنيه في عام 2014-2015 لتسجل نحو 321 مليار جنيه في موازنة العام المالي الجديد.
aXA6IDE4LjExOC4yOC4yMTcg جزيرة ام اند امز