"مناهضة الأقنعة".. أساس تاريخي وستار لليمين المتطرف
في عام 1919 تشكلت رابطة مناهضة الأقنعة حول مبادئ أساسية، أبرزها أن الإجراءات الاحترازية ومنها الأقنعة تمثل اعتداء على الحريات
في منتصف جائحة مميتة تضرب العالم، تجمع بضعة آلاف من الأشخاص في سان فرانسيسكو الأمريكية للاحتجاج ضد الإجراءات الاحترازية الرامية لاحتواء العدوى، وأطلقوا على أنفسهم اسم "رابطة مناهضة الأقنعة".
هذا المشهد لم يحدث في عام 2020، أو بسبب فيروس "كورونا" المستجد، وإنما حدث قبل أكثر من 100 عام، حين كانت جائحة الإنفلونزا الإسبانية تجتاح العالم وتقتل وتصيب مئات الآلاف من البشر. لكن التاريخ يعيد نفسه، وعادت حركة مناهضة الأقنعة للظهور العام الحالي مع تفشي الفيروس التاجي.
وفي عام 1919، تشكلت رابطة مناهضة الأقنعة حول مبادئ أساسية أبرزها أن الإجراءات الاحترازية، ومنها الأقنعة الطبية الإلزامية تمثل اعتداء على الحريات الخاصة المضمونة بموجب الدستور والقانون.
وفي عالم اليوم، لم تختلف الأسباب كثيرا، إذ يرفض متظاهرو "مناهضة الاقنعة" إجراءات التباعد الاجتماعي، والمسافات الآمنة وقرار منع التجمعات الكبيرة، وكذلك ارتداء قناع الوجه "الكمامة" ويروا أنها تهديد للديمقراطية وحرية التجمع.
وتتواجد حركة "مناهضة الاقنعة"، وهي حركة احتجاجية بالأساس تضم الرافضين للإجراءات الاحترازية الرامية لاحتواء كورونا، في ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وأمس، تظاهر ما بين 200 و300 شخص من "مناهضة الأقنعة" في العاصمة الفرنسية باريس، للتنديد بالإجراءات الاحترازية لاحتواء كورونا. لكن الشرطة فرضت غرامات بلغت في المتوسط 130 يورو على نصف المتظاهرين بسبب عدم ارتداء الأقنعة الطبية الإلزامية.
وإذا مكن عدد المتظاهرين المحدود، الشرطة من التعامل بهذا الشكل في فرنسا، فإن نحو 40 ألف متظاهر من "مناهضة الأقنعة" تجمعوا في وسط برلين السبت الماضي، وأحدثوا حالة من الفوضى غير مسبوقة، وعجزت الشرطة عن التعامل معهم لساعات.
وحاولت الشرطة في البداية، منع المظاهرة من التحرك نحو وسط المدينة، عبر غلق الطريق بسيارات شرطية، ما أثار انفعالا كبيرا بين المتظاهرين الذين هتفوا "المقاومة"، و"دعونا نمر". واضطرت الشرطة بعدها لفتح الطريق، ثم بدأت حالة من الفوضى.
وفي تصريحات صحفية، قال رودي رايخشتادت، مدير مؤسسة "Conspiracy Watch" الإعلامية "خاصة" إن "مجموعة مناهضة الأقنعة تعد أقلية صغيرة للغاية في فرنسا، لكنها أكثر نشاطا في بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة، واستطاعت تحريك مظاهرات قوية في الدول الثلاثة".
واجهة للتطرف
للوهلة الأولى يعتقد المرء أن "مناهضة الأقنعة" حركة احتجاجية عادية ظهرت في فترة طوارئ، وتنتهي بنهاية الجائحة، لكن تدقيق النظر في قياداتها في ألمانيا على سبيل المثال، يرجح أنها واجهة لحركات أخرى يمينية متطرفة، وفق صحيفة بيلد الألمانية.
فعلى هامش مظاهرات برلين السبت الماضي، اعتقلت الشرطة أحدى الشخصيات البارزة في حركة مناهضة الأقنعة في ألمانيا، وهو أتيلا هيلدمان، الذي أشتهر كطباخ قبل سنوات، وأصبح قياديا في اليمين المتطرف، ومروجا للكثير من نظريات المؤامرة.
كما أن المظاهرات التي دعت لها الحركة في برلين السبت الماضي، انتهت نهاية صعبة إثر محاولة 300 شخص من مواطني الرايخ والنازيين الجدد، وهما حركتان يمينيتان متطرفتان، اقتحام مبنى البرلمان الألماني، ما يرجح أيضا أن حركة مناهضة الأقنعة واجهة لحركات يمينية متطرفة عنيفة.
وحاول مجموعة من الأشخاص يحملون علم الإمبراطورية الألمانية السابقة وشعارات نازية، اقتحام مبنى البرلمان وسط برلين، على هامش المظاهرات، مساء السبت.
وفي الحال، هرع عناصر الشرطة إلى الدرج المؤدي لمدخل البرلمان، ووقفوا كحائط صد ضد محاولات المجموعة دخول المبنى، ثم استخدموا رذاذ الفلفل لإبعاد المقتحمين. وأثارت هذه المحاولة صدمة وغضب في الأوساط السياسية الألمانية.
وترفض حركة مواطني الرايخ اليمينية المتطرفة الدولة الألمانية بشكلها القائم ولا تعترف بمؤسساتها القائمة، ولا تعترف أيضا بحدودها التي رسمت بعد انهيار الإمبراطورية النازية في 1945.
aXA6IDE4LjExOC4xNDAuNzgg جزيرة ام اند امز